ليلتكم سعيدة ايها السيدان /محمد الأمين محمودي

أحد, 23/01/2022 - 22:47

يسدف الليل على مساكن ثمود،هم الآن هم نائمون في بيوتهم وقصورهم أما الثانويون مهم ففي الأعرشة واللاأمكنة..يخلد الجميع للنوم،تنام البطون الغرثى لتوقظها الكوابيس والبعوض، فيما يدغدغ منامات أصحاب البطون المتخمة تيار بارد،وحلم وردي يعد بالوصول ضحى الى ثروة جديدة..وبين الدور والأعرشة والكوابيس والأحلام ودعة الحياة يجلس صاحبنا وصاحبه تحت ضوء خافت في زاوية الأبنية،ظلان يلقيهما شيئان من منسيات الحياة،هما رجل وكلبه،أو شيئ وكلبه،منحتهما الحياة سنوات من الألفة حتى صارا لبعضهما نسيبين، فهما غريبان لفظتهما الحياة، متى خلد الجسد المثقل للنوم بعد يوم من الأعياء والكد والتسول بسط الكلب ذراعيه وبرك لحراسته،يتحرك متى تقلب،وينبح متى اقترب الوزير او النائب او الدكتور او رجل الأعمال منه،فكل هؤلاء أعداء ولصوص وأبناء شوارع يشكلون خطرا على أخيه الراقد..لايعلم الكلب انهم لن يقتربوا من القذارة التي يسميها أخا ويحرسها..أحسن مافي الكلب هو الوفاء،وانبل مافيه هو اكباره لهذا المتسول واجلاله للرفقة واحتقاره للآخرين وكأنه يدرك بأن جلهم مسؤولون عن تشردهما بين الأزقة الخلفية للبيوت والمصانع..مبكرا أدرك الكلب بحدسه أن الآخرين هم السبب في كونه وصديقه يأكلان فقط من رائحة أفران الشواء،ويشربان الأجاج من مياه النافورات والجداول، ثم ينامان على لاشيئ.

وربما لايدرك الكلب كل هذا، ولربما يعتقد بأنه وصاحبه في الجنة وان الآخرين يعيشون العذاب،فبيت جميل وزوجة رائعة وأطفال ناجحون وحسابات في المصارف أشياء لاتعني للكلب أي شيئ،اذ محور الكون في ذهنه هو هذا الجسد الملقى على الرصيف، والحياة الحقيقية هي تلك التي ستبدأ بعد ساعات بالركض وراء المارة وتحريك الذيل لتتبع ظلال الجدران والبحث عن طعام ولو تسنه وشراب ولو من بركة ضحلة القرار، ثم البحث في الأخير عن بيت جديد ومنام جديد وحراسة جديدة وأعداء جدد للملك النائم..تصبحون على خير ياثمود،أما أنت أيها الراقد في العراء فربما تكون من نسل صالح وربما يكون كلبك من سلالة كلب الرقيم..لكن حتى لو كنتما كذلك وورثتما بعض أخلاق النبي عليه السلام والكلب الطيب الوفي فأحفاد عاد وثمود ودقيانوس لكما بالمرصاد،اذ  تناسلوا في هذا الكون وانتشروا وسيقفون في وجه كل محاولة منكما للعيش بكرامة كالآخرين..ففي النهاية أنتما كلب ومتسول..

ليلتكما سعيدة أيها السيدان