انطباعات أولية عن القمة العربية / إسلم ولد سيد احمد

أربعاء, 27/07/2016 - 13:35

في انتظار الكتابة-بشيء من التفصيل-عن القمة العربية التي عُقدت ببلادنا في 20 من شهر شوال 1437ه/ 25 يوليو/ تموز 2016م، ارتأيتُ  أن أشير في عجالة إلى ما يأتي:
1-من حسنات هذه القمة أنها جعلت الموريتانيين-بصرف النظر عن مواقعهم وتوجُّهاتهم السياسية-

 يقتنعون جميعًا بأنّ الأشقاء العرب المشاركين في القمة يُعَدُّونَ  ضيوفًا على الشعب الموريتانيّ، قبل أن يكونوا ضيوفًا على رئيس الجمهورية أو على الحكومة الموريتانية، أي أنهم ضيوفُ الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
يُستنتَج ذلك من البيانات الصادرة عن معظم أحزاب المعارضة، وما تناقلته وسائل الإعلام من تصريحات صادرة عن مواطنين من مختلِف شرائح المجتمع.
ولعلّ أهمّ درس يُستخلَص من هذا الإجماع الوطنيّ، يتجسد في أنّ قوتنا تكمن في وحدتنا، وأننا  بهذه الوحدة قادرون-بتوفيق من الله- على تحقيق المعجزات.
ولَمّا كان "الأمل" -من الناحية اللغوية-يَكثُر استعمالُه في غير الممكن، فإننا بوحدتنا هذه جعلنا الأمل ممكنا، وكسبنا رهان تنظيم القمة العربية  وإعداد العُدة لذلك في ظرف زمنيّ قياسيّ.
  لقد نجحت القمة "قمة الأمل" من خلال صدور بيان ختاميّ "إعلان انواكشوط" بمباركة جميع المشاركين، ونجح رئيس الجمهورية في تحقيق الوعد الذي قطعه على نفسه باحتضان القمة ولو تحت الخيام،  ونجح  كذلك في إدارة جلساتها بكفاءة عالية وكانت مُداخلاتُه في المستوى المطلوب-شكلًا ومضمونًا- مقارنة بمداخلات نظرائه، ونجحت المعارضة  عندما قررت تأجيل التجاذبات السياسية إلى ما بعد القمة حرصًا منها على المصلحة العليا للوطن، ونجحت السلطات المختصة في تحقيق الأمن والأمان للمشاركين، ونجح الشعب الموريتانيّ المضياف في إظهار الوجه الناصع  لبلاد شنقيط مهد العلم والصلاح والمعرفة والكرم والأدب والشعر...، ونجحت الصِّحافة الوطنية والدولية في تغطية فعاليات القمة على أحسن وجه، ونجح الأدباء والشعراء في تأكيد مكانة موريتانيا (بلاد المليون شاعر)، ونجح الكُتّاب والمدونون في مواكبة أعمال القمة...
وبكلمة واحدة: لقد نجحت القمة ونجحت موريتانيا، على الرُّغم من الوقت الوجيز (ثلاثة أشهر) الذي تمت فيه  التحضيرات للقمة.
ولا شك أنّه لولا هذا  الإجماع الوطني الرائع على ضرورة  أن تتكلل أعمالُ القمة بالنجاح، لما تحقق ما توصلنا إليه من نتائج باهرة ومشرفة.

لقد تمثلت بشائرُ الأمل-من بين أمور أخرى- في أنّ "بيان انواكشوط" جاء متوازنًا وملبيّا في حيثياته لما كنا نطمح إليه ولم يتضمن ما يُحرِج أيّ جهة عربية أو يجعلها تخرج عن الإجماع العربيّ في وقت نحتاج فيه إلى المزيد من رصّ الصفوف وتوحيد المواقف.
2-من حسنات القمة كذلك أنها جعلت عاصمتنا الفتية تلبس ثوبًا قَشِيبًا، استعدادًا لهذا التجمع العربيّ الكبير الذي تحتضنه بلادُنا لأول مرة منذ انضمامها إلى جامعة الدول العربية.
لقد أدركتُ في الحقيقة، بعد هبوط الطائرة التي كنتُ على متنها  في مطار انواكشوط الدولي-أمّ التونسي، أنني  نزلتُ فِعلًا بمطار دوليّ بكل المقاييس.
وعندما توجهتُ إلى المدينة ، وعلى مدى ما يناهز ثلاثين كيلومترا- وهي المسافة الفاصلة بين المطار والعاصمة- كانت الأضواء تتلألؤ على جانبي الطريق، الأمر الذي لم أكن أتصوره !
ولا تقتصر التغييرات الكبيرة التي عرفتها انواكشوط على إنشاء المطار المذكور، ولا على إصلاح الشوارع وترميمها وتزيينها بالإشارات الضوئية واللوحات الإرشادية، وإنما يشمل الأمر كذلك-على سبيل المثال- تلك الخيام الجميلة العملاقة التي نُصِبت بجانب قصر المؤتمرات، بالإضافة إلى  القرية الثقافية الرائعة التي نَقلت إلى المشاركين في القمة وإلى الزائرين-بصفة عامة-جانبًا مهما من تراثنا الغنيّ وثقافتنا المتميزة، بدل أن يتجشّمُوا عناء البحث عن كل ذلك في أرجاء مدينة انواكشوط الواسعة.
لقد زرتُ انواكشوط (آخر زيارة) في شهر مايو 2013م، ولا يمكن أن أصف للقراء الكرام التغييرات الجذرية التي عرفتها العاصمة في هذه الفترة الزمنية الوجيزة.
ويسرني بهذه المناسبة أن أهنئ فخامة رئيس الجمهورية/ محمد ولد عبد العزيز، على قراره الشجاع باحتضان القمة في هذا الظرف الدقيق الذي تعيشه الأمة العربيةً، آملًا أن ينجح-بصفته رئيسا للقمة لمدة سنة- في تقريب وجهات النظر العربية حول القضايا المصيرية، حتى نتمكن من مواجهة الأخطار التي تتهدّد نا جميعا.
وكما نجحت بلادنا في احتضان القمة وإحاطتها بالرعاية المناسبة وتقريب وجهات نظر المشاركين فيها، أرجو من العليّ القدير أن ينجح الموريتانيون-كل من موقعه- في تقريب وجهات نظر السياسيين الموريتانيين حول معالجة القضايا الوطنية، بطريقة تجعل المصلحة العليا للبلد فوق كل اعتبار.
وبذلك نضمن المحافظة على وحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعيّ، وننطلق في عملية البناء والتنمية والتقدم.