الدولة-السيركيلاسيوه/ حنفي ولد دهاه

ثلاثاء, 10/05/2022 - 22:52

لا شيء يشبه موريتانيا أكثر من حركة مرورها، ففوضوية السيركيلاسيوه و ضوضاؤها و ضجيج سياراتها يضارع شبهَ الغراب بالغراب واقعَ البلاد المتردي.

 

لا أحد في موريتانيا يجلس خلف مقود سيارته ليحترم إشارات المرور، تماما كما لم يحترم قادة البلاد و حكامها منذ استقلال البلاد دستوراً و لا قانوناً، و لعل مما يشفع ذلك بالحجة إغارة ولد عبد العزيز بياتاً على دستور البلاد و علمها و نشيدها و حله مجلس شيوخها دون أن تنتطح في الأمر شاتان.. 

 

الانتهاكات الدستورية التي كانت حنظلاً نقفاه نهايةَ مأمورية الجنرال الأرعن، لم تكن مما عافه النظام الحالي من موروث سابقه.. تماماً كما لم يعد تجاهل الإشارة الحمراء يستفز أعصابَ شرطي المرور..

 

في هذا البلد-السيركيلاسيوه لا احترام لـ”أولويات”.. فكما لا ينبغي لك أن تأبه لحق سيارة أخرى في الاجتياز قبلك، اضرب عرض الحائط بحق طالب الوظيفة “المتسابق” و  التلميذ “الممتَحَن” و العسكري المتتلع لرتبة، و رجل الأعمال المستحق لصفقة.. ما لم يكن سليل عشيرتك أو ابن جهتك.

 

لست ملزماً بحيازة رخصة سياقة، و لا بتمييز علامات الطريق (code de la route)، و لا باستحضار خطورة ذلك على أرواح المواطنين.. لا تكترث أبداً، فالمسؤولون و أرباب الإدارة ليسوا أحسن منك حالاً، فلا أهمية للشهادة، و لا عبرة بالكفاءة، و لا قيمة للتجربة.. فليست رخصة السياقة أو الشهادة الجامعية غير كاغدٍ، لا يساوي الحبرَ الذي رُقِم به..

 

ليترنح تحت إليتك كرسي هزار، و لترتفق فوق هامتك أبهة المنصب، فأنت تستحق ذلك.. أنت من اقترحك شيخ القبيلة الهرم المزمّل في بجاده لتمثّل مصالح “بني الجعراء”.. 

 

إن كنت تمتطي متن عربة فارهة فلن يسجل “أمني الطرق” مخالفاتك، و إن خَرَم القاعدةَ فأي مخالفة لاتمحوها مائتا أوقية؟!.. أخوك في الدولة- السيركيلاسيوه لا يعاقب إطلاقاً على اختلاسه إن كان ابن عشيرة.. 

 

لاتهتم لفوضوية توزيع “إشارات المرور”، و لا يستوقفك عدم دقتها.. فليست أحسن حالاً من ديمقراطيتنا الملهاة ٍالتي نعلّل بها كمصاصة رضيع.. ديقراطية صحافةٍ ببغاوات، ونوابٍ نوائب، و أحزابٍ تخجل نوادي التعري أن تشبّه بها.

 

يمكنك و أنت تطارد العواصف بسيارتك العجماء أن تسحق المارة  بعجلاتها الصُّم، فلا قودَ بين قبائل الصحراء و لاعاقلة..

 

ثرثر في هاتفك و دردرش، و ضاحِك اللعوب التي تجلس جنبك، فأولويتك أن ترضيها، لا أن تحافظ على أرواح الناس..

 

يمكنك -حتى- أن تقود السيارة و قد تعتعك السكر. . فأنت و المسؤول الرسمي لا تأبهان لغير الحوراء بضّة المتجرد التي تسكرك برضابها.. أما نحن “أولاد الكلب الشعب” فلا نستحق من سيادتك تقطيب جبين..

 

ما تفعله في السيركيلاسيوه هو نفسه ما يفعلونه بالدولة فلماذا تكترث..

 

أبداً.. إياك أن تكترث.!.