شئ من التاريخ : 3000 من اركيبات ينضمون لموريتانيا (تسجيلات من الحفل) 

اثنين, 29/08/2016 - 02:25

بلاد البظان

 

كميس الهوادج شرقية ::ترش على الشمس حلوا الحدا

 

كدندنة البدو فوق سرير:: من الرمل ينشف فيه الندا

 

ومثل بكاء المآذن سرتُ :: إلى الله أجرح صوت المدى

 

 

 

لم تعرف هذه الأرض السائبة بهذا المنتبذ القصي دولة مركزية، بل كان الناس في هذا المنتبذ على فترة من الحضارة، ما بعد المرابطين إلى ما قبل الاستعمار يجمعهم فضاء هلامي يسمونه مجازا أرض البظان أو اتراب البظان.

 

وحين لاحت بوادر قيام الدولة بدأ المنظرون ينظرون لقيام تلك الدولة الوهم كي تتحقق وهي دولة البظان والتي تمتد من الساقية الحمراء شمالا إلى أندر جنوبا و أزاواد شرقا. مجموعة تحكمهما نفس الثقافة واللغة ونفس المشاعر، كما أن نمط الحياة في هذه الأرض واحد والتعبير عن المشاعر يتم بنفس الوسيلة اللغوية تقريبا، الجميع  يلبسون الدرعة ويستعملون ذات الراحلة وويصيخون السمع إذا استبد بهم الحنين لأنغام ذات الآلة التدنيت، ويقتلون "صيبانة آدواخ" بذات الشاي الأخضر ويعدونه بذات الطريقة مستغرقين جيماته الثلاثة، حدود دولة نظر لها المفكر محمد ولد مولود ولد داداه وما انفك يتوق لقيامها.

 

ولقد كان المختار بن داداه مستحضرا في ذهنه هذه الوحدة الترابية لأرض البيظان حين افتتح كلمته يوم نجح نائبا عن آدرار ر فى الأول من يوليو سنة 1957 قائلا:

 

"إن أرض البيظان من الساقية الحمراء "أعيون المدلشي" إلى أزاواد إلى أگمينى "أندر".ولقد ظل الرئيس المؤسس المختار ولد داداه متشبثا بوحدة الأرض والدم والمصير خاصة مع الصحراء وساكنتها وأرضها، ولئن ذهب إقليم أزواد ثمنا باهظا لاسترجاع الحوضين من جمهورية مالي، فإن ساكنته ظلت جزءا من المنتبذ القصي وظل هو جزءا من وجدانها، ولقد ظلت الصحراء تاريخيا جزءا من المنتبذ القصي "موريتانيا"٬ ولم يتم الفصل بين موريتانيا وإقليم الصحراء إلا عام 1900 حين تقاسمت فرنسا وإسبانيا المنطقة٬ فأخذت إسبانيا موريتانيا الصحراوية وكانت موريتانيا الموريتانية من نصيب فرنسا.

 

وقد نص اتفاق التقسيم بين فرنسا و إسبانيا على عدم السماح للنفوذ المغربي بتجاوز وادي درعه٬ وعلى تشكيل لجنة لرسم الحدود بين البلدين٬ ولكن هذه اللجنة لم تجتمع قط. وهكذا بقيت الحدود غير مرسومة٬ وفي بداية السبعينيات حاولت إسبانيا ترسيمها ولكن

 

موريتانيا رفضت ذلك بقوة.

 

وقد طرحت قضية النزاع بين المغرب وموريتانيا على الصحراء الغربية على محكمة العدل الدولية التي تقدم لها الطرفان بحججهما٬ وفي النهاية حكمت بأن:

 

- موريتانيا لها حقوق ثابتة في الصحراء ولها حقوق في أرض الصحراء٬ ومعنى هذا أن المحكمة رأت أن هذه الأرض بالمعطيات السالفة الذكر أرض موريتانية.

 

- المغرب كان له ولاء بعض قبائل شمال الصحراء وهذا الشيء معروف.

 

وخلصت المحكمة إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وقد أكد وجهاء قبائل الصحراء والفئة الواعية من شبابها والمسماة بجبهة البوليساريو في مؤتمر طرابلس الغرب في ليبيا عام 1975 على لسان الولي مصطفى السيد انتماء الصحراويين للمجموعة الموريتانية٬ وهذا ما تدركه إسبانيا وتسلم به.

 

ولذلك حين قررت إسبانيا الخروج من الصحراء أطلعت الحكومة الموريتانية على قرارها وتعهدت بإشعارها قبل شهر من تنفيذه٬ وهو ما حدث فعلا عند انسحابها من بعض المواقع. 

 

وفي الوقت الذي كانت موريتانيا تدافع فيه عن تمسكها بالسيادة على إقليم الصحراء فإنها لم تستبعد تشجيع كيان سياسي يجمع شتات القبائل الصحراوية على أن يرتبط بعلاقات خاصة مع الدولة الموريتانية من قبيل النظام الكونفدرالي مشكلا في الوقت ذاته حاجزا يفصل الأراضي الموريتانية عن المملكة المغربية التى كانت لها مطامع في موريتانيا وهي خطوة كان من المتوقع أن تحظى بمباركة إسبانيا والجزائر لانسجامها مع مطامعهم الاقتصادية والاستراتجية، ولتأثيرها السلبي على المغرب، إلا أن هذه الفكرة قد اصطدمت في النهاية ببعض المعوقات أهما رفض الصحراويين لاعتماد الوسائل السياسية واصرارهم على مواصلة المقاومة ضد الاسبان، ورد الفعل الاسباني على هذه السياسة والموقف المغربي الرافض لحل لا يكون أحد أطرفه الرئسية، مستندا في ذلك على الجامعة العربية والأمم المتحدة وعلى الدعم الفرنسي والأمريكي، كما يبدوأن الرئيس المختار ولد داده قد وصل أخيرا إلى قناعة تامة بأن التنسيق مع المغرب في حل المشكلة الصحراوية يبقى أكثر وجاهة من غيره

 

وفي خضم هذه التفاعلات جاءت اتفاقية مدريد في نوفمبر 1975 التي تقر مسؤولية الأطراف الثلاثة: المغرب٬ موريتانيا٬ إسبانيا' في إدارة شؤون الإقليم تحت إشراف الأمم المتحدة تحضيرا لاستفتاء يقرر فيه الشعب الصحراوي مصيره.

 

في 14 نوفمبر 1975، صدر بيان ثلاثي: إسباني مغربي وموريتاني.  و نص على تسليم الأرض للمغرب وموريتانيا بالإضافة إلى مجموعة اتفاقيات تتعلق بالصيد والتعاون الاقتصادي والصناعي. وقد اتضح فيما بعد أن تنازل إسبانيا عن الإقليم كان مقابل إشراكها في استغلال مناجم فوسفات بوكراع، وبقاء أسطول صيدها البحري في المياه الإقليمية الصحراوية، وبضمان قاعدتين عسكريتين لها قبالة جزر الكناري

 

وقد وقعت الاتفاقية بالعاصمة الإسبانية مدريد من طرف كل من من الوزير الأول المغربي أحمد عصمان و وزير الخارجية الموريتاني حمدي ولد مكناس وممثل عن الحكومة الاسبانية، وأصبحت سارية المفعول بعد تصديقها من طرف ولي عهد إسبانيا خوان كارلوس في 21 من الشهر نفسه.

 

كانت إسبانيا تعيش ظروفا استثنائية٬ فحاكم أسبانيا "فرانكو" كان طريح الفراش والبلد يشهد مرحلة انتقالية لأن فرانكو لم يكن قد وطد دعائم حكم خليفته المرتقب. وهو ما انتهزه الملك الحسن الثاني فنظم المسيرة الخضراء واحتل الصحراء٬ فانقلبت الأمور رأسا على عقب. وانسحبت إسبانيا فجأة٬ فخلت الصحراء وأصبح منطق القوة وحده هو السائد فيها.

 

لقد طالبت موريتانيا بحقها في البداية ولم ترض بسياسة الأمر الواقع٬ ولأن الاستفتاء لم يتم والإدارة المشتركة لم تستمر٬ فقد بقيت موريتانيا والمغرب وجها لوجه في الإقليم ودخلتا في مفاوضات. 

 

الجزائر لم تبد أي مطالبة بالصحراء في البداية  بل كانت تنظر إليها باعتبارها قضية موريتانية مغربية من جهة٬ وقضية تقرير مصير الشعب الصحراوي من جهة ثانية٬ وهو ما عبر عنه الرئيس الجزائري هواري بومدين في قمة انواذيبو التي جمعته مع المختار بن داداه والملك الحسن الثاني عام 1970 حين صرح للصحفيين بأن الجزائر توافق على أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان المغربي والموريتاني.

 وقد أعاد بومدين التأكيد على هذا الموقف في مؤتمر القمة العربية في الرباط قائلا إن القضية تعني المغرب وموريتانيا، والجزائر تبارك أي اتفاق يتوصل إليه الطرفان٬ وحين حصلت اتفاقية مدريد غيرت الجزائر موقفها وترددت الأنباء في حينها أنها طلبت من المغرب منفذا على المحيط الأطلسي عبر تيرس الغربية ولكن المغرب رفض الطلب.

 

وقد بذلت الدبلوماسية الموريتانية مجهودا كبيرا إلى أن تم اتفاق تقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا وهو ما غير الأمور بشكل كامل٬ فدخلت الجزائر طرفا مباشرا في الصراع وجمعت عناصر البوليساريو وأمدتهم بالسلاح ودعمتهم ميدانيا.

 

وقد فوجئت موريتانيا بتحول الصحراويين ممثلين في جبهة البوليساريو والذين يعتبرهم الشعب الموريتاني جزءا منهم وكانت الحكومة الموريتانية تقدم لهم الكثير من الدعم٬ بالتحول إلى أعداء وقيامهم بضرب بعض المواقع الموريتانية في إينال ولگويرة.

 

 وترى موريتانيا أنها كانت محقة في دخولها الحرب وذلك للدفاع عن حقها في الصحراء؛ ذلك الحق الذي أقرته محكمة لاهاي٬ كما يرون أنه لولا الجزائر لما كانت الحرب٬ لأن الصحراويين كانوا في تعايش تام معهم٬ وكانوا يرونهم ولا زالوا جزءا لا يتجزأ منهم.

 

الحرب أدت إلى إضعاف موريتانيا٬ مما مكن جيشها من السعي لانقلاب عسكري على ولد داداه تذمرا من الصراع الصحراوي٬ وآل الأمر بالعسكر إلى توقيع اتفاق في الجزائر مع البوليساريو في أغسطس عام 1979 تخلت بموجبه موريتانيا عن وادي الذهب الإقليم الصحراوي الذي كان تحت حوزتها. 

 

خسر المنتبذ الصحراء رغم أنه  لم يخسر الحرب لقد ظل يسيطر على إقليم وادي الذهب "ولاية تيرس الغربية" بالكامل كما أن عدد القتلى والأسرى كان قليلا بالنظر للأهداف وحجم المكاسب٬ كما أن الدولة لم تتحمل أي أعباء اقتصادية إذ لم يتم اقتراض أي أموال بسبب هذه الحرب لأن هناك دولا صديقة تحملت جزءا كبيرا من النفقات تمثلت في محور دكار الرباط الرياض باريس وبعض دول الخليج، وكان من الآثار الإيجابية للحرب أن أسست موريتانيا جيشا وطنيا قادرا على حماية الحدود ونوفير الأمن للمواطن.

 

لا يزال حلم وطن البظان قائما فالبظان في أزواد لن يكونوا ماليين كما أن بظان الصحراء لن يكونوا أي شيء غير البظان، والبظان وطنهم سيظل واحدا

 

مهما غَلَوْنا في تباعدنا :: فالحبُّ أكبرُ من خطايانا

 

قدرُ علينا أن نكون معاً::يا إخوتي. رغم الذي كانا

 

إنّ الحديقةَ لا خيارَ لها::إنْ أطلعتْ ورقاً وأغصانا

 

هذا الهوى ضوءٌ بداخلنا::ورفيقُنا.. ورفيقُ نجوانا

 

كامل الود 

نقلا عن صفحة المدون إكس ولد إكس إكرك