سيبقى أحمد ولد داداه رغم عدم ترشحه الرجل والزعيم / الدكتو محمدولد محمد الحسن

سبت, 13/04/2019 - 12:08

سيغيب هذه المرة أحمد ولد داداه عن الماراتون الرئاسي القادم وبالرغم من ذلك فسيبقى الي الابد الرجل السياسي والزعيم التاريخي.

ويعتبر ذلك مكسبا كبيرا يتم عن الكثير من النزاهة و الثبات و الوطنية و وفاء العهد و الإخلاص للخالق وللمبادئ كما يعكس أيضا الثقافة المتعددة و التلاوات القرآنية

عديد من المظاهرات والمهرجانات في الشوارع لم تشغل الرجل عن العبادة و الاعتكاف في المساجد، وحتي المحاكمات و المضايقات و الخيانة والسجن لم تستطع مجتمعة ان تثني الرجل العظيم عن التمسك القوي بمبادئه.

ومن شمائل أحمد داداه انه يتمتع بإنسانية فائقة، مما يجعله "عملة جيدة"، حيث ان "العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة"، تلك الظاهرة المعروفة لدي الاقتصاديين.
ولنتأمل سعر العملة الذي حققه في عهده وهو آنذاك في السلطة ولنقارن ذلك السعر مع سعر العملة في هذه الأيام العجاف و بالرغم من اكتشاف واستغلال الذهب في البلاد من بعده.
فلا حاجة لي في شرح العلاقة بين العملة والذهب ما دام الجميع علي علم منها اكثر مني.
اني لا امتلك أرقام بين يدي إلا ان انخفاض قيمة عملتنا منذ زمنه تراوح بين 10 الي 20 مرة أي ان قيمة الاوقية في عهده كانت تتراوح ما بين 10 و 20 مرة من قيمتها اليوم.

ويقال أيضا أن المال ظل الملك!

كما يحدث أيضًا، على خلاف المنطق السليم وقيمنا الحضارية، أن نستبعد التجربة والحكمة بسبب "الحد العمري" ، في الوقت الذي لا يوجد حد معين للجهل و الامكانيات المعرفية و الثقافية!
وباختصار! لقد كان مرشحًا منذ 26 عامًا. وكانت الشعبية الجارفة ستوصله في الحالات الاعتيادية إلى السلطة!

وقد كنت آنذاك ممثله في تفرغ زينة، حيث تم تكليفي بإدارة حملته. وقد وصلتنا في تلك الفترة ونحن مجتمعين في مكتب الحاكم الموقر آنذاك الوزير يحيي ولد سيد المصطف، ما بين الساعة الثامنة مساء و منتصف الليل، نتائج 20 مكتب اقتراع صوتت كلها لصالح مرشحنا: أحمد ولد داداه.

وقد كانت تلك النتائج الجزئية كفيلة للتنبؤ بما ستؤول الي الامور

وكان ممثل منافسنا يخبر رؤسائه (وهو ما يستدعي الذكر) بنتائج فرزنا للمكاتب الواحد تلو الاخر، قبل ان يصله فجأة امر بالاتجاه الي مكان ما!

وظل مقعده شاغرا لمدة ساعة، ساعة الانعراج المصيري. ساعة تاريخية كانت شاهدا علي التخلي عن المظاهر الديمقراطية لصالح النتائج الصادرة من عين بنتيلي و كوبيني

فغمرت بشكل مكثف النتائج التي تصب في صالح الرئيس المنتهية مأموريته أمواج اذاعة موريتانيا، لتجعلنا في حيرة من الامر الغريب، قبل ان تصل آذاننا شائعة تطويق نواكشوط بدبابات جيشنا الوطني.

لقد حدث كل شيء بشكل طبيعي في هذه المقاطعة التي حصل فيها احمد ولد داداه، بعد انتهاء فرزالمكاتب، حوالي الساعة 6 صباحًا، أغلبية ساحقة في 25 من أصل 27 مكتبً ا.

إلا انه تم اتخاذ قرار في اللحظة الأخيرة بمنع ممثلي أحمد ولد داداه من مرافقة المحاضر و النتائج الي مباني وزارة الداخلية.

وما جري بعد ذلك فهو معروف لدي الجميع وهو فوز المرشح أحمد ولد داداه الذي حول بمنطق قوة الجيش وإساءة وزارة الداخلية لاستخدام السلطة الاتتصار الي خسارة والي فشل لموريتانيا و للديمقراطية، الي انتكاسة للتنمية المنسجمة، بشهادة، كل مواطن متطلع ولوعلي الضئيل من مشوار أحمد ولد داداه

فلا حاجة لي في الحديث عن حصيلته، أطال الله عمره و أحاطه بصحة جيدة.

وإنما اتكلم عن الخسارة لمعرفتي بالرجل والمسير للمولود الجديد بدء من شبه نقطة الصفر، ألا وهو البنك المركزي الموريتاني.
فمن يقدر علي تفنيد قولي بأن الاول في هذه الهيئة كان دائمًا آخر من يغادر مكتبه وأول من يوقع علي كشف الحضور اليومي .
فكان كل وكيل في البنك قادر علي شرح و فهم جميع القرارات الصادرة عن المحافظ، لأنها كانت دائما مبنية علي اسس تطبعها الشفافية والعقلانية والمصلحة العامة.
وبالرغم ان النظام الأساسي للبنك يكفل تكاليف الفندق لكل من المحافظ و المحافظ المساعد، فلم تتعدي مصاريف أسرة ةلد داداه المقدمة الي
المصالح الإدارية بالبنك المركزي فواتير "أوم" و" آجاكس".
وهو الامر الوحيد الذي لاحظته بحيرة واستغراب اثناء مهام التفتيش التي قمت بها مدة سنين عديدة وأنا أؤدي مهمتي بوصفي مفتشا.
فالرجل كان نظيفا بكل ما في الكلمة من معني.

ان أول تكوين مستمر تم تنظيمه في البلاد كان من مهام مركز التكوين المشترك بين البنوك الذي تم انشائه سنة 1976 و الذي كان يتيح للدفعات الداخلية الولوج الي التدريب و المهارة.

اما في زمننا الحاضر، فتقتصر بالإشادة بالنفي: "إنه لا يفعل هذا ... إنه لا يقوم بفعل ذلك الامر غير ألاخلاقي أو المستهجن

انني لا احتاج في كلامي عن السيد أحمد ولد داداه، الي اللجوء إلى تلك العبارات، التي هو ومن حوله في غني عنها. فقد ارتفعوا عن سخط الافعال من قبيل "لم...، ابدا...، لا لا، لا يسرق ... ليس مرتشي وليس مستبد ".

لقد كانوا بكل بساطة أكفاء ومتفانين لوطنهم، كما كان أحمد يعترف لرفاقه بتلك الميزات و لايمل في الثناء عليهم و الاعتراف لهم بحسن الاداء في مهامهم.

ولسوء الحظ بالنسبة لنا، أو لحسن الحظ، لن نستطيع أبدا تقدير الخسائر التي لحقت ببلادنا (خسارة ثقيلة يستحيل تحديدها)، قد تكون ناجمة عن حرمان أحمد ولد داداه، أحد افضل المسيرين في البلاد وكذلك ابنائه الطيبين المقتدرين، من استفادة موريتانيا من مواهبهم الكبيرة كمسيرين ذوي كفاءات عليا، كأباء طيبين و جيدين لآسرهم، كما يقول الحقوقيون -، لخدمة تنمية موريتانيا من جديد.
فلا حاجة لأحمد أن يكون مرشحًا؛ وهو الذي فاز في سباق رئاسيات 1992!

لقد حدثت حالات عديدة من سرقة المال العام منذ 1978، مثلت أكبر وأخطر فساد ونهب واستنزاف للممتلكات العمومية، سيواجه لامحالة اصحابها المحاكمة الإلهية ومسائلة التاريخ.
.
فلنتعلم كيف نعترف بالجميل لرجالنا العظماء للرفع من شان امتنا.

وهو ما حاولت القيام به بتواضع. لكنني أشعر أنني لم أقل ما يكفي. ... بالتأكيد لا شك ان شهودا نزيهين آخرين سيشاطرونني الرأي و يضيفون اكثر، كما سيتوسلون معي الي الله للوقف الفوري لدوامة الاستيلاء المتكررة؛ لأن ذلك سيجنبنا فوضى مأساوية ومدمرة بلا رجعة..

محمد ولد محمد الحسن