العميد محمد المختار ولد محمد فال/ يكتب عن لجنة دعم صندوق الصحافة

أربعاء, 27/01/2021 - 14:02

تمثل لجنة دعم الصحافة الخصوصية في موريتانيا أداة لا غنى عنها لإصلاح وتمهين الصحافة الخصوصية بالبلد، المنكوبة بحالة هلامية، كل صفة يمكن أن تطلق عليها، باستثناء تسمية الصحافة، الشيء الذي دفع بالبعض إلى تشبيه وضع التجربة الصحفية بالبلاد، بحالة يوزع فيها السلاح على كل من هب ودب، بشكل مرخص والسماح لحاملها بجميع الاستخدامات القاتلة أو الإستعراضية دون عقاب.

ولعل أكبر مشكلة واجهتها “التجربة الديمقراطية” في موريتانيا، هي أنها ولدت ولادة قيصرية، غير مدروسة ولا مرغوبة رسميا، الشيء الذي أدى إلى “فوبيا” رسمية من حرية الصحافة ومصداقيتها، فكانت الأنظمة المتعاقبة، تعمل جميعها بإرادة وعن سابق إصرار من أجل إغراق المهنة الصحفية بأصحاب السوابق والأميين ومنحرفي الجهات وشذاذ الآفاق، وتركهم يسرحون ويمرحون، ينهشون عرض هذا ويبتزون ذاك، بغية الحصول على فتات مادي هزيل، ويطرون آخرين بشكل فج، يخدش الذوق السليم، بمجرد إماءة بالعطاء.. فأصبحت كلمة “يتواصل”، هي أهم إشارة لمواصلة الاستهداف الشخصي لكل من لم يدفع أو يعد بالدفع.

حدث كل هذا في ظل قانون بدأت جميع مواده ب”يعاقب كل من..”، دون أن يحصل عقاب، بل حوربت لجنة أخلاقيات الصحافة رسميا ومنعت من أن يكون لها أبسط تأثير، فشوهت الحياة العامة وهزلت التحليلات السياسية، فعتمت الرؤية وضاعت فرص لا تعوض، الشيء الذي رسخ التفاهة وجعل من مهنة الصحافة مهنة من لا مهنة له، فتحولت عندئذ إلى معول لتفتيت اللحمة الوطنية،غيبت الماضي وزرعت الشك في الحاضر والمستقبل، بل وصل بها الأمر إلى خلق واقع، كاد أن ينسف علاقات البلاد بالجوار المغاربي القريب.

إن وضعا كهذا لا يمكن أن يستمر، وعلى الجهات المعنية تجاوزه بسرعة الضوء، لأنه وضع قاتل ومفجر للحمة الوطنية ومعول هدم ضار بالحياة العامة والخاصة.

لذا فإن تفعيل نتائج عمل لجنة إصلاح الصحافة فور نشره، يمثل خطوة في خارطة إصلاح الصحافة- مهما كان قصوره عند البعض- فوضع الصحافة الخاصة خطير، يجب أن نتدخل جميعا لإخراجها من الغيبوبة التي دخلت فيها بعد ميلادها بوقت قصير.

ولعل مضمون تقرير لجنة صندوق دعم الصحافة الخصوصية، الذي نشر أمس، قد حمل بشارة الشروع في الإصلاح الجاد والمسؤول، بعد اختطاف الصندوق مؤخرا ولدورات عديدة، حيث غابت المعيارية وسادت الفوضى وذهب الدعم إلى غير أهله.. فهذه اللجنة قد قامت هذه السنة بعمل، يمثل أساسا يجب أن يبنى عليه، حيث وضعت شروطا، لحصول أي مؤسسة على الدعم، تتمثل في التدقيق في الوثائق الأساسية، وخصوصا أرقام التعريف الضريبي وإعلانات الظهور والتراخيص؛ إضافة إلى التحقق من تطابق روابط ومحتوى المواقع الألكترونية، مع تاريخ الإنشاء والأرشيف والمحتوى المنشور عبر الشبكة؛ وتقييم انتظام صدور الصحف ومدى التزامها بدورية نشرها.

فما دامت جميع العمليات الجراحية التي تتم عادة بدون تخدير، لا بد أن تصحبها عملية صراخ وعويل، فيجب أن تسير القافلة ويترك المتسلقون: عوالق المهنة، يتولون بقية المهمة.. فالحق أحق أن يتبع.

محمد المختار ولد محمد فال.

نقلاعن  المرابع ميديا