طبيب تونسي يعزف بكمامه الأمل لمرضى كورونا وعالم جزائري يذهل العالم!

أربعاء, 17/02/2021 - 22:05

 مريم مشتاوي

كتبت الأديبة السوريّة غادة السمان في مقال نشرته في «القدس العربي» في 14 أكتوبر/تشرين الأول سنة 2016 ، وكان عنوانه «حذار ممن لا يحب الموسيقى» جملة علقت في ذاكرتي المنهكة بفعل الأحداث المأساوية المتراكمة في عالم قلق: «أعتقد أن الذين لا تهزهم الموسيقى لهم أرواح بلا أوتار».

نعم قليلون جداً من لا تحرك الموسيقى رمالهم الراكدة في الأعماق. قليلون من لا تستفزهم الأنغام ليتشبثوا بالحياة ويتمسكوا بخيوط الأمل. قد نستمع أحياناً لمقطوعة موسيقية فقط لنحاكي أحزاننا أو لنتصالح معها أو لنعيد ترتيب ماضٍ مبعثر أو لتشكيل الحاضر، كما يحلو للأحلام.

وما أحوجنا في زمن الكورونا إلى الموسيقى نغسل بها مخاوفنا وأرواحنا الهشة.

هكذا انتشر بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لطبيب تونسي يدعى محمد صالح سيالة يعزف على آلة الكمان لمرضاه المصابين بفيروس كورونا في مستشفى الهادي شاكر.

قال سيالة إنه أراد أن يبث الأمل في المرضى، مضيفاً أن هذا واجبه كطبيب وفنان لأن «أهم علاج هو الأمل».

كان يمشي في ممر أزرق وأبيض طويل، كأنه يشق الغيم الأبيض ليكشف عن زرقة سماء خجول تنبىء بربيع آت.

يحمل كمانه فوق كتفه ويدور من غرفة إلى أخرى ليبثّ في المصابين شيئاً من السعادة والبهجة، والأمل.

يقف عند عتبة الباب برهة ينظر في عيونهم وينتظر قليلاً حتى تضيء ليطمئن عليهم، ثم ينتقل إلى الغرفة المجاورة. وكأن ذلك النور تواطأ مع أنغامه ليشق طريقه إلى أعماق أعماقهم، هناك حيث تجري المياه الدافئة، حيث منبع الدموع الحقيقية ومرايا الذات. هناك لبس النور دموعه وخرج ليبعث الحياة في وجوههم الشاحبة.

يقول سيالة إن تلك الدموع المضيئة، دموع الفرح، كانت تكفيه.

ألم يقل الكاتب الإسكتلندي توماس كارليل «إذا كانت للملائكة لغة تتحدث بها فإنها بلا شك الموسيقى».

إن شاهدت الفيديو جيداً لا بد أن ترى الملائكة حاضرة تحرك أصابع الطبيب لتخفف من أوجاع المرضى، ومن تلك الوحدة التي تقلقهم بعيداً عمن يحبون.

 

عالم الفيزياء

 

ومن تونس إلى الجزائر أرض العظماء، قصة نفتخر بها جميعاً. قصة عالم جزائري ولد في قرية صغيرة في ولاية الوادي. انتقل إلى الجزائر العاصمة للدراسة، حيث تفوق في علم الفيزياء. فأعطته الدولة منحة للدراسة في واحدة من أشهر جامعات أمريكا، هي جامعة ستانفورد. هناك تخصص في الفيزياء التطبيقية وحصل على شهادة الدكتوراه ليصل بعدها بمجهوده وذكائه إلى أعلى المناصب في أهم الشركات العالمية، ومنها «غوغل» و»سيلكون فالي» في كاليفورنيا.

أكثر من 1500 اختراع.

460 اختراعاً مسجلاً في أمريكا فقط. عدا الاختراعات المسجلة في بلدان أخرى.

لقد أذهل العالم بأجمعه.

أول اختراع له كان منذ ثلاثين سنة وبعدها تتالت الاختراعات.

عالم أصبح حديث دول العالم المتقدمة كأمريكا واليابان. هنأته السفارة الأمريكية على اختراعاته. وصنف على أنه أكثر المخترعين إنتاجاً وأهمية في العالم.

بفضله صَغُرَت شرائح الهواتف والكمبيوتر لأقل من عشرة أضعاف مما كانت عليه من قبل. كانت سرعة الكمبيوترات بطيئة جداً وأحجامها كبيرة فقام بلقاسم بتصغيرها وزيادة سرعتها.

من هي هذه الشخصية المتفوقة وكيف تمكن من ابتكار 1500 اختراع؟

إنه بلقاسم حبة، البروفيسور والعالم الجزائري المتواضع، يقول في حديث له على إحدى القنوات العالمية:

كان مجرد احتمال أن أكون. أنا يمكن أن يكون أي شخص. لا أختلف إطلاقاً عن أي منكم.

لا يا دكتور تختلف «ونص» عن كثيرين، ليس فقط بنسبة ذكائك، بل لأنك وظّفته في ما يرفع من اسم بلدك عالياً.

كثيرون من حكامنا يوظفون ذكاءهم، إن وجد بعضه طبعاً، في تدمير الأوطان وتجويع شعوبهم وسرقة ممتلكاتهم والإحتيال.

لقد عاد بلقاسم إلى الجزائر، وهو يرغب في مساعدة بلده الأم وتطويره وبنائه. لكنه بقي في الجزائر سنتين فقط، بعد أن صدم بالحرب الأهلية، التي وقفت له بالمرصاد في التسعينيات، فاضطر إلى العودة لأمريكا والحرقة تعتصره.

لكنه ما زال يحلم بالعودة وتأسيس جمعية تساعد كل المبدعين والمتفوقين العرب.

بلقاسم حبة، العالم العبقري فخر لكل عربي ومثال يحتذى به في عطائه وحبه لوطنه الأم.

قصته انتشرت مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي واجتاحت الفضائيات، ربما لتذكرنا بأننا شعوب تستحق الحياة أيضا.

 

كاتبة لبنانيّة القدس العربي