مما لا شك فيه أن الإرهاصات الأولى لتسيير وزارة التهذيب في العهد القائم شكلت مفتاح شهية يسوق إلى الإصلاح المنشود؛ بعد عهود الخيبة والتردي والقنوط..
فظهرت زيادة الإنفاق على التعليم إيجابية حتى وإن كان مستوى المرجو أكبر؛ فإنها كشفت عن حسن النية، وكان التلاقي مع النقابات التي كانت في سالف الزمن معزولة عبارة عن تحقيق أمنية.. ساد الأمل وعم التفاؤل بالخير، وزادت نشوة انشراح الصدر بإنشاء مجلس أعلى للتهذيب ذكرت على رأسه ذائعة الصيت في فضاء التربية والتعليم، وزاد انبلاح صبح الإصلاح مع تنظيم التشاور حول التعليم -جهويا ووطنيا- والذي تجاوز مسار توصياته العرض على الحكومة والموافقة منها؛ وينتظر أن يمر عبر البرلمان حتى يكون عمدة في القانون لا فضلة في الترتيب والتنظيم؛ وطبعا سبقت هذا التشاور نقاط مضيئة في ساحة الإصلاح منها -ذكرا لا حصرا- تسيير القطاع وفق نظام معلوماتي محكم يضمن السيطرة على حركة المدرسين في الميدان؛ وسيظهر مع تفعيل هذا النظام المعلوماتي وضبط حركية المدرسين أن فجوة كبيرة أحدثها التموقع الفوضوي للمدرسين، وزادها سلبية التغطية على المختفين والمسيبين!!
ومن تلك النقاط تثمين مهنة المدرس التي ينبغي أن تدعم إجراءاتها العملية باعتماد سلك معلم رئيس انطلاقا من الموجود في الميدان ممن تتوفر فيهم شروط ذلك ثم تتواصل بولوج شعبة تغذي هذا السلك بالنسبة للوافدين، ولن يستقيم حال التثمين وتتناسق خطوات الإصلاح قبل اعتماد سلك للمؤلفين التربويين يضمن جودة وانتظام إنتاج المدرس الصامت (الكتاب المدرسي) الذي هو عضد المدرس الناطق؛ حجر الزاوية في ميدان التعليم.
لقد شكلت مراجعة المناهج التربوية أرضية صلبة وقوية للتأسيس نحو تعليم يحفظ ماء الإصلاح وينبت قيم المدرسة الجمهورية حسب المحددات المنشودة؛ ولقد زاد ذلك وضوحا ميلاد وثيقة تحضير موحدة سيكون لها الانعكاس الإيجابي الكبير على زيادة المردودية التربوية التي هي عصارة التعليم التي يختبئ فيها إكسيره..
ثم إن إنعاش البنية التحتية بمدارس ذات طابع حضاري مميز وبأعداد ستزيل مشهد الاكتظاظ البغيض الذي يظهر التعليم دوما بجسم هزيل؛ حري بالتوقف عنده وطلب الزيادة من هذه المدارس التي يعول عليها كوعاء لإحداث الفارق مع انتشارها وتكامل عناصر أدائها لوظائفها.