ليبيا: الصراع بين مجلسي النواب والدولة يتجدد… وشبح التقسيم يلوح في الأفق

خميس, 24/02/2022 - 22:06

طرابلس – «القدس العربي»: تتجه الأزمة الليبية نحو مزيد من التعقيد، مع وجود حكومتين ترفض كل منهما الاعتراف بالأخرى، بل بدأ شبح التقسيم يلوح في الأفق مجدداً، خاصة مع وجود تجارب مماثلة وقريبة جداً رافقتها وعود سابقة بإجراء الانتخابات عقب اتفاق الصخيرات سابقاً.

إلا أن الركيزة التي اعتمد عليها مجلس النواب الليبي في اتخاذ قراره بتشكيل حكومة جديدة وأيضاً تعديل الدستور بدأت تتراخى، حيث تخلى مجلس الدولة عن دعمه وبشكل صريح لقرارات النواب خارجاً بمظهر الرافض لتغيير الحكومة والداعم للمطالب الشعبية.

فعقب تلميحه بالرفض، وإعلان بعض الأعضاء عن عدم تأييدهم لإجراءات مجلس النواب، باشر مجلس الدولة الأربعاء، في مناقشة الموافقة على التعديل الدستوري في جلسة رسمية ولحسم قراره وموقفه النهائي بشأن تغيير السلطة التنفيذية، إلا أن الكهرباء انقطعت عن قاعة المجتمعين أثناء عملية التصويت، كما أعلن بعض الأعضاء عن تعرضهم للتهديد.

ونشرت دائرة الإعلام بالشركة العامة للكهرباء، بياناً قالت فيه بعد مراجعة أحداث تشغيل الشبكة في المنطقة المذكورة طوال ساعات اليوم، وبالرجوع لسجلات البلاغات والنشرات الدورية للشبكة، تؤكد دائرة الإعلام بالشركة عدم وجود انقطاع للتيار الكهربائي في الشبكة العامة أثناء انعقاد الاجتماع”.

كما أعلن الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة الليبي، عبد الرحمن السويحلي، تعرضه رفقة أعضاء من المجلس إلى إطلاق نار.

وقال، عبر حسابه على فيسبوك، إن إطلاق النار جاء خلال الخروج من الجلسة بعد “منعنا من التصويت بحجة انقطاع الكهرباء عن القاعة عند شروعنا في التصويت، عندما تأكد لداعمي صفقة حفتر باشاغا بأن نتيجة التصويت لن تكون في صالحهم”.

وحمل السويحلي رئاسة المجلس “مسؤولية سلامة أعضاء مجلس الدولة”، مشدداً على أن “كل هذه المحاولات لن تُثنيهم عن الاستمرار في التعبير عن إرادة الشعب الليبي الذي يرفض الصفقات الفاسدة ويطالب بالتغيير والانتخابات”، حسب تعبيره.

وعقب الشوشرة والفوضى التي أثارتها هذه الأخبار استأنف مجلس الدولة جلسته المعلقة الخميس، وصوّت على رفض تعديل الإعلان الدستوري، الذي سبق وأقره مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق في أقصى شرق البلاد، قبل نحو أسبوعين.

وقرر المجلس الأعلى بأغلبية التصويت، تشكيل لجنة مشتركة لوضع قاعدة دستورية جديدة للانتخابات الرئاسية والنيابية في أجل أقصاه 31 مارس/آذار المقبل، على أن تنجز أعمالها قبل نهاية أبريل/نيسان المقبل.

وعقب التصويت مباشرة، نشر رئيس حكومة الوحدة الوطنية تغريدة مرحبة، أعلن فيها عن ترحيبه بموقف المجلس الأعلى، وقال عبر حسابه على تويتر: أرحب باتجاه مجلس الدولة اليوم (أمس) لتركيز جهده على إنجاز قاعدة قانونية تحقق الانتخابات في أسرع وقت ممكن، وتبعدنا عن شبح المراحل الانتقالية غير المنتهية، وتابع متسائلاً: “هل سيجد ذلك صداه عند أعضاء مجلس النواب في دعم الانتخابات بأسرع وقت؟”.

وقبل التصويت بيوم واحد، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة: “قلنا لباشاغا أن لدينا مخاوف ولا توجد لدينا تطمينات كافية، وما لم تكن هناك حكومة توافقية يرضى عليها ‏المجلس فإنه لا يمكن للحكومة أن تمارس عملها من طرابلس”.

وتابع المشري أن صوت المجلس الأعلى للدولة كان وسيبقى هو الصوت الذي يعبر عن أحرار 17 فبراير وعن مبادئهم ورفضهم للعسكرة وحكم الفرد والدكتاتورية.

وأضاف في مؤتمر صحافي نقلته وسائل إعلام محلية، أن “ما يتعلق بالسلطة التنفيذية، كان لدينا ملاحظات مهمة على الكيفية التي تم فيها التصويت والاختيار”.

وتابع المشري أن مشروع عسكرة الدولة لا مجال له في المنطقة الغربية، مضيفاً أنه أبلغ فتحي باشاغا عن مخاوفه من دخول حفتر عبر الحكومة.

ويقابل ذلك تشبث من قبل النواب ورئيس الحكومة المكلف، حيث أعلن المكتب الإعلامي لباشاغا، الانتهاء من وضع التشكيلة الحكومية، وإحالتها لمجلس النواب، الخميس.

وأشار، في بيان، إلى أن الأمر جاء بعد مشاورات موسعة مع جميع الأطراف السياسية، والتواصل مع مجلسي النواب والأعلى للدولة، والاطلاع على العديد من المقترحات بشأن تشكيل الحكومة وفق معايير الكفاءة والقدرة وتوسيع دائرة المشاركة الوطنية.

فيما دعا رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أعضاء المجلس إلى حضور الجلسة الرسمية التي ستنعقد الإثنين بمدينة طبرق، حسب الدعوة المنشورة على موقع المجلس الإلكتروني.

وحول رئيس حكومة الوحدة الوطنية، لم يتوقف هو الآخر عن التحرك والتحشيد وجمع الأصوات، حيث التقى مرشحين لمجلس النواب الليبي كما تحرك على صعيد عمداء البلديات.

وقال خلال هذه اللقاءات، إنه تم استهدافه بسبب دعوته إلى إجراء انتخابات مجلس النواب، مضيفاً: “هم استقصدوني لأني طالبت بانتخابات برلمانية، وأنا مصمم على ذلك”.

وأردف عبد الحميد الدبيبة، أن مجلس النواب استولى على كل السلطات بشكل غير مقبول، معقباً: “يجب الفصل بين السلطات.. وهذا من أهم أهداف (ثورة) 17 فبراير”.

واتهم مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، بمحاولة تعطيل الحكومة ومنعها من تقديم الخدمات الليبيين، مشيراً إلى رسالته التي وجهها لمحافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، التي طالبه فيها بالاكتفاء بصرف المرتبات والدعم.

وقال الدبيبة إن رسالة وجهها رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى محافظ المصرف المركزي لإيقاف الصرف، داعياً المواطنين إلى الانتباه “لأنهم يريدون تعطيلنا حتى في أكلنا وشربنا من خلال وقف كل الميزانيات”.

وعقب هذه التحركات، أعلن عمداء البلديات عن دعمهم لمبادرة رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة التي تقضي بإجراء الانتخابات البرلمانية في تموز / يوليو المقبل.

وقال العمداء في بيانهم، إنهم يستشعرون خطورة المرحلة التي تمر بها ليبيا بسبب الصراعات السياسية الحالية التي تهدد أمنها واستقرارها، وتنذر بمزيد من الصراعات المسلحة وتعود سلباً على البلديات والإدارة المحلية.