تتسبب الكوارث الطبيعية بخسائر فادحة في الأرواح والممتلكات، وتتواصل مآسي الناس لاحقاً مع اضطرار كثيرين في سبيل إعادة بناء مؤسساتهم وممتلكاتهم إلى الإبحار في عملية مطالبات معقدة للغاية من شركات التأمين، ولهذا يعد تحسين سرعة تحديد المطالبات ودقتها بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة أمراً بالغ الأهمية لأصحاب العقارات وشركات التأمين.
ومع توقع الخبراء ازدياد وتيرة الكوارث الطبيعية بسبب التغير المناخي، فإن الحاجة تزداد إلى أدوات متطورة لتقييم الأضرار التي تلحق بالأرواح والممتلكات.
تفيد ريتشل أونلي، المديرة التنفيذية لشركة «جيوسايت» لتجميع البيانات وترجمتها للمستخدمين في مقال نشرته في مجلة «فوربس» الأمريكية أن تقنية الاستشعار عن بُعد، عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات الموجهة عن بُعد وأجهزة استشعار إنترنت الأشياء، تتيح لشركات التأمين تحديد الممتلكات المتأثرة وتقييم مدى الضرر وإبلاغ حاملي وثائق التأمين بحالة مطالباتهم قبل عودتهم حتى إلى المناطق المنكوبة، لكنها تقر بأن الاستفادة من هذه البيانات على نطاق واسع قد يكون صعباً.
ففي الوقت الحالي، تعتمد تدفقات العمل على ممارسات قديمة، تبطئ معالجة المطالبات في كل خطوة تقريباً، مما يساهم في نقص تحسين مؤشر أداء التكلفة عبر صناعة تولد إيرادات سنوية تزيد على 5 تريليونات دولار، لكن مجموعات مثل كونسورتيوم «سنس» لإدارة مخاطر الممتلكات التجارية والتأمين عليها، تشكل دليلاً على أن قادة التأمين يحاولون دفع الصناعة لاعتماد مصادر بيانات أكثر تنوعاً ودقة في طريقة عمل مقيمي المطالبات لتحسين دقة المطالبات وسرعة معالجتها، ومع ذلك، هناك الكثير الذي يتعين القيام به.
وحالياً تعمل تقنيات حديثة في مجال الاستشعار عن بُعد والتحليل الحسابي المنهجي للبيانات على تحسين قدرة شركات التأمين على تقييم الضرر بعد وقوع كارثة ما. فتمنح صوراً عالية الدقة قبل الكارثة (السماء الزرقاء) وبعد الكارثة (السماء الرمادية) من مصادر مثل كونسورتيوم «التأمين الجغرافي المكاني» العملاء القدرة على تقييم أضرار الرياح والفيضانات على الفور، على سبيل المثال.
كما أن استخدام نماذج التحليل الحسابي للبيانات في إجراء تقييمات واسعة النطاق قد يمكن شركات التأمين من حل كميات هائلة من المطالبات بسرعة وتحديد المطالبات الاحتيالية المحتملة التي تتطلب مزيداً من التحقيق. علاوة على ذلك، يمكن أن توفر بيانات وتحليلات متخصصة مزيداً من الدقة على نطاق أوسع لقياس عمق الفيضانات وامتداداتها من قواعد في الفضاء.
ومع ذلك، ترى أونلي أن التحدي الحقيقي يكمن في استيعاب هذه المعلومات بطريقة تجعلها قابلة للتنفيذ بالنسبة إلى مخمن المطالبات. فأحداث كارثية، مثل إعصار «إيدا» بالولايات المتحدة، يمكن أن تؤثر على السياسات، كما أن المراجعة اليدوية لأشكال مختلفة من البيانات المكانية الأولية مكلفة وبطيئة، وتتطلب خبرة جديدة من جانب مخمني المطالبات.
ويتمثل أحد الأساليب في إعطاء تقييمات تلقائية بالأضرار لمخمن المطالبات من خلال برمجيات «المطالبات الجغرافية المكانية» التي تدمج بيانات أضرار الفيضانات والحرائق والرياح، فضلاً عن مخرجات الذكاء الاصطناعي مع معلومات السياسات وتوصيف المباني. ومن خلال أتمتة استخدام البيانات الجغرافية المكانية بشكل أفضل، يمكن لمنصات البرمجيات المتقدمة تجميع مطالبات التأمين وترتيبها حسب حجم الأضرار مع الكشف عن الاحتيال أيضاً.
وتعني القدرة على القيام بكل هذا عن بُعد، عبر الأقمار الاصطناعية والطائرات الموجهة عن بُعد، أيضاً أن هذه التقييمات التلقائية يمكن أن تحدث قبل عودة السكان إلى المناطق المنكوبة. والأهم من ذلك، فإن تسريع عملية التي تقوم من خلالها شركات التأمين بتقييم المسؤولية عن الضرر يمكن أن يسمح لأصحاب الممتلكات في العودة بسرعة إلى حياتهم الطبيعية.
وتشير أونلي إلى تشابه لافت بين التحديات التي تواجه شركات التأمين في دمج البيانات واستخدامها اليوم وبين التحديات عبر صناعات رئيسية أخرى، حيث التكييف البطيء لطرق ممارسة الأعمال التجارية بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة قد يتطلب تغييرات هائلة في الممارسات المعتمدة سابقاً.
فقد لاحظت أونلي نقصاً في التفاصيل المكانية في البيانات عبر معظم شركات التأمين، ومن دون بيانات تقييم الضرر في تنسيقات وتشكيلات بيانات مكانية، من الشائع أن يكون هناك سياق مكاني غير دقيق للممتلكات المؤمنة. فغالباً ما يصور خط عرض وخط طول، بشكل غير دقيق النقطة الوسطى بدلاً من الموقع الفعلي للمنشأة المؤمن عليها، ونتيجة لذلك، قد يكون ربط بيانات المخاطر وبيانات ما بعد الكارثة ببيانات السياسات غير دقيق أو مستحيل.
وتقول إن الحصول على دقة 30 سنتمتراً في بيانات خاصة بالفيضانات لن يساعد في تحديد ما إذا كان المبنى قد تأثر، إذا كانت قاعدة البيانات الأساسية التي تحدد موقع المباني المؤمنة ذات دقة محدودة. ولكي تظل قادرة على المنافسة، فإنه يتعين على الشركات التي توفر تغطية على الأصول والتأمين ضد المسؤولية، أن تفكر في تحديث عملياتها أو المخاطرة بخسارة مليارات الدولارات المرتبطة بنمو الصناعة، وأتمتة العمليات من خلال استخدام البيانات والبرمجيات حيثما أمكن ذلك. وعلى وجه الخصوص، يمكن لشركات الـتأمين التي تستفيد من الاقتصاد المتنامي للبيانات الجغرافية المكانية تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز تجربة العميل بشكل عام.