أسوأ ما يمكن أن يبرر به مسؤول أخطاءه ، هو أن يقول إن الرئيس أمره ، لأنه مبرر يكرس أعلى درجات عدم المسؤولية و الجهلَ بأقل معانيها : هذا ما يطلق عليه المتكلمون "العذر الأقبح من الذنب" لأنه يجعل "الرئيس" أهم من القانون و هذه جريمة في حق المسؤولية . و يجعل الموظف "السامي" على أسفل درجات الانحطاط و هي جريمة في حق القانون..
تتذكرون جميعا، حين انتشرت صور شاحنة المساعدات الأمريكية للشعب الموريتاني، تحط حمولتها في بيت ولد عبد العزيز ، في فضيحة لا يمكن أن يتجرأ على فعلها إلا مُنتقمٌ من الجوع منذ طفولته مثله ، فكان جواب مفوض الأمن الغذائي حين سئل ، أن تكيبر هي من أمرته بتوجيه الشحنة إلى بيت العار، يا مفوض العار..!!
فأي مسؤول هذا ؟ و ما الفرق بينه و بين ما جاء في محاضر رؤساء الوزراء و وزراء عشرية النهب و الخجل..
لا شك أن "رؤساء" موريتانيا لا يختارون وزراءهم على معيار الكفاءة و لا النزاهة و لا المسؤولية و إنما على معيار القرابة و الولاء و الطاعة العمياء ، فكان من الطبيعي أن نسمع اليوم مثل هذه المبررات الموغلة في الجهل و التخلف و الانحطاط..
على القضاء الموريتاني اليوم أن يضاعف العقوبات على هؤلاء، لأنهم يكرسون بوضوح، مبدأ "وظيفتي أهم من أمانتي" . و هذه العقلية (التي أصبح الجميع يتبناها في العلن)، أخطر من نهب المال العام، لأنها تستهدف إفساد الإنسان. و إذا فسد الإنسان فسد كل شيء، كما حصل في بلدنا بالضبط بسبب مثل هذه المبررات المخجلة..
أما "الرؤساء" الموريتانيون ، فهم مسؤولون حتما عن عدم مسؤولية كل "مسؤول" لأنهم هم من اختاروهم على مقاس حاجاتهم البعيدة دائما عن المهنية و الانضباط الأخلاقي و هم من يحمونهم من المساءلة بعد انتهاء مهامهم التخريبية.
على القضاء اليوم أن يواجه هؤلاء بأعلى درجات القساوة و أن يفهموهم أن وظيفة القضاء أهم من الرئيس الذي أمرهم و أن لا رئيس الدولة و لا غيره يملك حق العفو و لا التخفيف عن جرائم أكلة المال العام ..
ليس من بين هؤلاء وكثيرين غيرهم ، من لا يُعتبرُ المؤبد إفراطا في التخفيف لصالحه، يُتَّهمُ القضاءُ في شأنه.
وقد ينتقم القضاء (أكثر أو أقل) لظلمنا ، لكن لا شيء يمكن أن ينتقم لخجلنا : أهذه الخراف الجبانة، الحقيرة ، هم كانوا رؤساء وزرائنا الأشاوس و أهم أطر بلدنا و أكثرهم نفوذا و تألقا ؟؟؟
هل يفهم ولد الغزواني لماذا نصرخ اليوم من بقاء فلول بقية هؤلاء في واجهة المشهد الوطني المستباح.!؟
ألا ليتكم تفهمون !