الرباط ـ «القدس العربي»: لا يزال المغاربة يَكتوُون بنار الارتفاع غير المسبوق للمحروقات، وسط امتعاض شديد ورفض لما تتعرض لهم قدرتهم الشرائية، قبل أن تُعلن الحكومة المغربية عن الرفع من قيمة الدعم المقدمة لمهنيي النقل الطرقي بنسبة 40 بالمئة.
وقال بيان لوزارة النقل واللوجيستيك إنه «في ظل استمرارية الظرفية الراهنة التي تتسم بارتفاع أسعار المحروقات، قررت الحكومة الرفع من قيمة الدعم المقدم لمهنيي النقل الطرقي بنسبة 40 بالمئة فيما يخص الحصة الرابعة التي من المقرر تقديمها تموز/ يوليو المقبل».
وسبق للحكومة أن أطلقت شهر آذار/ مارس الماضي عملية دعم لفائدة مهنيي النقل الطرقي بهدف الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل استمرار ارتفاع أسعار المحروقات، حيث سبق للمهنيين أن استفادوا من حصتين من الدعم المخصصة لهم حسب الفئات، في حين ما تزال عملية الدعم في إطار الحصة الثالثة قيد التنفيذ.
وينتقد المغاربة بشكل لاذع ما وصلت إليه الأسعار، متداولين صوراً جرى التقاطها في عدد من محطات التزود بالوقود معلنة عن الأثمنة الجديدة التي يبدو أنها لن تتوقف عن الارتفاع، متجاوزة 18 درهماً (1.8 دولار) فيما يتوقع مواطنون أنها ستصل لـ 20 درهماً (حوالي دولارين) للتر الواحد.
وللمرة الرابعة خلال شهر واحد، تم تسجيل ارتفاع في أسعار المحروقات خلال حزيران/ يونيو الجاري، مع تواتر أخبار أن سوق المحروقات بالمغرب ستعرف زيادات لاحقة، إذ من المتوقع أن تصل إلى مستويات غير مسبوقة بالبلاد ستعمل على قض مضجع المواطنين ومهنيي النقل بكل أصنافها (نقل المسافرين ونقل البضائع وسيارات الأجرة وعربات الإغاثة والجر)، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى المبارك الذي تكثر فيه حركة نقل القطيع عبر أسواق الجهات وكذا تنقل المسافرين والمركبات.
في غضون ذلك، قالت النقابات الوطنية للنقل الطرقي للبضائع، التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن الدَّعم الذي تُقدمه الحكومة للمهنيين لم يسهم بالشكل المطلوب في التخفيف من أثر ارتفاع سعر المحروقات المهول وغير المسبوق، معربة عن استعدادها خوض إضراب يعلن عن تاريخه بعد عيد الأضحى.
«ما زاد من تعقيد الوضعية المشاكل التي تعرفها عملية توزيع الدعم والتي تزداد يوماً بعد يوم، تضاف إلى المشاكل المتراكمة منذ تحرير القطاع إلى اليوم، في ظل عجز الحكومة لحد الآن عن اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تسقيف سعر المحروقات في مستوى معقول لفائدة عموم مهنيي القطاع»، بحسب بيان للنقابات اطلعت عليه «القدس العربي».
وقالت التنظيمات النقابية إنها تُتابع بقلق شديد أوضاع القطاع جراء الارتفاع المستمر لسعر المحروقات في المغرب، ما أدى إلى الإجهاز على ما تبقى للمهنيين من أمل في الاستمرار بالقطاع، معربة عن استنكارها الشديد للارتفاع المهول والمستمر الذي تعرفه أسعار المحروقات في ظل «عجز الحكومة عن تسقيف سعرها في مستوى معقول لفائدة عموم مهنيي قطاع النقل الطرقي»، وفق تعبير البيان.
ودعت نقابات النقل الطرقي الجهات المسؤولة إلى مراجعة تركيبة سعر المحروقات المبالغ فيه، وفتح تحقيق حول وجود بنية شبه احتكارية بذات القطاع، وتحيين معطيات المهنيين بشكل دوري لمواكبة تغير تلك المعطيات.
إلى ذلك، قرر مهنيو الغاز تأجيل التوقف عن التوزيع إلى تاريخ لاحق ووقف الإضراب الذي كان مقرراً أيام 29 و30 من الشهر الجاري، مؤكدين عزمهم مواصلة الحوار مع المؤسسات المعنية في أقرب وقت لإيجاد حلول واقعية وآنية للمشاكل التي يتخبط فيها هذا القطاع الحيوي.
ويأتي قرار الموزعين بناء على مخرجات الاجتماع الأخير الذي جمعهم بوزارة الداخلية وممثلين عن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ووزارة الاقتصاد والمالية، الخميس الماضي، حيث تمت مناقشة الإكراهات والتحديات التي يعرفها قطاع توزيع الغاز وخاصة تلك المترتبة عن الزيادات في ثمن المحروقات.
ويبرر مسؤولو المغرب هذا الارتفاع المهول في أسعار المحروقات، إلى استمرار تداعيات الأوضاع الدولية المضطربة بفعل الصراع الروسي الأوكراني؛ وهو ما يؤشر على زيادات إضافية في أسعار المواد والسلع والخدمات، لا سيما بالنظر إلى أن المملكة المغربية غير منتجة للغاز، بل تقوم باستيراد حاجياتها كاملة من هذه المادة باستثناء كميات قليلة يحصل عليها مقابل مرور أنبوب الغاز المغاربي، كما أن العالم يعيش أزمة طارئة، ما يعرقل عملية التزود بكثير من المواد الأولية من ضمنها مادة الغاز، مما خلق حالة من القلق دفعت العديد من الدول الكبرى إلى تخزين أكبر كميات ممكنة من الغاز، ما أسهم في تراجع هذه المادة الحيوية في السوق العالمية وتضييق الخناق على الدول الصغرى وتقليص نسبة استفادتها المعتادة منها.