الجزائر- “القدس العربي”: أدانت محكمة سيدي بلعباس الابتدائية غربي الجزائر، 50 مغربيا بالسجن بعد ثبوت تورطهم في تزوير الجنسية الجزائرية، بتواطئ من أحد الموظفين بمصلحة الجنسية على مستوى الولاية الذي يعتبر المتهم الرئيسي في القضية.
وأصدرت المحكمة بعد يومين من الاستماع للمتهمين والمرافعات، أحكاما بالسجن النافذ لمدة 3 سنوات في حق 38 مغربيا، بينهم عدد كبير من النساء، والسجن لمدة سنتين موقوف النفاذ في حق 12 آخرين، في حين برّأت 10 مغاربة بينهم قاصران وامرأة مصابة بالبكم.
أما المتهم الرئيسي وهو جزائري يعمل موظفا بمصلحة الجنسية، فقد أدين بـ15 سنة سجنا نافذا بعد أن كانت النيابة قد التمست له المؤبد، في حين قضت المحكمة بالسجن على شريكته المغربية بـ7 سنوات سجنا نافذا، وهي التي كانت المعاون الأول له.
وواجه المتهمون تهما جنائية ثقيلة، أبرزها “التزوير واستعمال المزور والمشاركة في تزوير محررات رسمية” وجنحة الغش في منظومة المعالجة الآلية للمعطيات وتعديل بطريق الغش المعطيات التي تتضمنها”، كما واجه المتهم الرئيسي بالإضافة لذلك، جنحة سوء استغلال الوظيفة.
المتهم الرئيسي جزائري يعمل موظفا بمصلحة الجنسية، وأدين بـ15 سنة سجنا نافذا، وقضت المحكمة بالسجن على شريكته المغربية بـ7 سنوات
وتعود فصول هذه القضية إلى سنة 2021 في فترة التحضير للانتخابات البرلمانية. وقد اكتشفت حينها المندوبية الولائية للسلطة الوطنية للانتخابات، أن أحد الأشخاص في بلدية تسالة معروف بحمله الجنسية المغربية، قد أودع ملف ترشحه مرفقا بالجنسية الجزائرية، وهو ما أثار الشكوك حول إمكانية أن تكون مزورة، ليتم إخطار جهات القضاء، ويبدأ التحقيق في القضية بشكل موسع انتهى باكتشاف شبكة تقوم بالتزوير لتمكين مغاربة من الجنسية الجزائرية.
وقد سمح تحديد هوية الشخص الذي أصدر للمترشح المتهم شهادة الجنسية، ويتعلق الأمر بكاتب ضبط بالمحكمة المدنية، إلى الحصول على اعترافات ثمينة مكنت من اكتشاف حالات شبيهة لعشرات المغاربة حصلوا على شهادات تثبت امتلاكهم الجنسية الجزائرية من قبل نفس الموظف بالتعاون مع وسيطتين مغربيتين إحداهما توفيت مؤخرا في السجن.
ووفق ما ورد في ملف التحقيق، فإن المتهم أصدر شهادات الجنسية الجزائرية، لأكثر من 60 مغربيا دون تقاضي أي مبالغ مالية نظير ذلك، في وقت كانت الوسيطتان المغربيتان تتاجران بتلك الشهادات مقابل مبالغ مالية معتبرة. وتبين أن نصف المتهمين هن نساء من كبار السن ماكثات في البيت، ولدى بعضهن أطفال دون السن القانوني. كما يوجد من بين الذين حصلوا بطريقة غير قانونية على الجنسية الجزائرية، ثلاثة في حالة فرار.
وحاول المتهم الرئيسي الدفاع عن نفسه أمام المحكمة، من خلال التنصل من الأفعال المنسوبة إليه، قائلا إن بعض زملائه كانوا يمتلكون كلمة السر الخاصة بحاسوبه، وهم من قاموا باستخراج تلك الشهادات، دون علمه. أما المتهمون المغاربة، فقد نفوا أن يكونوا على علم بأن شهادات الجنسية التي تحصلوا عليها مزورة، خاصة أنها صادرة عن المحكمة. وأكدوا أنه سبق لهم التقدم بطلبات لوزارة العدل من أجل تمكينهم من الجنسية الجزائرية، فاعتقدوا أن طلباتهم حظيت بالموافقة أخيرا. والدليل بحسبهم أن شهادات الجنسية التي حصلوا عليهم لم يتم استغلالها في تحقيق امتيازات، عدا قيام بعضهم باستخراج بطاقة التعريف البيومترية.
وفي مرافعته، أكد ممثل النيابة أن تهمة التزوير ثابتة في حق المتهمين، معتبرا أن هذه الجريمة خطيرة لأنها تتضمن التلاعب بوثائق سيادية تصدرها الدولة الجزائرية، ملتمسا من هيئة المحكمة 15 سنة سجنا في حق كاتب الضبط، و10 سنوات سجنا في حق شريكته المغربية، و6 سنوات في حق بقية المتهمين.
وتأسست الخزينة العمومية كطرف مدني في القضية، وتم الحكم لصالحها على المدانين الذين ألزموا بدفع مبلغ 100 مليون سنتيم (حوالي 7000 دولار) بالتضامن بينهم، تعويضا لمصالح بلدية سيدي بلعباس بناء على طلب ممثلها القانوني.
وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد المغاربة المقيمين في الجزائر بشكل رسمي لا يتعدى 6 آلاف شخص. لكن في المقابل، توجد عمالة مغربية في الجزائر تشتغل في الغالب بشكل غير مصرح به، خاصة في قطاع البناء والفلاحة. لكن الوضع أصبح معقدا بفعل توتر الوضع بين البلدين واتخاذ الجزائر قرارا بقطع العلاقات في أغسطس 2021، على الرغم من تواصل العمل القنصلي الذي يضمن تقديم الخدمات للرعايا في البلدين.