يكاد الكل أن يجمع على أن الحرب على الفساد قد فشلت فشلا ذريعا ...فما هو الحل؟
الحل هو في انتفاضة شعبية ضذ الفساد..
إن إعلان حرب على الفساد كان مجرد خدعة، وإن الشعار الذي كان يجب أن يرفع من أول يوم هو الانتفاضة الشعبية ضد الفساد، والفرق جلي وواضح بين الحرب على الفساد والانتفاضة الشعبية ضده.
إن الحرب على الفساد تحتاج كأي حرب أخرى إلى جيش وأسلحة، وهذا الجيش والأسلحة لا تملكهما إلا السلطة. المشكلة هنا هي أن جيشنا المحارب هو جيش غير مؤهل لخوض أي حرب، والأسلحة التي يستخدمها هذا الجيش في هذه الحرب هي أسلحة فاسدة، فمن أين سيأتينا النصر؟
إن جيشنا المحارب للفساد بلا عقيدة عسكرية، ونقصد بالعقيدة العسكرية في هذه الحرب الإرادة السياسية الجادة لمحاربة الفساد، ثم إن قادة هذا الجيش وضباطه الكبار لم يتم اختيارهم على أساس الكفاءة والنزاهة حتى نتوقع منهم إدارة جيدة للحرب، إن أغلب هؤلاء القادة قد تم اختيارهم بطرق غير شفافة، وعلى أسس ومعايير لا صلة لها إطلاقا بالكفاءة، ولذلك فهم لا يملكون المؤهلات القتالية المطلوبة، ولا يملكون حتى المؤهلات الأخلاقية لخوض حرب ضد الفساد. يمكن أن نضيف إلى تلك العوائق فساد الأسلحة، والتي نقصد بها فساد أجهزة الرقابة والتفتيش، والتي هي ليست بأقل فساد من الإدارات والمؤسسات التي يتم تفتيشها من حين لآخر. ومن الأسلحة الفاسدة أيضا يمكن أن نذكر نظام المكافأة والعقوبة، فكم من موظف تم تجريده من مهامه بسبب فضيحة بينة ثم تم تعيينه من بعد ذلك في وظيفة أعلى وأرفع، وكم من متهم من طرف السلطة بسرقة المليارات تم توشيحه من بعد ذلك بأعلى الأوسمة؟
إن الحرب التي تخوضها السلطة ضد الفساد هي حرب خاسرة، ولذلك فإنه قد آن الأوان لأن يعلن الضحايا أنفسهم عن انتفاضة شعبية ضد الفساد. والانتفاضة ضد الفساد تتميز عن الحرب عليه بجملة من الأمور لعل من أبرزها:
1 ـ أن الحرب على الفساد هي حرب رسمية، والحروب الرسمية هي حروب فاشلة دائما: الحرب على الفساد، الحرب على المستنقعات والبرك، الحرب على البلاستيك، على العكس من الانتفاضات ذات الطابع الشعبي، والتي كثيرا ما يكتب لها النجاح.
2ـ إن الحرب على الفساد كأي حرب لا يمكن أن يديرها إلا الجيش، وجيشنا المحارب للفساد هو جيش فاسد، بينما الانتفاضة الشعبية يمكن أن يشارك فيها جميع الضحايا، والشعب الموريتاني كله ضحية للفساد باستثناء القلة القليلة التي تمارس الفساد وتتوارثه كابرا عن كابر،عفوا، صاغرا عن صاغر.
3 ـ إن الحرب على الفساد كأي حرب لابد لها من أسلحة، بينما الانتفاضة الشعبية لا تحتاج إلى أسلحة، فكل شيء يمكن تطويعه وتحويله إلى سلاح فعال في أي انتفاضة شعبية. حتى نظرة الازدراء للفعل الفاسد ولا أقول للشخص الفاسد يمكن أن تتحول إلى سلاح فعال، خاصة في مجتمعنا الذي تعود فيه المفسدون أن يعاملوا ـ رسميا وشعبيا ـ باحترام وبتقدير يتناسب طرديا مع حجم ما سرقوا وما نهبوا، فكلما كانت السرقة كبيرة كلما كان الاحترام ونظرات التقدير أكبر.
محمد الأمين الفاظل