تواصلت اليوم جلسات محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حيث استجوبته المحكمة حول التهم الموجهة له.
ولد عبد العزيز يرد على التهم:
رئيس المحكمة استدعى الرئيس السابق في بداية الجلسة ووجه حديثه إليه قائلا: لقد استمعنا إليكم في جلسة سابقة حيث رددتم على التهم الموجهة لكم جملة وأنكرتموها، واليوم سنستمع إلى ردودكم على التهم بشكل مفصل تهمة تهمة وسنبدأ بالتهمة الأولى وهي تبديد ممتلكات الدولة العقارية.
بعد ذلك تحولّت الجلسة إلى أسئلة وأجوبة بين الرئيس السابق ورئيس المحكمة الذي سأله قائلا: "في عهد حكمكم بيعت بعض القطع في أماكن توصف بأنها مهمة وتحديدا (7 مدارس ومقر سرايا المرافقات وجزء من مدرسة الشرطة وجزء من المركب الأولمبي وجزء من مقر التلفزة الوطنية) ما ذا تعرفون عن هذه البيوع؟".
في بداية رده؛ أكد الرئيس السابق تمسكه بالمادة 93 من الدستور خاصة الجزء القاضي بعدم اختصاص القضاء العادي بمحاكمة رئيس الجمهورية وكذلك عدم مساءلته إلا في حالة الخيانة العظمى. كما أحال كذلك للمواد 10 و13 و24 من الدستور بما فيها من صلاحيات وحقوق لرئيس الجمهورية، على حد تعبيره.
"التهم ملفقة لي من خصومي":
الرئيس السابق والمتهم الرئيس في "ملف العشرية" محمد ولد عبد العزيز قال إن "كل هذه التهم ملفقة ولا أساس لها من الصحة، مضيفا أن من وصفهم بخصومه السياسيين ورجال أعمال لفقوا له هذه التهم لأنه حارب الفساد وحرمهم من امتيازات غير مشروعة كانوا يحصلون عليها بتواطئ من السياسيين، بحسب تعبيره.
يضيف ولد عبد العزيز أن أحد رجال الأعمال حصل في 15 شهرا على 5.2 مليار أوقية من الفوائد من شركة عمومية واحدة.
أزمة المرجعية:
وجدد الرئيس السابق التأكيد على أن ملف محاكمته مسيس وسببه هو أزمة المرجعية التي شكلت على إثرها لجنة التحقيق القضائية، مضيفا "عندما وجدوا أنه ليس بإمكانهم محاكمتي بتلك الطريقة لجؤوا لقضية جزيرة تيدره "المفضوحة" ثم أوقفوها لعدم جدواها".
وأضاف ولد عبد العزيز "قادتهم محاولاتهم إلى انتقاء هذه الملفات من بين مجمل المشاريع ثم أخرجوا بعض الملفات بضغط أجنبي، سماها بالتحديد وهي قضية شركة بولي هوندونغ وكذلك قضية شركة آرايس.
وأكد أن هذه الملفات تتعلق بمشاريع تمت في إطار برنامج حكمة ولا تمت للرئيس بصلة فهو "ليس مسؤولا عن التخطيط ولا عن التنفيذ" بل المسؤول هو تشكيلة واسعة تضم الوزراء ولجان الصفقات، كما أنها خضعت لرقابة محكمة الحسابات ومرّت بالجمعية الوطنية في إطار قوانين التسوية الميزانوية.
"تعرضت للظلم":
وقال ولد عبد العزيز إنه تعرض للظلم وسجن وحدي من بين جميع المشمولين في ملف التحقيق البرلماني "رغم أن اسمي لم يرد فيه مرة واحدة"، وأضاف: "لقد تعرضت لتنكيل لم يتعرض له أعتى الإرهابيين ومن بين 300 شخص لم يسجن سواي ولمدة 6 أشهر.
وقال الرئيس السابق إنه وضع رهن إقامة جبرية قاسية لمدة 3 أشهر أخرى مع أفراد عائلته و"ما ذاك إلا لأنني أمارس العمل السياسي على عكس بقية المتهمين".
بيع المدارس:
ثم تحدث عن ملف بيع المدارس مؤكدا أنها تمت بطريقة قانونية لأنها لم تعد صالحة وتم بيعها بالمزاد العلني عبر لجنة مُثّل فيها القضاء والمالية والمفتشية العامة للدولة، مضيفا أنّ إحدى اللجان ترأسها مدير الخزينة آنداك محافظ البنك المركزي الحالي وأخرى ترأسها مستشار الوزير الأول المفتش العام للدولة حاليا.
واستشهد لما قال إنه صرامة وحرص على المال العام بكونه أمر بتغيير النسبة التي يحصل عليها العدل المنفذ من عملية البيع والتي كانت ستصل بموجب القانون إلى 4 بالمائة لتتحول إلى مبلغ جزافي محدود.
وقال إن القطع الأرضية، في السابق، كانت توزع على الساسة وشيوخ القبائل مقابل مبالغ رمزية ولم يساءل عنها رئيس سابق.
وبرر عملية بيع جزء من المركب الأولمبي بأنها كانت لتغيير واجهة العاصمة واستفادت منها الدولة ماليا، كما أنها خلقت فرص عمل مؤقتة ودائمة وجلبت ضرائب للدولة.
وتحدث عن المنطقة الصناعية في دار النعيم قائلا إنها كانت من أجل جميع المستثمرين واستفادوا منها جميعا.
تعليق على الشهود:
ورد ولد عبد العزيز على شهادة مدير الأمن السابق أحمد ولد بكرن قائلا: إنه قد يكون اختلط عليه الأمر فالأشخاص الذين أرسلهم إليه لم يكونوا هم المستفيدين من القطع "فالمستفيدون لا تتم معرفتهم إلا بعد انتهاء عملية البيع بالمزاد العلني"، قائلا إن ولد بكرن قد يكون نسيَ بعض التفاصيل بسبب السن، على حد تعبيره، مضيفا "أنا لا أُهدد من يعملون معي وأمنحهم حرية النقاش".
وبخصوص شهادة الوزير السابق با أوسمان قال ولد عبد العزيز: إن الوقائع تفند هذه الشهادة مؤكدا أن الوزير السابق وقع على رسائل ورافق الوزير الأول في زيارة المدارس وأنه كان عليه أن يستقيل إذا لم يكن موافقا على عملية البيع.
وفي رده على سؤال لرئيس المحكمة حول ما إذا كانت عمليات بيع الأراضي موضوع دراسة تؤكد المبررات التي سبق أن ساقها، قال ولد عبد العزيز: "كل القرارات كانت موضوع دراسة وفي مجلس الوزراء وتصب في برنامج الرئيس".
كما رد على سؤال آخر لرئيس المحكمة حول ما إذا كان من الأفضل بيع الأراضي لمؤسسات عمومية قائلا: "اقتصاديا، لا قيمة لبيعها لمؤسسات عمومية بل إننا نهدف لخصخصة كل شيء تمكن خصخصته لأن الدولة فاشلة في التسيير"، مستشهدا بحالة عدد من مؤسسات الدولة مثل سونمكس.
واستخف الرئيس السابق بفكرة كون المدارس المبيعة مرتبطة بذاكرة الأجيال قائلا "هذا كثير من الإنسانية".
الاستفادة من القطع الأرضية:
وواجه رئيس المحكمة الرئيس السابق بحقيقة أن بعض أفراد عائلته استفادوا من قطع أرضية من بين القطع التي تم بيعها من طرف الدولة.
وفي رده قال ولد عبد العزيز "لقد كانت آخر قطعة أرضية أحصل عليها من الدولة سنة 2003، وسلمني وزير المالية سنة 2005 ست أو سبع قطع أعدتها للدولة سنة 2009"، مضيفا "فعلا، استفاد مقربون مني من قطع أرضية بطريقة نزيهة وهم مواطنون لهم كامل الحق في ذلك، وليس في الأمر جريمة".
وأكد شهادة إبراهيم ولد غده التي قال فيها إن الرئيس السابق مول بناء عمارة على إحدى قطع الملعب من ودائع كانت لدى ولد غده، قائلا "نعم، الأرض ليست لي وبالفعل مولت إنشاء مختبر لصالح ابنتي المتخرجة من الجامعات الفرنسية في تخصص الكيمياء".
وبخصوص القطع الأرضية المملوكة لنجله الراحل أحمدو في إطار شراكة مع محمد الأمين ولد بوبات؛ نفى ولد عبد العزيز ما نقلته المحكمة عن ولد بوبات من أن ولد عبد العزيز أشرف شخصيا على تصفية الشركة بين ولد بوبات ونجله الراحل قائلا "لا علاقة لي بتلك الشركة ولا تصفيتها".
كما برر ولد عبد العزيز بيع ثكنات قرب سوق العاصمة بالصعوبات التي تواجهها هذه الثكنات بسبب الزحمة في وسط العاصمة.
وتحدث عن بناء سوق العاصمة من طرف الدولة التي استعادت استثمارها فيه من خلال بيع دكاكينه، حسب الرئيس السابق الذي نفى علمه بكون أحد أفراد عائلته حاول بمساعدة بعض الوزراء الحصول على دكاكين في السوق دون دفع ثمنها.
ملف بناء المطار:
وتحدث عن صفقة المطار الجديد، قائلا إن فكرة مبادلة الأرض ببناء المطار جاء بها مستثمرون إماراتيون والتقطها منهم رجل الأعمال محيي الدين ولد ابوه وعرضها عليه وأحالها للجنة وزارية أشرفت على تنفيذها وعلى تشييد المطار الجديد.
وأكد أن كل الصفقات التي تمت في عهده مطابقة للقانون مستعرضا كون القانون ينص على أنواع عدة من الصفقات من بينها الصفقات باستدراج مفتوح للعروض وأخرى باستدراج محدود وكذلك صفقات التراضي.
وهنا قاطعه رئيس المحكمة قائلا: "في أي نوع من هذه الأنواع تندرج صفقة المطار؟"، فرد ولد عبد العزيز: "هي صفقة خاصة ولكنها تندرج في إطار صلاحيات الحكومة".
ونفى علمه بكون محيي الدين أعطى قطعا أرضية لأفراد من عائلته.
وقد أعاد ولد عبد العزيز عدة مرات التأكيد على أنه لا تنبغي مساءلته عما قام به وأنه يدخل ضمن صلاحياته قائلا إن مبدأ الفصل بين السلطات يمنع القضاء من مساءلته.
وبعد أن كرر الأمر عدة مرات خاطبه رئيس المحكمة قائلا "ما قلته بخصوص مبدأ الفصل بين السلطات صحيح، فالقضاء قد يكون على علم ببعض هذه الوقائع ولكنه لم يساءلكم عنها عندما كنتم على رأس عملكم ولكن الواقع الآن مختلف وأنتم رئيس سابق".
وأتاح رئيس المحكمة للرئيس السابق في نهاية الجلسة التعليق بما يشاء بخصوص الموضوع الذي تم التطرق إليه، فتحدث بشكل مطول عن إنجازاته الاقتصادية مستشهدا بأرقام حجم الاحتياطي النقدي خاصّة.
كما تحدث عن جهوده في مناقشة الصفقات مع الشركات المنفذة ونجاحه في تخفيض المبالغ التي نُفّذت بها بعض المشاريع بما فيما مشروع ميناء انجاكو الذي أحاله له الجيش بمبلغ كبير نجح في تخفيضه بعد مفاوضات مطولة مع الشركة الصينية المنفذة، قائلا إن من بين دلائل تسييس الملف كون هذه القضية لم تُدرج ضمن التحقيق البرلماني.
وبعد ثلاث ساعات من الاستجواب؛ تدخل رئيس فريق الدفاع عن الرئيس السابق محمدن ولد اشدو مطالبا المحكمة بمنح موكله راحة لمدة ساعة، وهو ما استجابت له المحكمة ورفعت الجلسة إلى يوم الاثنين المقبل.