تتجه الأنظار اليوم في موريتانيا وخارجها، إلى معالم نظام رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، في أعقاب الانتخابات الأخيرة وفى وجه الانتخابات الرئاسية القادمة.
أمام تلك اللوحة ذات الأبعاد المختلفة، يطرح المواطن الحالم بغد أفضل سؤالا:
هل ستتغير معالم النظام أم سيبقى الحال على ما كان عيه؟
تتبادر للذهن إجابتان في شكل سؤالين:
هل سيكون ذلك النظام امتدادا للنظام الحالي؟ وذلك ما لا تتمناه الغالبية العظمى من الشعب،
أم أن النظام القادم، سيكون نظاما آخر على مقاس تعهدات السيد الرئيس وبرنامجه الانتخابي، نظاما يبعث الأمل فى تطبيق هذا البرنامج وهذه التعهدات، نظاما رجالاته صحائفهم بيضاء في التسيير، لا تحوم حولهم شبهة فساد مالي ولا أخلاقي، كل ولاءاتهم للوطن ولتعهدات رئيس الجمهورية، لا لجهة ولا لشريحة ولا لقبيلة ولا لحزب، نظاما رجالاته لهم ثقافاتهم وقدراتهم على القيادة والاستشراف وتحمل المسؤوليات، رجالات لا مطعن ولا مغمز فيها، نظاما يطبق برامج "تعهداتي" يخلق الوظائف والمشاريع الاقتصادية التي تحد من هجرة الشباب، نظاما يداوي جراح الانتخابات الأخيرة، نظاما يعيد للساحة السياسية هدؤوها ويمهد للاستحقاقات الرئاسية بشكل يضمن طمأنة كافة من تتوفر فيهم شروط الترشح، نظاما خال تماما من "كلاب الحراسة".
وكلاب الحراسة، لمن لا يعرفهم، وصف أطلقه الفيلسوف والروائي الفرنسي بول نيزان على فلاسفة عصره في كتابه "كلاب الحراسة" الذي نشره سنة 1932، وقدم فيه نقدا لاذعا لأولئك الذين يدافعون بالباطل عن عيوب الأنظمة، ويجعلون من مساوئها محامد، غير آبهين بما سيترتب على ما يقومون به من عواقب وخيمة على الأنظمة وعلى بلدانهم وشعوبهم، كل ذلك، مقابل عطايا أو امتيازات تافهة، إذا ما قورنت بحجم الخسارة المترتبة عما يقومون به من تزييف الحقائق وتضليل القادة والشعوب، واعتبرهم المؤلف بول نيزان، منظرين للبرجوازية المقيتة وخدما للنظام الاقتصادي الآيل للانهيار، وللطبقات الحاكمة في تلك الفترة وقال إنهم لا يهتمون بالقضايا التي تعني البشر في واقعهم المعيش وإنما همهم الوحيد، إرضاء الحاكم وتمجيده والتزلف له وتبرير أخطائه والترويج لسياسته الخاطئة على أنها حكيمة وصائبة مقابل كسب وده والتقرب منه والاستئثار برضاه عنهم وسخطه على من سواهم.
وإذا كان بول نيزان قد أطلق "كلاب الحراسة" 1932 على فلاسفة البورجوازية دون غيرهم، فهذا الوصف ينطبق على بعض الاعلاميين والكتاب والسياسيين ورجال الأعمال، الذين أحاطوا بكافة الأنظمة الموريتانية المتعاقبة من عهد نظام المرحوم المختار ولد داداه إلى نظام الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
فقد ظل هؤلاء، كل من موقعه، يعمل بكل وسائله للتأثير على الرأي العام لصالح النظام الذي يرتبط به ويسعى دائما إلى إرضائه من أجل كسب ثقته ولو كان ذلك على حساب العباد والبلاد وهو أول من يوليه الدبر لحظة زواله.
وهؤلاء اليوم يشكلون أكبر عقبة فى وجه تطبيق المشاريع التي تعهد بها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وانتخبه الشعب والتف حوله من أجل تطبيقها على أرض الواقع، فبعد أربع سنوات من المأمورية الأولى، ظل "كلاب الحراسة" حجر عثرة أمام تطبيقها، رغم الإمكانات الهائلة التي رصدت لذلك، والصلاحيات الواسعة التي منحها رئيس الجمهورية للمسئولين عنها.
فقد كان "كلاب الحراسة" من المسئولين والمسيرين وراء تعثر مشاريع "تعهداتي" وصفقاتها المريبة واختلاس المال باسمها وتقديم تقارير عنها تجانب الحقائق على الأرض.
وكان "كلاب الحراسة" من الإعلاميين، وراء طمس الحقائق وتمييع الحقل الإعلامي.
وكان "كلاب الحراسة" فى التعليم وراء فشل سياسات إصلاحه التي وعد بها ولد الغزواني وسن لها النظم ومنحها المخصصات المالية الكافية ولا أدل على ذلك من استقالة نبغوه بنت حابه، المشهود لها بالنزاهة والإخلاص، بعد ما تأكدت من استحالة هذا الإصلاح.
وكان "كلاب الحراسة" في قطاع الصحة وراء استيراد الأدوية والأجهزة الصحية المزورة وإبعاد الوزير الوطني المخلص النزيه، نذيرو ولد حامد، عندما تصدى لهم.
وكان "كلاب الحراسة" من التجار وراء استيراد المواد المزورة وتلك المنتهية الصلاحية وارتفاع الأسعار، مما حرم العمال من الاستفادة من زيادة الأجور والمعاشات، التي أعلن عنها رئيس الجمهورية في مناسبات عدة، بل حيث أصبحت تلك الزيادات عديمة الجدوى بسبب ضآلتها أمام الارتفاعات المتلاحقة للأسعار.
وحرم ارتفاع الأسعار، المواطن البسيط من الاستفادة من البرامج الاجتماعية التي أقرها الرئيس ونفذها لصالحه.
وكان "كلاب الحراسة" فى الإدارة وراء تفشي الرشوة والمحسوبية وبعد الإدارة من المواطنين.
وكان "كلاب الحراسة" من السياسيين، سبب تصدع ثوابت الوحدة الوطنية وتنامي خطاب الشرائحية والكراهية، بين مكونات الأمة.
وأخيرا كان "كلاب الحراسة" من الجميع، وراء سوء تنظيم الانتخابات الأخيرة، التي مهد لها ولد الغزواني بتهدئة الساحة السياسية منذ وصوله للحكم وبالتشاور المستمر مع كافة الطيف السياسي وقد أدى تنظيم هذه الانتخابات، إلى توتر الساحة السياسية فى وجه الاستحقاقات الرئاسية القادمة.
فهل سيحتفظ ولد الغزواني "بكلاب الحراسة"؟ فى نظامه المرتقب بتدويرهم في المناصب وتعيين بعضهم ممن كانوا في الثلاجة منذ فترة، كما ظل يفعل أسلافه في الأحكام السابقة، قبل أن يندموا فى حين لا ينفع الندم.
أم سيزيحهم من النظام؟ ويضمن بذلك تحقيق آماله وتطلعاته وتعهداته للموريتانيين ويكون رائد نهضة البلاد ورفاهية العباد ويخلده التاريخ وهذا ما يتمناه كل الذين التفوا حول مشروع رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وانتخبوه من أجل تحقيقه وما زالوا وأنا من ضمنهم، على قناعة بأنه ربان سفينة موريتانيا القادر على السير بها بأمان إلى بر الأمان.
ويبقى السؤال: هل ستتغير معالم النظام أم سيبقى الحال على ما كان عيه؟
إن غدا لناظره لقريب...