قال ضابط الإستخبارات الموريتاني أحمدو واد امبارك في تصريح خاص لـ “الحرية نت” إن بعض وسائل الإعلام المقربة من السلطات المالية ما فتئت تشن حملة إعلامية، تتهم فيها الجانب الموريتاني بدعمالجبهات الأزوادية… ولمعرفة الأسباب الحقيقة وراء ذلك ودور الجانب الموريتاني في الموضوع.. يمكن تقديم الملاحظات التالية:
1. كان تناول قناة الجزيرة لخبر احتلال مدينة “ليرى” المالية القريبة من الحدود الموريتانية 18. 09. 23، من خلالفيديو قصير يظهر جرحى أزواديين يتلقون الإسعاف والعلاج في باسكنو، بمثابة هدية عظيمة للمواقع المالية.. فقداعتبروه دليلا على انحياز الجانب الموريتاني للجبهات الأزوادية، وتتحمل السلطات الإدارية الموريتانية كاملالمسؤولية في الموضوع.
ويعبر ذلك عن عدم الأهلية للتعامل مع مثل هذه الأحداث.. فالصورة اليوم المنقلة عبر هذ الفضاء أكثر تأثيرا فيوسائل الدعاية والحرب النفسية للترويج لمواقف الدول، فكيف تفوت السلطات الادارية هذه الفرصة، كان الأحرىبهم استغلال قناة الجزيرة، ليبعثوا للعالم كله فيديوهات تظهر عناصر الجيش المالي الجرحى وهم يتلقونالاسعافات، يضاف إلى ذلك تقصير التلفزيون الموريتاني.
موريتانيا لم تقم إلا بواجبها الإنساني وفق المواثيق الدولية في التعامل مع الجرحى في الحرب.
2. هناك توجس لدى السلطات المالية من دور قد يلعبه الجانب الموريتاني الذي تبرطه علاقة وطيدة مع فرنساوحلف الناتو في إطار الصراع مع مالي.. وتجلى ذلك في سحب السلطات المالية لجواز السفر الديبلوماسي من الإمامالمالي “محد ديكو”، بعد مشاركته في مؤتمر السلم الذي عقد في الشهور الماضية في نواكشوط.. وتناول الإعلامالقريب من السلطات الموضوع متهمة الرجل بعقد اجتماع مع أفراد من حلف الناتو برعاية السلطات الرسميةالموريتانية في إطار خطة للإطاحة بالمجلس العسكري في باماكو.. وجدير بالذكر أن الرجل ساهم بشكل كبير فيإسقاط الرئيس المالي السابق ابراهيم كيتا من خلال حشد الجماهير، وبدأ هذه الأيام بنفس الأسلوب من خلال عقدمهرجانات تدعو العسكريين لتسليم السلطة.
3. هناك تصور لدى جهاز الاستخبارات المالي منذ زمن بعيد بأن الجانب الموريتاني لا يعدو كونه قاعدة خلفيةللجبهات الأزوادية، هذا التصور جاء نتيجة حالة الاستقطاب التي شهدتها المنطقة في التسعينات، عندما كانت“حركات أفلام” تقوم بعمليات إغارة داخل الأراضي الموريتانية على طول “كركور” منطلقة من الأراضي الماليةوجبهات أزواد تتخذ من نواكشوط مقرا لقادتها، وتقوم بالتزود بالوسائل اللوجستية من الأراضي الموريتانية، والجانبالموريتاني يغض الطرف عن ذلك.
وفي الوقت الحالي فإن هناك حالة من الفوضى على خط الحدود مع الحوضين، فالسلطات المالية غائبة، وتقومبدويات من حين لآخر بشكل غير محترف يطبعه الجبن واعتبار كل السكان أعداء أو عناصر لوجستية للجبهاتوالحركات المتطرفة، مما نتج عنه قتل عديد الموريتانين، فقد قتل 15 عنصرا من جماعة الدعوة والتبليغ كلهم موريتانيين..10. 09. 2012 .. كما قتل مؤخرا 15 موريتانيا في مارس من طرف الجيش المالي وقوات فاغنر قربباسكنو..
4. لا يمكن استبعاد فكرة المؤامرة في الموضوع من خلال جهات خفية ترغب في وضع السلطات المالية في عنقالزجاجة، من خلال خلق توتر مع الجانب الموريتاني يتم إثره توقيف تزَوِدها الضروري من معبر “كوكي”، حيث تعبرالسيارات القادمة من موريتانيا والمغرب وحتى تلك القادمة من أوربا، بهدف تهيئة الأجواء لإزالة العسكريين، منخلال إنقلاب قد يكون التحضير له جاريا
ولا ميكن أستبعاد دور آخر لحالة التشنج القائمة بين روسيا والجانب الغربي، التي يدخل فيها الصراع على الأسواقومصادر الطاقة.
وإذا نظرنا بعمق لكل هذه القضايا، فإن الجانب الموريتاني يمتلك خيوطا كثيرة، تسكت هذه الأصوات، وتجعله مؤثرابشكل قوي في الخريطة المستقبلية التي ستؤول الأمور لها من خلال:
١. يمكن للجانب الموريتاني تحريك دعوى قضائية لدى المحاكم المالية وحتى الدولية، لصالح ذوي الضحيا الذينقتلوا قرب باسكنو ، فالحدث وقع داخل الأراضي المالية وتورط عسكريون ماليون فيه باد للعيان.
٢. على الجانب الموريتاني أن يقوم بتنشيط مواقع وصحف موريتانية باللغتين، ترد بقوة على تلك الإدعات، وأن يكونالقائمون عليها متخصصين في الدعاية والحرب النفسية، بعيدا عن السطحية والعشوائية
٣. على الجانب الموريتاني أن يكون حاضرا في صياغة الخريطة المستقبلية للأحداث في مالي فهو يمتلك ما لايمتلكه أي طرف دولي أو إقليمي…
وفي الختام يمكننا القول إنه لا مبرر لموقف التفرج وتشبيك السواعد في ظل هذه الأحداث المتصاعدة في المنطقة والتي لا يمكن استبعاد وصول لهيب بركانها للوطن، فكل الظروف التي استغلها الإرهاب وتلك التي خلقت تمرد الأزواديبن قائمة بشكل أو بآخر في الإقليم الموريتاني.
“من يسوس بلدا عليه أن يحسن فن التوقع.“
الحرية_نت