بعدما أحرق ولد عبد العزيز كل المراحل و أحرق كل أوراقه ، بدأ اليوم في حرق رجاله :
منذ اقترب موعد نهاية مأمورية ولد عبد العزيز الثانية جن جنونه (و ما زلت أشعر بالفخر أنني كنت من طرح قضية المأموريتين و يمين الرئيس الذين شملهما الدستور في مادته 28 و دافعت عنهما بشراسة حتى تم تثبيتهما ، لقد كانت تلك بلا شك أكبر خدمة قدمتها لبلدي).
احرق ولد عبد العزيز كل المراحل ليعرف كيف يحصل على مأمورية ثالثة من دون أن يلوح أي حل في الأفق :
ـ فتح زيارة الولايات فاكتشف أنها تعقد الموضوع ، بعد صراخ المواطنين من العطش و الجوع، (ثورة لبادين) فأوقف زيارات الولايات في منتصف المشوار..
ـ فتح أبواب السجون و أعد حملة ظالمة، استهدفت محصلين في المالية (الفاسدة من الوزير إلى البواب) بانتقائية مقيتة ، و سجن مجموعة من صغار لصوص المال العام ليظهر أنه رجل إصلاح، فكشفنا طريقة انتقائيته و مكره و زيف دعاية إصلاحه فانقلبت أهاليهم و قبائلهم ضده، فأوقف حملته في منتصف الطريق ..
ـ قفز على مركب استضافة الجامعة العربية في خيمة القذافي، فلم يحضرها أي زعيم عربي و انتهت جلساتها في 4 ساعات و لم تصدر بيانا ختاميا و تحولت موريتانيا إلى موضوع تهكم و تندر في الإعلام العربي …
ـ قفز على الحوار و أعلن خمس مرات عن انطلاقه من دون أن يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام ، فزاد جنونه و قفز في حفرته التي كان يحفر للدستور، بطريقة شهد أصحابه بحماقة قرارها : فقاطعته السفارات و قاطعته القوى الحية و جلس بين ثلة من منافقيه ، لم يصفقوا بحرقة و صدق في حياتهم مثل ما فعلوا عند إعلان تكذيبه الكاذب لمطالبته بمأمورية ثالثة.
و ها هم الأن يتراقصون و يفتخرون ببيان السفارة الأمريكية الذي تشكر فيه ولد عبد العزيز على “قراره الشجاع” من دون أن يفهموا أنه أسوأ بيان سمعه ولد عبد العزيز في حياته . (حتى السفارة الأمريكية فهمت بوضوح أن ولد عبد العزيز لا يجد أي حرج في الكذب فقررت بهذا البيان أن تذكره بما قاله) هذا هو ما تتراقص على وقعه جوقة النظام السخيفة!
ـ لقد حاول سيدي ولد الزين في مقابلته التلفزيونية الأخيرة أن يسفه نخب البلد و يقزم شعبه ، فاحرق نفسه من أجل من يقول هو نفسه في مجالسه الخاصة إنه أسوأ من يحالف و أخلف من يعد و أنكر من رأى في حياته للجميل ، لكن النفاق مثل الماء المالح كلما شربت منه ازددت عطشا. و حين تعرض على سيدي ولد الزين مقابلته بعد ثلاث سنين ، سيعترف حتما أنه كان متواطئا مع مجرم، في تحطيم بلدنا، لأن من سيسألونه حينها ، لن تكون صحافة البشمرغة التي يستطيع أن يقول أمامها “لقد أعطيناهم وزارة الداخلية و النفط (أعطيناهم!؟) .. و “كانت انتخابات شهد العالم بنزاهتها و شفافيتها ” : العبقرية الوحيدة التي أشهد لولد عبد العزيز بالتربع على عرشها هي توفيقه غير العادي قطعا، في اختيار أناس لا يعرفون الخجل..
ـ يقول سيدي ولد الزين إن ولد عبد العزيز باقي في الحكم مهما حصل من خلال رجال أغلبيته و يبدو أنه يحتاج الآن إلى أن يمر على مكتب منتاته بنت حديد في الحزب الجمهوري البائس، الذي بلغ ما لن يبلغوه حتى لو حكموا ألف عام و كان يحظى برجال أقوياء ثقافيا و اجتماعيا و سياسيا و مكرا و دهاء ، عكس مسرحيتكم الهزيلة بل المخجلة التي تجعل من محسن رئيسا لمجلس الشيوخ و ولد النني سفيرا فوق العادة و كامل السلطة و الممثل الحصري لاستيراد الدواجن رئيس أركان الجيوش و أفيل ولد اللهاه أهم رجل أعمال في البلد و ولد الطيب غوبلز النظام : اعترف جيدا أن لا شيء يمكن أن يخجلكم .. لا شيء يمكن أن يؤنب ضمائركم؛ لقد تجاوزتم الخطوط الحمراء في كل شيء سياسيا و اجتماعيا و اخلاقيا و نشيدا و علما . فاعملوا ما تشاؤون (كما يورد المثل) و قولوا ما تشاؤون (كما تفعلون). بل كان على ولد الزين أن يكون جنب منتاته في الحزب الجمهوري : لقد كان ولد الطائع أولى بوفائك لأنه كان أسخى من ولد عبد العزيز و أكثر احتراما لرجاله، فبماذا تفسرون في قاموسكم الرجولي اليوم وفاء تلك المرأة ؟
لو كان من يحاورك على أبسط مستوى، لكان ولد عبد العزيز أرسل المفتشية في اليوم الثاني بعد مقابلتك إلى وزارة عدالة الغاب لتقفي مرحلة قيادتك لها : لقد كنت جريئا كعادتك و دخلت مطبات و محاذير قاتلة ، لا مخرج منها لكنك لم تجد محاورا مع الأسف، فكان من حقك أن تفتخر بما كان ينبغي أن يخجلك أو ما يخجل الآخرين على الأقل.
ـ و كان من عبقرية ولد عبد العزيز أن حول ولد الشيخ حين أظهر حقارته و استعداده للدفاع عنه بالباطل و بالباطل ، إلى وزارة الصناعة التقليدية ، لأن الكذب و النفاق و التمصلح و التزلف و الافتخار بالرذائل، صناعة تقليدية بامتياز في هذا البلد. و على سيدي ولد الزين أن ينفخ كيره في مقدمة بهلوانات البلاط ، فحين يبدأ الحمار ولد اجاي حملته للدستور من “شلخة لحمير”، نفهم أن الله يجمعكم بعدتكم و عتادكم ليوم مشهود.
ـ و من عبقرية ولد عبد العزيز أنه حين جمع المنافقين من حوله، قرر أن يضعهم جميعا و بصفة دائمة في حالة “قلق” (stresse) ليعطوا أفضل و ليثبت من خلالهم أن الشعب حقير ـ في القراءة العامة للظاهرة ـ من دون أن يدركوا أنهم هم الدليل على سخافة الشعب و ليس العكس.
ـ يقولون إن ما نقوله عن فخامة رئيس الجمهورية لا يليق : لو كنا نعترف برئيس عصابتكم لكنا نحترمه و ندافع عن سيادته و مقامه حتى لو كنا نعارضه، لكننا لا نعترف به و لا نقبل به و لن نصفه إلا بما يبدي من قوله و فعله، لكن ما نأخذه نحن عليكم معشر الموالي هو ما تقولونه أنتم في مجالسكم الخاصة عن فخامة رئيسكم من أوصاف و نعوت نعجز نحن أن نأتي بعشرها.
الغريب أن هذه الجماعة هي من تذكرنا دائما بمساوئها حين ننسى و بظلمها حين نعفو و بسذاجتها حين نحاول أن نعطيها أي قدر من الاعتبار، لكن من يحسبون كل صيحة عليهم ، جعلهم الله في حالة لا يعرف أصحابها الاستقرار، لا على رأي و لا على حال، فكان علينا أن نفهمهم من خلال هذا الأفق الرباني الفسيح : لو كنت تحب أو تقدر ولد عبد العزيز لأي سبب يا ولد الزين، لاحترمتك أكثر لكنني متأكد أنك لو سلمت طلقة نارية واحدة و قيل لك، الرب يسمح لك بقتل نفس واحدة في هذا الكون فاقتل من تريد ، لفجرتها بلا تردد في رأس ولد عبد العزيز . فكيف نحترمكم إذا كنتم لا تحترمون أنفسكم إلى هذا الحد؟
لو كنت تملك أي حس سياسي (بعيدا عن التمسح بالدفاع عن الوطن المكذوب) لتراءى لك بكل وضوح أن مركب عصابة ولد عبد العزيز يغرق و أن لا أحد “غيرك” يتمنى له النجاة، كما صفق أقرب مقربيه ـ لا إراديا ـ لإعلانه الكاذب.
و إذا كنتم تعتقدون أنكم ستدمرون بلدنا و تحتقرون شعبنا و نسكت عنكم لاعتبارات أنتم أكثر من يسيء إليها، تأكدوا أنكم مخطئون