طرابلس ـ «القدس العربي»: وسط الخلاف المحتدم بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة حول مبادرة المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي الخماسية التي أعلن عنها في وقت سابق ورفض «النواب» المشاركة فيها فيما أشعلت خلافاً داخلياً في أروقة مجلس الدولة واعترضت عليها حكومة مجلس النواب أيضاً، يجري رئيس المجلس الأعلى للدولة زيارة مفاجئة للمغرب التي احتضنت حوارات عدة بينه وبين نظيره السياسي في وقت سابق، ما يثير التساؤلات حول دور آخر تلعبه المملكة في وقت قريب مع الجمود الذي تمر به العملية السياسية.
وخلال الزيارة التي أسفرت عن لقاء جمع بين رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج ناصر بوريطة، قال تكالة إن وقوف الرباط على مسافة واحدة بين كل الفرقاء السياسيين في ليبيا يعزز الثقة في الوصول إلى نتائج إيجابية خلال أي مفاوضات تجرى على الأراضي المغربية.
وبعدما ثمَّن موقف المغرب من الأزمة الليبية، أوضح تكالة خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة بالرباط، الخميس، أن الحوارات العديدة بين الأطراف الليبية التي احتضنتها بلاده أسست لمؤسسات وأنهت الصراع الدموي بين الأشقاء الليبيين، كما نقل التلفزيون الرسمي المغربي.
وأكد أن المجلس الأعلى للدولة على ثقة بقدرة المملكة المغربية على الدفع بالعملية السياسية في ليبيا، وفق قوله. وأوضح تكالة أن اتفاق الصخيرات أصبح وثيقة دستورية، وحوارات بوزنيقة 1 و2 أسهمت في بناء المؤسسات السيادية بالبلاد، مشيراً إلى أن اللجنة المشتركة (6+6) المشكلة من مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة خير دليل على حدوث توافقات بين الفرقاء الليبيين للوصول إلى قوانين انتخابية ترضي الجميع.
إلى ذلك، جدد بوريطة تمسك المغرب بـ«مواقفه الثابتة» إزاء الصراع السياسي في ليبيا، مؤكداً حرصه على تقريب وجهات مختلف الأطراف عبر المفاوضات وعدم التدخل المباشر في الشأن الداخلي الليبي.
وأكد بوريطة أن المغرب يتعاطى مع الملف الليبي انطلاقاً من خمسة ثوابت أساسية، موضحاً أن الثابت الأول في علاقة المملكة بليبيا يتمثل في أن المجلس الأعلى للدولة كمؤسسة موضوع اتفاق سياسي في الصخيرات يعتبرها المغرب شريكاً لا محيد عنه لأي حوار ومفاوضات ونقاش حول مستقبل ليبيا، وفق قوله.
واعتبر بوريطة أن جميع الأجسام المؤسساتية في ليبيا هي فاعل أساسي في أي عملية سياسية، مؤكداً أن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية هو المسار الوحيد الذي من شأنه أن يخرج ليبيا من أزمة الشرعية المؤسساتية، وإخراجها إلى الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي يجعل البلد يتجاوب مع تطلعات الشعب الليبي، وفق وصفه. كما شدد على أن الانتخابات لا يمكن تجاوزها، ولا يمكن تصور أي مستقبل مستقر لليبيا دونها، مضيفاً أن المغرب ينظر إلى الصراع في ليبيا «كمواكب لإيجاد حل».
وأشار الوزير المغربي إلى أن بلاده لا ترغب في تقديم تصور أو رؤية حول الوضع في ليبيا، وتؤكد أن الحل للأزمة هو بأيدي الليبيين، ومخطئ من يعتقد أن في إمكانه أن يصيغ وصفة بالقفز على الليبيين والمؤسسات الشرعية الليبية، حسب قوله.
وأردف أن المغرب متفائل دائماً ولديه الثقة الكاملة في قدرة الليبيين على الوصول إلى حلول للوضع في بلدهم، قائلاً إنه يجب ألا تكون هناك تدخلات خارجية، لافتاً إلى أن في إمكان الليبيين في السياق الدولي والإقليمي الحالي التقدم نحو عملية سياسية للوصول إلى الانتخابات، وأن هناك فرصة اليوم يمكن لليبيين الاستفادة منها للوصول إلى حل.
والإثنين، اختار المجلس الأعلى للدولة في جلسة عقدها في مقره في طرابلس، ثلاثة مندوبين عن دوائر الغرب والشرق والجنوب، لتمثيله في الاجتماع التحضيري للطاولة الخماسية التي دعا إليها باتيلي، وتضم الأطراف المؤسسية الرئيسية في البلاد.
ولم يصدر عن المجلس أي إفادة رسمية بهذا الشأن، لكن وسائل إعلام محلية نقلت عن مصدر مقاطعة غالبية أعضاء المجلس للجلسة اعتراضاً على إحاطة رئيس المجلس محمد تكالة، الرافضة لمخرجات لجنة (6 + 6) المشتركة مع مجلس النواب، وكذا تسمية ممثلي مجلس الدولة في حوار باتيلي المقبل، دون الرجوع إلى بقية الأعضاء.
وفي وقت سابق، اعترض مجلس النواب الليبي على عدم الاعتراف بحكومته المؤقتة بعد دعوة باتيلي لحفتر ولحكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي والنواب دون توجيه أي دعوة لحكومته، ما اعتبرها «النواب» عدم اعتراف بمخرجاته الشرعية في نظره .