دول كثيرة تحاول أن تعيد ماضيها حينما كانت تمتلك قوة لا يستهان بها وجيش جرار وتتمدد هنا وهناك ولديها أتباع ونفوذ يقفون معها ولا تهتم بأي أحد ، ومن هذه الدول "فرنسا" الغارقة بمشاكل كثيرة في يومنا هذا.
من يزور العاصمة "باريس" يشعر بأنه قد زار مدينة متهالكة قديمة جدا ليس فيها أي خدمات تذكر ، بالقرب من أحد الفنادق الغني عن التعريف في وسط العاصمة ،والباهظ جدا لدرجة جنونية وجدت أكياس النفايات مترامية بكميات هائلة ورائحتها نتنة ومقززة للغاية ، وشكرت الله أنني محتفظ بكمامة في جيبي أرتديتها على الفور قبل أن أشعر بالغثيان ،وما يضحكني أنه خلال تواجدي في هذه اللحظة أني وجدت عربا يأخذون صورا بالقرب منه وهم فرحين و مبتهجين ، رغم أن الرائحة والمشهد تدعو الجميع للهرب من المكان..!!
مظاهرات و اعتصامات عنيفة بين فترة وأخرى ، وشكاوي من صعوبة الحياة عند السواد الأعظم من فئات المجتمع ، ولقد وصل الأمر إلى اشتباكات مرعبة وحالات لا تعد ولا تحصى من سرقات للمتاجر ، وحرق للسيارات بسبب حالة الغليان والسخط للواقع المتردي ، ومشردين مساكين ينامون في أي مكان يجدونه هربا من البرد القارص والحكومة غير مبالية بهم بتاتا.
الغريب والمضحك في نفس الوقت أن الحكومة الفرنسية الحالية وحتى السابقة لا تملك موضوع تتحدث عنه سوى "المسلمين" كشماعة تعلق عليها فشلها المدوي ، كما أنها تتدخل بشكل صارخ تحديدا بالشأن الأفريقي وكأنها وصية عليهم رغم أنها دول مستقلة ذات سيادة ..؟؟
أن كل ما يحدث في فرنسا بسبب أن الكثيرين يعيشون في عقلية الماضي القديم الذي ذهب ولن يعود مرة أخرى ، خصوصا عند أصحاب القرار ، ففرنسا غارقة بانعدام الخدمات والفقر الواضح على المواطنين والبطالة المتفشية ،وحتى أن هناك دراسة حديثة تذكر أن عدد كثير من الأطفال لا يحصلون على كفايتهم من الطعام كل يوم بسبب تدهور الحياة المعيشية .
بكل صراحة ووضوح فرنسا لن تتوقف عما تفعله ،وسوف تستمر بالمحاولات مرة تلو مرة حتى تتلقى ضربة مؤلمة تجعلها تعود لصوابها ، وحينها سوف تعرف حجمها الحقيقي "المناسب "لها ، وقد يكون هذا قريب جدا لأن فرنسا تفكر بفرض قواعد عسكرية لها في عدة دول أفريقية دفعة واحدة ، وحينها سوف تقع في "المصيدة" التي صنعته هي.
بروفيسور حسين علي غالب بابان