يقترب أكبر مشروع هيدروجين أخضر في أفريقيا خُطوة من تنفيذه على أرض الواقع في أعقاب الانتهاء من دراسة الجدوى ذات الصلة.
وتعوّل موريتانيا، البلد المنفذ للمشروع، على مشروعات الهيدروجين الأخضر في خلق بيئة مواتية لتنمية اقتصاد مستدام؛ إذ يؤدّي هذا الوقود منخفض الكربون دورًا رئيسًا مأمولًا في تأسيس اقتصاد صناعي مستدام ومرن.
وتمتلك موريتانيا المقومات التي تساعدها على أن تتبوأ مكانة رائدة على خريطة الطاقة المتجددة العالمية، ولا سيما الهيدروجين الأخضر؛ حيث تمتلك بعضًا من أقوى الرياح في أفريقيا، فضلًا عن وفرة السطوع الشمسي ذي الكثافة السكانية المنخفضة.
وبناءً عليه فإن لدى نواكشوط القدرة -نظريًا- على إنتاج الهيدروجين النظيف رخيص التكلفة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وما يجعل بناء أكبر مشروع هيدروجين أخضر في أفريقيا بموريتانيا ذات جدوى هو قرب البلد مكانيًا من أوروبا؛ ما يَعِدْ بتكاليف شحن أرخص من المصدرين الآخرين للهيدروجين أو الأمونيا في أماكن أبعد.
اكتمال دراسة الجدوى
أنهت مجموعة شاريوت (Chariot) المتخصصة في مجال الطاقة الانتقالية والتي تركز على أفريقيا، مؤخرًا، دراسة الجدوى لتنفيذ أكبر مشروع هيدروجين أخضر في أفريقيا، على الأراضي الموريتانية، بسعة 10 غيغاواط، حسبما أوردت منصة إنرجي كابيتال أند باور (Energy Capital & Power).
وتلامس التكلفة الاستثمارية الإجمالية للمشروع الضخم الذي يحمل اسم "نور للهيدروجين الأخضر"، نحو 3.5 مليار دولار أميركي؛ ما يُشكِّل إضافةً كبيرةً لقطاع الهيدروجين الأخضر في موريتانيا.
ويبنى أكبر مشروع هيدروجين أخضر في أفريقيا على مساحة تمتد على منطقة برية وبحرية تبلغ نحو 8 آلاف و600 كيلومتر مربع؛ حيث أُجريت دراسات الجدوى المسبقة للوقوف على خيار توليد الكهرباء من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لاستعمالها في التحليل الكهربائي لتفكيك جزيئات الماء وإنتاج الهيدروجين والأكسجين والمياه الصالحة للشرب.
مشروع أيقوني
تنفذ شاريوت خططًا لتطوير المشروع الذي يُعد أحد أهم مشروعات الهيدروجين في أفريقيا على مراحل؛ علمًا بأن المرحلة الأولية تستهدف تطوير سعة متجددة قدرها 3 غيغاواط؛ ما يُنتِج سعة تحليل كهربائي قدرها 1.6 غيغاواط تكفي لإنتاج 150 كيلوطن من الهيدروجين الأخضر سنويًا.
(الكيلوطن هي وحدة قياس وزن = 1000 طن).
وسيُسهِم الهيدروجين الأخضر في سد الاحتياجات المحلية عبر تطوير إنتاج الصلب الأخضر، إضافة إلى سد الطلب العالمي من خلال الاستفادة من الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به موريتانيا من حيث قربها من الأسواق الأوروبية.
وفي هذا الصدد قال وزير النفط والمناجم والطاقة الموريتاني الناني ولد أشروقة: "نحن سعداء للغاية؛ لأننا تلقينا مؤخرًا دعمًا كبيرًا من المفوضية الأوروبية؛ حيث اُختيرت موريتانيا شريكًا رئيسًا في مبادرة البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي لصادرات الهيدروجين المستقبلية وإنتاج الصلب الأخضر".
ومع تطوير أكبر مشروع هيدروجين أخضر في أفريقيا سيتحوّل التركيز إلى إنجاز إطار الاستثمارات وإجراء الدراسات التصورية الهندسية والتفاوض على اتفاقيات الشراء.
من جهته قال الرئيس التنفيذي لشركة شاريوت للهيدروجين الأخضر لوران كوشي: "حجم ونطاق مشروع نور للهيدروجين الأخضر لديه القدرة على أن يُحدِث تأثيرًا ماديًا بوصفه منتجًا محليًا ومصدرًا كذلك"، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأضاف كوشي: "سيواصل الشركاء -حاليًا- البحث عن أفضل طريقة لبدء الإنتاج من المشروع بهدف تعظيم القيمة على المديين القريب والبعيد، على نحو يصب في صالح كل المستثمرين".
ولفت إلى أهمية المشروع في سوق الهيدروجين الأخضر المستقبلي، معربًا عن استكشاف الشركة لفرص تصدير الهيدروجين، ومتوقعًا أن تصير موريتانيا من أهم اللاعبين في هذا المجال.
ويُعد أكبر مشروع هيدروجين أخضر في أفريقيا ثمار جَهد تعاوني بين شركة شاريوت للهيدروجين الأخضر (Chariot Green Hydrogen) التابعة لشركة شاريوت وشركة تي إي إتش2 (TE H2) المملوكة لعملاقة الطاقة الفرنسية توتال إنرجي وإرين غروب (EREN Group(، بدعم من وزارة النفط والمناجم والطاقة في موريتانيا.
إمكانات موريتانيا
رسمت موريتانيا خريطة طريق لتنمية الهيدروجين، تهدف لتحقيق وصول الجميع إلى الكهرباء بحلول عام 2030، ومزيج من الطاقة المتجددة بنسبة 50%.
وكانت دراسة لشركة شاريوت البريطانية، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، قد أظهرت أن موريتانيا في وضع جيد يسمح لها بإنتاج الهيدروجين الأخضر بتكلفة أرخص مقارنة بغيرها من الدول، بفضل مواردها من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وأبرمت نواكشوط العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات الإطارية لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر بإجمالي سعة 88 غيغاواط من الطاقة المتجددة، وفق ما قاله وزير النفط والمناجم والطاقة الموريتاني الناني ولد أشروقة، في تصريحات سابقة.
وخلال عام 2021 أبرمت موريتانيا اتفاقيات لتنفيذ مشروع "نور" للهيدروجين الأخضر، أكبر مشروعات الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، بقدرات تصل إلى 10 غيغاواط من مصادر الطاقة النظيفة، باستثمارات تصل إلى نحو 3.5 مليار دولار.
ويتطلع البلد الواقع شمال غرب أفريقيا إلى تأمين مكانة رائدة على الخريطة العالمية لاقتصاد الهيدروجين الأخضر خلال العقود المقبلة؛ مدعومةً في ذلك بمقوماتها التي تتضمّن وفرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمساحات الصحراوية الشاسعة والقرب من مياه المحيط الأطلسي، إضافة إلى الموقع الجغرافي الفريدة بقربها من الأسواق الأوروبية والأميركية.