الرباط – الأناضول: انعكست سنوات الجفاف الطويلة في المغرب بصورة سلبية على الحياة في واحة زيز التي تعد الأكبر في القارة الأفريقية
فالماء الذي كان وفيراً في هذه الواحة الواقعة جنوب شرقي المغرب بفضل آبارها وبحيراتها أصبح شحيحاً ما أدى إلى تراجع محصول أشجار النخيل فيها، وتصاعد وتيرة الهجرة منها.
وبسبب الجفاف المستمر للعام السادس على التوالي، والذي يترافق مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة، يواجه القطاع الزراعي الذي يستخدم 40% من العمالة والذي يعتبر المحرك الرئيسي لاقتصاد المغرب خطراً جدياً ومباشراً.
ورغم أن واحة زيز كانت معروفة بقدرتها على تحمل تقلبات المناخ، من قبيل العواصف الرملية ودرجات الحرارة المرتفعة، إلا أن ندرة المياه باتت تشكل خطورة كبيرة على المعيشة في هذه الواحة التي تضم بلدات وضَيعات تعتمد كلياً على الزراعة.
يقول المزارع علي أوجا في مقابلة إن الواحة كانت معروفة في السابق بوفرة المياه المستمدة من آبارها وبحيراتها وواديها المعروف باسم وادي زيز. لكن مع تراجع معدلات سقوط الأمطار في سنوات الجفاف الحالية نضبت المياه في العديد من هذه الآبار والبحيرات التي كانت تروي حقول النخيل التي كانت تساهم بنسبة مرتفعة من الدخل الزراعي لأكثر من 1.4 مليون مغربي، بحسب أرقام رسمية.
لم يكن النخيل المتضرر الوحيد من الجفاف في واحة زير، بل النشاط الفلاحي بأكمله، حسبما يقول أوجا الذي يضيف «بعدما كان المزارعون الصغار يحققون الاكتفاء الذاتي في المنتجات الزراعية مثل القمح والذرة والفول والتمور والزيتون والزيوت، باتوا الآن يشترون هذه المواد كلها من الأسواق».
وفي ظل الجفاف المترافق مع حرارة مرتفعة صيفا، تصاعدت وتيرة الحرائق في هذه الواحة في الفترة الأخيرة، والتي أتت على الكثير من أشجار النخيل فيها.
في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، يدق علي أوجا ناقوس الخطر من تصاعد وتيرة الهجرة من الواحة، ويقول إن توالي سنوات الجفاف دفع الكثير من الأسر إلى ترك الواحة، ما سيخلق مشاكل كبيرة على مستوى التواجد السكاني في المنطقة، إذ باتت كثير من من ضَيعات النخيل في الواحة خاوية على عروشها بعدما هجرها السكان هرباً من ندرة المياه.
وطالب بـ»مساعدة المزارعين في الواحة بعمليات حفر الآبار؛ من أجل توفير المياه اللازمة لسقي الأراضي واستمرار الزراعة في المنطقة». وحذر من أنه حال لم يتم توفير المياه سريعاً فإن الأسر في الواحة، التي تعتمد على الزراعة بشكل أساسي، «ستجد نفسها مضطرة إلى الرحيل والهجرة».
من جانبه، أكد المدير العام للوكالة المغربية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، مصطفى فوزي، أن سلطات البلاد تقوم بجهود كبيرة لحماية الواحات من مخاطر الجفاف، بما فيها واحة زيز.
وأضاف أن الوكالة تعمل على إنجاز مشاريع جديدة لحل المشاكل التي تواجهها الواحات جراء الجفاف، في إطار توصيات سابقة لوزارة الزراعة.
ولفت في هذا الصدد إلى أنه «تمت المصادقة أخيرا على اتفاقية لتنمية الواحات بميزانية قدرها 545 مليون درهم (54.5 مليون دولار)، والتي تهدف إلى إعادة تأهيل الواحات، والحد من الحرائق بها، وتوفير احتياجاتها من المياه.
وأشار إلى أن هذه الاتفاقية تشمل أيضاً إنشاء 50 كيلو متراً من سواقي المياه السطحية والخطارات (طريقة تقليدية لنقل المياه تحت الأرض) وتوزيع 1000 من فسائل النخيل.
وأشار إلى أن إستراتيجية الوكالة بخصوص الواحات تشمل أيضاً الحد من الحرائق فيها، عبر إنشاء لجان إقليمية لتنسيق عمليات الإطفاء، وتحديد الواحات الأكثر عرضة للحرائق، مثل واحة زيز.
ووفق تقرير للمعهد المغربي لتحليل فإن «الواحات تغطي 15 في المئة من مجموع مساحة البلاد، ويقدر عدد سكانها بنحو مليوني نسمة»، أي ما يعادل 5 في المئة من مجموع السكان.
وفي ظل ندرة المياه في البلاد، دعا العاهل المغربي، محمد السادس، في 29 يوليو/ تموز الماضي إلى تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر، حسب البرنامج المحدد لها، الذي يستهدف توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب من المياه سنويا.
وأضاف في خطاب متلفز أن مشاريع هذه المحطات ستمكن المغرب، في أفق 2030، من تغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب، إضافة إلى سقي مساحات زراعية كبيرة، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلاد.
كما أقرت الحكومة في وقت سابق برنامجاً وطنياً للتزود بالمياه لاستخدامها في الشرب والري للفترة الممتدة بين 2020 و2027، باستثمارات تبلغ 115 مليار درهم (12 مليار دولار).