قال العقيد المتقاعد عمر ولد ابيبكر إنه ما يزال حتى اليوم خاضعا للإقامة الجبرية بأمر من "جنرال الفيلق" كما يقول، دون أن يكون للقضاء دور، و بعد أن انتهت مدة الرقابة القضاية، ويضيف ولد ابيكبر في مقال طويل خصص أغلبه للدستور ومجلس الشيوخ
إن مطالب محاميه الشخصي بالإفراج عن جواز سفره وأغراضه التي صادرها الأمن صبيحة اعتقاله في نوفمبر من العام الماضي لم تفض إلى شيئ، واستعرض العقيد يوميات اعتقاله، قبل أن يضيف بأن الأمن اعتقل حفيده البالغ من العمر 20 شهرا فقط بحجة تشابه الأسماء.
وجاء في مقال ولد ابيبكر ما يلي:
"..تم توقيفي يوم 28 نوفمبر 2015 من طرف عناصر من إدارة أمن الدولة ترافقهم سيارتان محملتان برجال الشرطة عند خروجي من مقر حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية/ حركة التجديد، حيث كنت أنعش محاضرة حول موضوع مذبحة إنال، وحبست نظريا داخل مباني تابعة لفرقة مكافحة الإرهاب تقع في دار النعيم لمدة أسبوع.
وقد جاء اعتقالي بإيعاز من جنرال الفيلق الموجود حينها في نواذيبو، ضمن احتفالات الذكرى الـ55 لعيد الاستقلال.. وبعد أن أبلغه المدير العام للأمن الوطني بمضمون محاضرتي، أمر رئيس الدولة باعتقالي على الفور، وقد أرسل المدير العام للأمن الوطني عناصر من إدارة أمن الدولة للقيام بتلك المهمة، دون الرجوع لرؤسائه الأعلى في سلم القيادة و خارج قواعد القانون.
لم يكن لدى مفوضي إدارة أمن الدولة الذين استجوبوني لمدة ثلاثة أيام، أي صلاحيات ترابية في مجال الشرطة القضائية، حتى يثبت العكس، ولا يخضعون لغير المدير العام للأمن الوطني، بينما تنص الفقرة 1 من المادة 21 من مدونة الإجراءات الجنائية على أن "لضباط الشرطة القضائية صلاحيات في الحدود الترابية التي يمارسون فيها وظائفهم الاعتيادية".. إنها إذن خلية خارج القانون يقوم بتشغيلها النظام العسكري الغاصب للسلطة على مستوى الإدارة العامة للأمن الوطني لخدمة نزوات الدكتاتور وترهيب الأشخاص المنبوذين.
لقد ولجت هذه الخلية الخارجة على القانون إلى بريدي الالكتروني ووثائقي دون إشعاري بذلك، وصادرت أشيائي الشخصية، خارج إطار الإجراءات القانونية..
وفي اليوم الرابع من اعتقالي جاءني، في ساعة متأخرة من الليل، مفوض السبخة (نواكشوط الغربية) ذو الصلاحيات الترابية بالنسبة لمكان المخالفة من أجل إضفاء صبغة شكلية قانونية، لكنه استجوبني في مكان تابع لدائرة نواكشوط الشمالية ولمحكمة أخرى دون علم السلطات المختصة ترابيا.
في يوم 3 ديسمبر 2015، تم إحضاري سريعا أمام وكيل الجمهورية الذي أبلغني بأني متهم بالتحريض على التطرف والعنصرية، وكذا بأنشطة أخرى من شأنها المساس بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد. وبعد الاستماع لي، بحضور محامي الخاص، أحالنا أمام النيابة الخاصة بمحاربة الإرهاب والمكونة من 3 قضاة استجوبوني لمدة 5 دقائق قبل وضعي رهن المراقبة القضائية لمدة شهرين، مع مصادرة جواز سفري، وجهاز الكمبيوتر الخاص بي، وهواتفي، وكذا وثائقي الشخصية. وقد نفيت - جملة وتفصيلا- أمام هذه الهيئة القضائية جميع تهم النيابة.
تفرض علي المراقبة القضائية تسجيل حضوري كل أسبوعين لدى إدارة أمن الدولة وتمنعني من الخروج من نواكشوط دون إبلاغ قاضي التحقيق.
وفي يوم 4 فبراير 2016 لفت انتباه إدارة أمن الدولة إلى انقضاء فترة المراقبة القضائية، ثم في ابريل، ثم في يونيو، ثم في أغسطس.. دون الحصول على أي رد.
وعند نهاية شهر أغسطس أبلغت مفوض إدارة أمن الدولة بأني لم أعد مستعدا للمجيء وتسجيل الحضور دون تجديد القرار القضائي. وقد أبلغ المفوض رؤساءه الذين لم يتجاوبوا مع الموضوع؛ فتوقفت عن الحضور لدى إدارة الأمن.. و في تلك الأثناء التمس محامي الخاص - دون جدوى- من قاضي التحقيق الحصول على قرار بالإفراج عن أشيائي المصادرة.
يتبين مما سبق أن القضاء خاضع تماما لسلطة جنرال الفيلق ، إذ لا يمكن اتخاذ أي قرار دون موافقته؛ فهوـ وحده ـ من يقرر بشأن الاعتقال والإفراج عمن يشاء.. أما وزارة العدل التي يفترض أنها تسهر على حسن تطبيق القوانين والتي يقودها منذ بعض الوقت محام طيع جدا، هو أول من دعا أمام الجمعية الوطنية إلى انتهاك الدستور حين طالب بمأمورية ثالثة، ورابعة وخامسة لسيده فهي أشبه بوزارة للظلم.
لقد تم تنفيذ اعتقالي وتفتيش بيتي دون أي أمر قضائي. إن صلاحيات النيابة في مثل هذه الظروف هي في الواقع لدى المدير العام للأمن الوطني ومفوضي الظل بموجب التعليمات الصادرة من جنرال الفيلق باسم منطق إرادة الأقوى.
هكذا أنا اليوم خاضع لرقابة قضائية أو إقامة جبرية في غياب أي إجراء قضائي أو إداري مناسب، فقط بإرادة الدكتاتور جنرال الفيلق محمد ولد عبد العزيز ولد اعلي. ولم يتصرف القضاء الذي لجأ إليه محامي الشخص عدة مرات، باعتباره ضامن الحرية الفردية. فوداعا لدولة القانون.
حتى الأطفال لم يسلموا من هذه السلطة الشريرة.. ففي يوليو وسبتمبر الماضيين تم توقيف حفيدي الذي يحمل نفس اسمي: عمر الشيخ ابيبكر وهو رضيع يبلغ 20 شهرا من العمر كان برفقة أمه في استشارة طيبة بالمغرب فتم توقيفه عند الذهاب والعودة من قبل شرطة مطار نواكشوط، وتمت مصادرة جواز سفره في انتظار الضوء الأخضر من إدارة أمن الدولة؛ بحجة خطإ في الشخص . فأي سخافة بعد هذه؟
أما فيما يخصني فلن يمنعني أي شيء من التنديد علنا بالمجزرة.. سأكون دائما متضامنا مع أهلي الضحايا، المحرومين من جميع حقوقهم بما فيها حقهم في البكاء على أقاربهم الذين ماتوا في ذلك اليوم المشهود؛ في ظروف مأساوية وغامضة تريد السلطة العسكرية التعتيم عليها بشكل مطلق.
لن يمنعني أي كان من فضح تلك الأعمال الظالمة وتلك الحقائق التي لا تحتمل، والتي لم أكن استطيع قولها بسبب واجب التحفظ."