طرابلس – الأناضول: اشترط محافظ مصرف ليبيا المركزي المكلف، محمد الشكري، أمس الجمعة وجود توافق بين «مجلس النواب» و»المجلس الأعلى للدولة» لتفعيل قرار تكليفه.
جاء ذلك في بيان للشكري عبر فيسبوك عقب توتر شهدته العاصمة طرابلس على خلفية إصدار «المجلس الرئاسي» قراراً بعزل محافظ البنك الصديق الكبير وتعيين الشكري مكانه.
وبناء عليه رفض الكبير تسليم المنصب، كما رفض القرار كل من مجلسي «النواب» و»الدولة» بحجة صدوره من «جهة غير مختصة».
وقال الشكري إن «قرار مجلس النواب رقم 3 في 2018 صدر بتكليفي بمهام محافظ مصرف ليبيا المركزي وأديت القسم القانوني تبعا لذلك». وأضاف «ومنذ ذلك الحين تجري تجاذبات ومماحكات سياسية ما بين الجهتين المختصتين بذلك (مجلسي النواب والدولة) والتي تشترط الاتفاقات السياسية توافقهما بهذا الشأن».
وتابع «وحفاظا على المؤسسة النقدية من التشظي وتأثر سمعتها أمام المؤسسات النقدية المناظرة في العالم (..) تركت الجمل بما حمل، رغم اتصالات كثيرة للتمكين بطرق لا تتوافق مع مبادئي وعقيدتي».
وقال الشكري «اشترطت على الجميع لتفعيل القرار بأن يكون هناك توافق من الجهتين التشريعيتين المختصتين (مجلسي النواب والدولة)».
وأضاف: «تاريخي المهني والوظيفي وأخلاقي لا تسمح لي بالمطلق أن اكون جزءاً من هذا العبث».
ومساء الخميس احتشدت كتائب مسلحة موالية للمجلس الرئاسي لاقتحام البنك المركزي، في ظل وجود كتائب أخرى مناصرة للمحافظ الصديق الكبير تحمي المكان.
ذلك الوضع دعا بعثة الأمم المتحدة لإصدار بيان في وقت متأخر مساء الخميس أعربت فيه عن «قلقها إزاء التقارير التي تفيد بحشد القوات في طرابلس بما في ذلك التهديد باستخدام القوة لحل أزمة المصرف المركزي».
ودعت البعثة الأممية إلى «التهدئة بشكل فوري»، مؤكدة أنها «تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق سلمي».
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة في بيان لسفارتها لدى ليبيا عن «قلقها إزاء التقارير التي تفيد باحتمال وقوع اشتباكات في طرابلس»، وحثت «جميع الأطراف على التهدئة وتجنب العنف».
واعتبرت «محاولة حل الأزمة المتعلقة بالمصرف المركزي بالقوة أمر غير مقبول وسيكون له عواقب وخيمة على سلامة المؤسسة واستقرار البلاد، فضلا عن التأثيرات الخطيرة المحتملة على مركز ليبيا في النظام المالي الدولي».
ذات الموقف أيضاً اتخذته بريطانيا عبر بيان لسفارتها لدى ليبيا، دعت فيه «جميع الأطراف إلى استخدام نفوذها للتخفيف من حدة الصراع والدخول في حوار سلمي».
ويعود الخلاف بشأن محافظ البنك إلى سبتمبر/أيلول 2014، حيث صوت أعضاء مجلس النواب بالأغلبية على قرار إقالة الصديق الكبير من منصبه محافظا للبنك المركزي.
وفي يناير/كانون الثاني 2018 أصدر مجلس النواب قرارا بتكليف محمد الشكري محافظا للبنك، إلا أن رئاسة المجلس أصدرت قرارا بإيقاف العمل بقرار تكليف الشكري مع عودة تكليف الصديق الكبير محافظا للمصرف. لكن المجلس الرئاسي أعلن في 18 أغسطس/ آب الجاري قرر تنفيذ قرار مجلس النواب لعام 2018 بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف المركزي.
ويعمل البنك المركزي حالياً تحت إشراف المحافظ الصديق الكبير، ونائبه مرعي البرعصي، بدون مجلس إدارة مكتمل، الأمر الذي دفع بمجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي لإعلان فتح باب الترشح لتشكيل مجلس إدارته خلال 10 أيام.
يأتي ذلك بينما تشهد البلاد أزمة سياسية منذ مارس/آذار 2022، تتمثل في صراع بين حكومتين إحداهما حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس، وتدير منها غرب البلاد بالكامل.
أما الحكومة الثانية فكلفها مجلس النواب، وهي حكومة أسامة حماد، ومقرها في مدينة بنغازي وتدير شرق البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب.
وعمَّق وجود الحكومتين أزمة سياسية يأمل الليبيون حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية طال انتظارها منذ سنوات، وتحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.