أكثركم تفاهة أكثركم متابعة!- محمد الأمين الفاضل

ثلاثاء, 04/02/2025 - 20:53

غاب نقاش الأفكار والرؤى في هذا الفضاء، ولم يعد هناك نقاش فكري أو ثقافي أو سياسي مفيد، وذلك بعد أن هيمن الكلام الساقط والمسيء، وسيطرت البذاءة،  فأكثركم اليوم إساءة سيكون أكثركم غدا متابعة، وبعد كل معركة بين شخصين أو أكثر في هذا الفضاء تستخدم فيها أشد الأسلحة بذاءة وإساءة ستزداد المتابعة وحجم التفاعل بالنسبة للطرفين المتنابزين، الظالم والمظلوم منهما، المجرم والضحية، وهو ما يعني أن الجميع "سيربح" بقياس حجم التفاعل ومستوى المتابعة، ومن كان أكثر بذاءة وسوقية ستحظى مناشره وبثوثه بتفاعل أكثر ( أشير هنا إلى أنك عندما تعلق لشخص ما بكلمة مسيئة تشتمه بها، فأنت بذلك تتفاعل معه، وترفع من قيمة منشوره، فما يهم في هذا الفضاء هو حجم التفاعل إيجابيا كان أو سلبيا لا محتواه).
 الظاهر للأسف أن الحال سيستمر على هذا المنوال، ما دامت المعارك الشخصية تزيد الإعجابات والمتابعة، فأشهر المتابعين في هذا الفضاء زادت متابعتهم بعد معارك وصراعات شخصية لا فائدة من ورائها للمجتمع والدولة.
إن جمهور هذا الفضاء لا يريد إلا المعارك الشخصية التي تستخدم فيها لغة السب والشتم بكثافة، وإن صادف أحدهم منشورا يتضمن فكرة مفيدة تركه دون إعجاب أو تعليق بحثا عن كلام ساقط وسيء لا يتضمن أي فكرة مفيدة.
نعم سيستمر الحال على حاله، فالتفاهة هي بالضبط ما يريده نشطاء هذا الفضاء، وهي وحدها التي تزيد من حجم التفاعل لمن يعتمدها نهجا وأسلوبا في التدوين.   
فبأي منطق تريدون أن تختفي التفاهة، ما دام المتلقي يريدها، ولا يريد غيرها، وما دامت من جهة أخرى هي الوسيلة الأكثر فاعلية لزيادة حجم المتابعين ومستوى التفاع