
قال وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان إن الثقافة الحسانية في موريتانيا واكبت حركة التدوين والبحث العلمي، فصدرت عنها عشرات البحوث والأطروحات والكتب والمعاجم والمقاربات النقدية، مما أتاح فهماً أعمق لبنياتها المعجمية والدلالية والأسلوبية، وجعل منها حقلًا علميًّا رحبًا، مفتوحًا على الدرس الأكاديمي والفني على حد سواء.
جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة الحسانية"، وذلك بمشاركة وفد موريتاني.
وأكد ولد مدو، أن اختيار الجزائر، ذات الإرث الثوري والثقافي العريق، لتكون عاصمة للثقافة الحسانية، هو اختيار بليغ الدلالة؛ لأنه يؤكد أن الحسانية موروث مشترك لأبناء هذا الفضاء الحر الذي لم تعرف حدوده القيود الإدارية إلا حديثا؛ وإنما رسمته القوافل والقصائد والمجالس، والعلاقات الأخوية الإنسانية الضاربة في الجذور.
وأضاف أن موريتانيا بوصفها إحدى اهم حواضن للحسانية، تتلقى هذا التكريم بتقدير كبير، وترى فيه لحظةً مشرقةً من لحظات التعاون الثقافي الأخوي بينها وبين الجزائر، تعبيرًا عن عمق الوشائج التي تربط البلدين، والتي تتجاوز الجغرافيا والسياسة، لتطال مجالات الفكر واللغة والإبداع، وكل المشترك الثقافي والحضاري.
ولفت ولد مدو، إلى أنه لا يخفى على أحد أن التحديات التي تواجه الثقافة الحسانية –كما تواجه سائر الثقافات الوطنية– تتجلى في الزحف الجارف للعولمة، وتآكل الذاكرة، وتراجع أدوات التوريث الشفهي.
وتابع الوزير قائلا: "ومن هنا، فإن هذه التظاهرة –بما تحمله من مضامين ورهانات– تمثل فرصة ثمينة لتجديد العهد مع هذا الموروث، وتطوير أدوات صونه وتوثيقه ونقله، وتمكين الأجيال الجديدة من التفاعل معه ليس كتراث جامد؛ بل كمصدر للهوية، وأفق للإبداع، ومجال للإنتاج الثقافي والفني والتنموي".