
الرباط ـ «القدس العربي»: برز أول رد فعل رسمي في المغرب، مساء السبت، تجاه قيام جبهة «البوليساريو» بتوجيه صاروخ نحو محيط مدينة السمارة في إقليم الصحراء، دون أن يخلّف أضراراً في الأرواح. فيما أفادت مصادر بأن الجيش المغربي ردّ على هذا الهجوم بإرسال طائرة مسيّرة استهدفت عناصر عسكرية من الجبهة كانت موجودة في «المنطقة العازلة» خلف الجدار الرملي.
وأصدر حزب «التجمع الوطني للأحرار»، قائد الائتلاف الحكومي، بياناً قال فيه إنه «يتابع باستهجان كبير واستنكار بالغ الاعتداء الجبان لميليشيات جبهة البوليساريو، بواسطة مقذوفات تستهدف المدنيين بمدينة السمارة، المدينة الروحية للصحراء المغربية»، وفق تعبيره.
وبعدما أعرب عن إدانته لهذا العمل الذي نعته بـ»الإرهابي»، قال إن هذه الخطوة «تعبّر عن حالة اليأس التي وصلت إليها الأطروحة الانفصالية لجبهة البوليساريو، بسبب النجاحات المتتالية التاريخية التي حققتها بلادنا، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، في تدبير ملف الصحراء المغربية، والتي يعكسها تقوية الموقف المغربي، وتزايد الدعم الدولي للوحدة الترابية للمملكة»، حسبما ورد في البيان الذي أُرسلَ إلى «القدس العربي».
وسجّل عدم حدوث أي خسائر في الأرواح، مشيدًا بـ»الأدوار الكبيرة التي تقوم بها مختلف القوات العسكرية والأمنية والسلطات الترابية في حماية الحدود الحقة للمملكة، وحماية الساكنة وضمان استتباب الأمن في المملكة المغربية». ودعا «التجمع الوطني للأحرار» الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى متابعة هذا العمل المدان، بما يضمن احترام تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
في السياق نفسه، ذكر «منتدى الجنوب للصحافة والإعلام» أنه يتابع بقلق شديد «التصعيد الميداني الأخير» الذي شهدته المنطقة الحدودية الشرقية الجنوبية لمدينة السمارة، الجمعة، قائلاً إنه «يدخل في إطار الهجوم التصعيدي الغادر إثر سقوط مقذوفات على غرار سلسلة من الهجمات السابقة والمماثلة بالمنطقة التي قامت بها عناصر البوليساريو في وقت سابق بشكل متكرر ومستفز وفي محيط خال من السكان بالقرب من ثكنة تابعة لبعثة الأمم المتحدة (المينورسو) دون أن تسفر عن خسائر بشرية أو مادية».
واعتبر «المنتدى»، في بيان اطلعت عليه «القدس العربي»، أن هذا الهجوم يعدّ انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية ويهدد أمن واستقرار المنطقة، وهو أيضًا انتهاك سافر لقرارات وقف إطلاق النار، ويقوّض الجهود الأممية الرامية إلى إيجاد حل سلمي للنزاع المفتعل حول الصحراء.
كما حذر من خطورة ما أسماه «التصعيد الجبان الذي يندرج في سياق محاولات يائسة من طرف عناصر البوليساريو لزعزعة الاستقرار في المنطقة بصفة عامة»، مؤكدًا حرص المغرب الدائم على احترام الشرعية الدولية، ومشددًا على أن «مثل هذه الأفعال الجبانة لن تثني المملكة عن مواصلة مسارها التنموي والدبلوماسي في الأقاليم الجنوبية».
وتبنّت جبهة «البوليساريو» الهجوم عبر الصاروخ الذي وقع يوم الجمعة، حيث ذكرت «وكالة الأنباء الصحراوية» أن «وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي استهدفت قواعد العدو بقطاع السمارة، مخلّفة خسائر فادحة في الأرواح والمعدات»، وفق تعبيرها.
ونقلت الوكالة عن بلاغ عسكري قوله إن «منظومة الدفاع المغربية المعادية بعتادها وتكنولوجيتها، فشلت في صد هجمات أبطالنا الميامين المعتمدين على قوة إيمانهم بحتمية النصر».
وتحدث المصدر عن اعتزام جبهة «البوليساريو» مواصلة هذه العمليات العسكرية، ما اعتبره مراقبون مغاربة خرقًا صريحًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي جرى تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1991.
لكن مصادر مغربية سارعت إلى نفي حدوث خسائر بشرية أو مادية جراء الصاروخ الذي وجهته جبهة «البوليساريو»، مشيرة إلى أن المقذوفات سقطت في محيط خال تمامًا من السكان، قرب ثكنة عسكرية تابعة لبعثة الأمم المتحدة «المينورسو»، دون أن تطال أي منشآت مدنية أو عسكرية.
وأفادت بأن طائرة مسيرة مغربية، قامت بتحييد عناصر مسلحة لجبهة البوليساريو، ردًا على قصف صاروخي استهدف محيط بعثة الأمم المتحدة «المينورسو» في مدينة السمارة، من غير تسجيل أي خسائر. وأوضحت أن «العملية جاءت بعد رصد دقيق لموقع عناصر من البوليساريو المسؤولة عن إطلاق المقذوفات، حيث تم تحديد مكان وجودها، قبل أن تتدخل المسيرة المغربية وتوجه ضربة دقيقة أجهزت على العناصر المتورطة».
وفي هذا السياق، أجرت بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) زيارة ميدانية لمواقع سقوط المقذوفات الأربعة التي استهدفت محيط مدينة السمارة، وذلك برفقة أفراد من القوات المسلحة المغربية، بهدف إعداد تقرير تفصيلي يُرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
وسجّل «منتدى الجنوب للصحافة والإعلام» أن هذه التطورات تأتي وسط اهتمام متزايد من الكونغرس الأمريكي بتصنيف جبهة البوليساريو كـ»منظمة إرهابية»، من خلال مشروع قانون اقترحه السيناتور الجمهوري جو ويلسون، بدعم من النائب الديمقراطي جيمي بانيتا.
وتطالب جبهة «البوليساريو» بتقرير المصير في الصحراء، متبنّيةً طرح الانفصال عن المغرب، بينما يقترح هذا الأخير حكمًا ذاتيًا للإقليم في إطار السيادة المغربية، وهو المقترح الذي تؤيده العديد من الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وألمانيا، بالإضافة إلى دول أخرى من إفريقيا وأمريكا اللاتينية.