زلة لسان مذيعة أخبار حول سن العاهل المغربي تتحول إلى “نقاش مبالغ فيه”- (تدوينات)

اثنين, 25/08/2025 - 21:37

الرباط – “القدس العربي”: التف عدد كبير من الإعلاميين المغاربة حول مذيعة الأخبار سناء رحيمي، بالقناة الثانية (دوزيم)، معبرين عن تضامنهم المطلق معها، بعد الهجمة الرقمية “الشرسة” التي استهدفتها عقب زلة لسان خلال تقديم نشرة إخبارية، حيث قالت إن الملك محمد السادس يحتفل بعيد ميلاده الـ72 عوض الـ62، وهو العيد المرتبط بعيد الشباب.

إضافة عشر سنوات لعمر الملك بدت للبعض “خطأ جسيماً لا يُغتفر”، خصوصاً في بلد يربط فيه الشعب المغربي علاقة وجدانية قوية بعاهله، ما جعل المنتقدين يعتبرون الواقعة “خطأ إعلامياً كبيراً” يستوجب على إدارة القناة تقديم اعتذار رسمي، فيما ذهب آخرون إلى حد المطالبة بعقوبة تأديبية في حق الصحافية.

غير أن أصواتاً أخرى اعتبرت أن الهجوم لم يكن كله بدافع “حب الملك”، بل جاء بعضه من منطلق الحقد أو تصفية الحسابات، خاصة مع النجاح الذي تحققه رحيمي في تقديم البرامج الحوارية والنشرات الإخبارية. وهناك فئة ثالثة وجدت في الحادثة فرصة للعزف على نغمة التنمر، وهي عادة أصبحت جزءاً من المشهد الرقمي المغربي كلما تعلق الأمر بشخصية عامة أو إعلامية معروفة.

بالنسبة للإعلاميين، فقد كان الأمر مختلفاً. فالضغط المهني، كما يقولون، يتسبب أحياناً في أخطاء لا يسلم منها أي إعلامي، مهما كانت خبرته. كبريات الصحف المغربية بدورها وقعت في أخطاء مطبعية كارثية خلال سباقها مع الزمن لإصدار أعدادها، والقنوات الدولية ارتكبت هفوات مشابهة في نشراتها، كما أن الراديو لم يسلم بدوره من عثرات المذيعين. كلها تبقى في النهاية أخطاء غير مقصودة، وليست ناتجة عن سوء نية.

بعض الصحافيين فضلوا النظر إلى الواقعة من زاوية أخرى. الصحافي نور الدين لشهب اعتبر أن عشر سنوات إضافية ليست “زلة لسان” بل أقرب إلى “دعاء بالبركة وطول العمر”، موضحاً أن قول رحيمي “72” بدل “62” لا يمكن قياسه كعملية حسابية جامدة، بل كفلتة لسان تحمل رمزية إيجابية. وسأل لشهب: “ما معنى عشر سنوات تُضاف لعمر ملك؟” ليجيب: “إنها بشارة بطول العمر، ودعاء صادق بالشفاء، وإقرار بأن الزمان يطيل بقاءه”.

وفي السياق التحليلي نفسه تقريباً، اختتم الصحافي حسن المولوع تدوينة على صفحته في فيسبوك قائلا: “شكراً لسناء رحيمي لأنها قالت 72 عاماً، فهذا فأل خير بأن الله سيطيل عمر جلالة الملك”، بعد أن استهلها باعتبار انتقاد المواطن العادي لمقدمة الاخبار رحيمي أمرا طبيعيا ومفهوما، “لكن الغريب أن بعض الناس من بني جلدتنا يبالغون في ردة الفعل ويقيمون الدنيا ويقعدونها بسبب خطأ يقع حتى في أكبر القنوات الدولية”.

وأضاف موضحا “من لم يجرب الوقوف أمام الكاميرا لا يحق له الحديث عن مثل هذه الأخطاء والاستغراب منها. فالتواجد أمام الكاميرا له رهبة لا يعرفها إلا من اختبرها، حتى وإن كنت تقرأ نصا مكتوبا، الميكروفون أيضا له رهبة خاصة، وحتى لو كنت في الإذاعة وكل شيء مكتوب أمامك، فقد تخطئ، رغم خبرتك الطويلة”.

المولوع ذهب أبعد من ذلك، مستشهداً بخطباء المساجد الذين يخطئون أحياناً في تلاوة القرآن رغم سنوات الحفظ الطويلة، متسائلاً: “هل نقيم الدنيا إذا وقعوا في زلة؟” ليخلص إلى أن النقد يجب أن يكون متناسباً مع حجم الخطأ، بعيداً عن المبالغة والتضخيم.

إلى جانب ذلك، استحضرت بعض المواقع الإخبارية مسيرة سناء رحيمي، مؤكدة أنها “صحافية عصامية نجحت من رحم المعاناة”، وأن من يشتغل أكثر، كما في حالتها، يكون عرضة أكثر للحسد والهجمات الرقمية. شهادات أخرى جاءت من زملاء اشتغلوا معها، وصفوها بأنها “أرقي وأفصح وأشجع الصحافيين المغاربة”، مثلما كتب الإعلامي صبحي أبو زيد الذي قال إن “الشجرة المثمرة هي وحدها من تُرمى بالحجارة”.

أما الصحافي ماء العينين عناني فقد فصّل في حيثيات الأخطاء المهنية قائلاً إن “الأسباب عديدة لكنها تغتفر”، وذكر منها: تشابه النصوص الإخبارية، ضعف التركيز أحياناً، غياب عنصر من الفريق التحريري، الفراغ المفاجئ في الذاكرة، أو الاعتماد الزائد على الحفظ. كلها عوامل تجعل من زلة لسان في المباشر أمراً وارداً حتى عند أكثر المذيعين خبرة. وختم قائلا: “مقدم من الذكاء الاصطناعي وحده يمكن أن يتلو أخبارا بهامش خطأ ضعيف جدا، لكن بلا روح”.