فخامة الرئيس ، رجاءً ، أنقذوا موريتانيا / سيدي علي بلعمش

اثنين, 01/09/2025 - 20:16

تحتاج الساحة السياسية في البلد اليوم ، إلى عملية رسكلة ناعمة الذكاءً ، خشنة الجدية ، تستعيد من خلالها ألَقَها و جديتها و فعاليتها ..

يجب أن تستعيد الأحزاب الجادة ، ذات التاريخ العريق و  التوجهات الحزبية المفهومة (تكتل القوى الديمقراطية ، التحالف الشعبي التقدمي ، اتحاد قوى التقدم …) ، مكانتها في الساحة و ريادة العمل المعارض المسؤول و المفهوم على الأقل !!

لقد تأذت بلادنا بما فيه الكفاية ، من تسكع أحزاب الشنطة و ترنح "أحزاب تحت التأسيس" و صراخ منظمات الأحزاب و أحزاب المنظمات و كل مظاهر المجاعة الفكرية و تنمُّر أقزام العمالة الأجنبية المكشوفة ..

 فبترصد و سبق إصرار ، دمر ولد عبد العزيز كل مظاهر الحياة الجادة في البلد و استبدلها برهط من أمثاله حولوا حياة البلد إلى جحيم حقيقي ..

# قوة الدولة تقاس بقدرتها على النهوض من النكبات و الكبوات . 
و  أقل ما يمكن أن نقوله عن النظام الحالي ، أنه لم يستطع بَعدُ أن ينتشلَ البلد من آثار دمار ولد عبد العزيز ..

كل ما يربك الساحة اليوم ، من صنع و تخطيط عزيز ؛ فهو من صنع بيرام و هو من ربطه بـ"افلام" و هو من حوَّلَ ثوابت الاستقرار في منطقة المغرب العربي و ما يجاورنا من الغرب الإفريقي ، إلى ألاعيب بلا ضوابط ، تدار بالمكر من تحت الف طاولة بلا أفق و لا عمق و لا رؤية مستقبلية و لو لأسبوع واحد ..

علاقات عزيز مع كل الحركات الإرهابية المسلحة في المنطقة ، كان من الطبيعي أن تصبح عبءً ثقيلا على النظام لأن مواصلة العلاقات معها مشكلة و فك الارتباط بها مشكلة أكبر !!

و يُحاكَم ولد عبد العزيز اليوم ، على بعض أخطائه البسيطة أما جرائمه النكراء ، فقد تم تجاوزها جميعا ، لا أدري هل لأسباب سياسية أو لأسباب أمنية أو لأمور غامضة أخرى ، سنقول كاذبين أننا لا نفهمها !؟ 

و قد حاولت السلطات القائمة ، السير فوق هذا الوضع المتفجر ، معتقدة أن تجاوزه بالتجاهل عمل ممكن ، لتكتشف اليوم ، أن إدارة جماعات بلا ضوابط و لا توجهات و لا عهود ، تحركها أكثر من جهة (داخليا و خارجيا) ، تعيش على سمسرة الأزمات و الارتزاق و ولاؤها الأوحد لمن يدفع أكثر ، كانت تحتاج عملية اجتثاث معلن ، لا عملية مهادنة مشابهة لخطورة تناميها ، تماما مثلها ، تدير ظهرها لكل الحقائق ..

على السلطات الموريتانية أن تتحلى بأعلى درجات الوضوح و الشجاعة و تتحمل كامل مسؤولياتها أمام الشعب في مواجهة هذه المجموعات التي تحركها أياد أجنبية نعرفها جميعا و نعرف أسباب عدائها للبلد و كل ميكانيزمات تحريضها و استفزازها لتوتير الساحة المحلية و خلق أبطال من نمور من ورق ، أربَكوا أجهزة القضاء و الأمن بخلفيات خارجية وهمية ، لا وجود لها على الأرض و لا مصداقية لها على الورق ..

على السلطات أن تثق في نفسها و تفرض خضوع الجميع للقانون ، رغم أنوف الجميع :

#  ردع المجرمين لا يسمى دكتاتورية .. 
# سلوك عزيز و إيرا و افلام (…) ، لا يمكن أن يظل من دون عقوبات : الخيانة ليست وجهة نظر ، يا سلطات موريتانيا !!
# مواجهة الإعلام الفاسد بأقسى العقوبات ، لا يسمى بــ"الحد من الحرية" ..
# رفض ترشح معتوه جاهل ، لم يتول في حياته إدارة مصلحة ، يتلخص برنامجه في نقطة واحدة هي عداء البيظان ، لا تعتذر عنه غير سلطة مقطوعة اللسان ، أتمنَّى أن تقف دونه مستقبلا كل الأجهزة الأمنية (بمفهومها الواسع) ..

# على بلطجية عزيز و بيرام و تيام صامبا أن تفهم (بخطاب واضح و مباشر و نهائي) ، أننا لا نخافها و لا نعتبرها تهديدا للأمن و إنما نعتبرها ظاهرة مخجلة ، ما كان لها أن تكون !!

#  إعطاء القضايا الأمنية أبعادا سياسية لا تمت إليها بأي صلة ، هو أخطر ما يهدد استقرارَ أي بلد و يثبتُ ضعف الدولة ..

العالم كله يرفض أي نوع من التعاطي مع التطرف و العنصرية . 
و هذه الحركات العبثية ، حركات متطرفة و عنصرية و جاهلة و منتقمة من تاريخ تجهلُ نصيبَ آبائها و أسياد زمنهم من مسؤوليته :  العبودية اليوم لم تعد موجودة في غير أمريكا و أوروبا و بعض القبائل الأفريقية المتعصبة لمكانتها الاجتماعية في كل حي و في كل قرية و في الوظائف الاجتماعية و في المقابر ..
الأرقاء و الأرقاء السابقون أصحاب قصة قبل أن يكونوا أصحاب قضية : من عَبَّدَ آباء بيرام و من أوصلهم إلى موريتانيا و باعهم للبيظان كقطيع خرفان ؟
 
و صحيح أن مهمة الاجتثاث ليست سهلة و لا مرتبطة بمجرد جزئيات من أوجه الحياة في بلدنا ..
و صحيح أنها تصدعات بعمق أقصى حدود تحمل البلد ، لكن التعايش معها هو حل من لا حل له .. 

لقد جرب الرئيس غزواني كل الحلول المهادنة و كل الطرق الرحيمة ؛ و لا شك أنه تأكد اليوم ، أن الحل في الكي لا في رحمة من لا يَرحَمون : تدوير المفسدين لضرورة استمرارية الإدارة و العمل على توطيد مفهوم الدولة ، زادَ تفشي الفساد ضراوةً حتى في قطاعات ظَلَّ فيها شبه معدوم ..

و بشكل متقادم و مريب ، بدأت تنمو عضلات صراع داخلي عجيب المنطق ؛ إذا قرأته من خلال سِيَّرِ أصحابه و ماضي ولاءاتهم ، اتهموك باستهدافهم و الإساءة إليهم و إذا قلت إن ولاءاتهم كاذبة و وفاءهم كاذب (للرئيس السابق و الحالي و القادم) ، اتهموك بالحقد و الحسد و كل ثقافة عامية المجتمع المدللة !!

كلهم متهمٌ بكل شيء و عكسه و كلهم يمثل لغزا حقيقيا بتناقضاته المحيرة و جراءته على التنكر لكل الحقائق المرتبطة بحياته !!

إن وضع الرئيس لنفسه في حقل ألغام بلا خارطة كهذا ، هو سبب كل المواقف السلبية من إدارته لشؤون البلد و هو سبب نفور كل نخبة البلد الناقدة و الشارحة و الحالمة بغد أفضل، من سياسة النظام و توجهات الرئيس و جدية أي شيء !!

غزو جراد التفاهات للمشهد السياسي و الثقافي و الإعلامي في البلد ، ليس مجرد حالة عابرة  ، يتم التخلص منها بانتهاء موسم البلطجة الممتد على طول العام ..

فمن دون إصلاح الإعلام بإلتخلص من كل روابط و اتحادات و نقابات الصحافة و الأدباء و  الجزارين و  الخبازين و القنوات الفضائية و الجرائد و المنصات ، لا يمكن ولوج أي آلية إصلاح ؛ لا بسحب تراخيصها و لا بالتشكيك في أهمية دورها و إنما برفع الوصاية عنها فقط و عدم تقديم العون المجاني لها و فتح سوق الدعاية و المنافسة أمامها كما في العالم أجمع : حينها سيبقى أصحاب المشاريع الجادة و يسقط كلُّ العابثين ..

و من دون إعداد إصلاحات مبتكرة ، تخاطب عقليات و سلوك المجتمع في قطاعي الأمن و القضاء ، لن تجدي أي قوانين و لا أي توجيهات..
و من دون إبعاد التجار من الوظائف الرسمية و الانتخابية ، 
و من دون معالجة جادة للزبونة بين أجهزة الرقابة المالية و كبار الموظفين ، 
سيظل أي مشروع إصلاح مجرد حبر على ورق !!

كل ما نطلبه اليوم من مأمورية الرئيس الثانية ، هو الإعداد الجيد لانطلاق مأمورية قادمة واضحة التوجهات و الطموح و الآفاق و هو أمر لا يمكن أن يتم إلا من خلال عامل واحد : العمل الجدي و الصادق ، على خلق جيل إصلاح غير مسيس و غير ملطخ و بعيدا ، بعيدا ، بعيدا ، عن منطق المُحاصصة العرقية و الجهوية البغيض ..

أي مشروع و أي وعود غير هذا ، هو مجرد مشروع إلهاء و وعود عرقوبية ، لا تقدم و لا تؤخر و لا تزيد أمور البلد المخجلة ، إلا إشكالا و تعقيدا ..!!

و لله الأمر من قبل و من بعد !