
التقرير العام السنوي 2022-2023 الصادر عن محكمة الحسابات خصّص فصلًا مفصلًا لـ الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك)، قدّم فيه تشخيصًا مثيرًا للقلق، يتمثل في اختلال التوازن المالي البنيوي، وسوء الحوكمة، وعدم احترام إجراءات الصفقات العمومية.
1. تدهور مقلق في المؤشرات المالية
تُظهر البيانات المالية التي فحصتها المحكمة تدهورًا سريعًا في الوضع الاقتصادي للشركة ما بين عامي 2021 و2022:
-نسبة الاستقلال المالي: 17٪ سنة 2022 مقابل 27٪ سنة 2021، أي أقل بكثير من عتبة الاستدامة المحددة عند 50٪.
-نسبة الملاءة: تراجعت من 21٪ إلى 11٪، ما يعكس ضعفًا متزايدًا في القدرة على سداد الديون طويلة الأجل.
-نسبة المديونية: ارتفعت من 385٪ إلى 800٪، في إشارة إلى اعتماد مفرط على القروض والدعم العمومي.
-الخزينة الصافية: انتقلت من عجز قدره 1.02 مليار أوقية جديدة سنة 2020 إلى 4.5 مليارات أوقية جديدة مع نهاية 2022.
-السيولة العامة: تراجعت من 87٪ إلى 64٪، فيما انخفضت السيولة الفورية من 7٪ إلى 4٪، ما يعرّض الشركة لخطر وشيك بانقطاع القدرة على الدفع.
ورغم أن المدير العام السابق، الشيخ ولد بده، عزى هذا الوضع إلى ارتفاع أسعار الوقود، وأزمة التزويد بالمحروقات، وتأخر الدولة ومؤسساتها في تسديد مستحقاتها، فإن المحكمة اعتبرت هذه المبررات غير كافية لتفسير هذا الخلل البنيوي الخطير.
2. خروقات جسيمة لقانون الصفقات العمومية
رصدت المحكمة مخالفات كبرى في تسيير الصفقات الممولة من طرف وزارة البترول والمعادن والطاقة.
فخلال الفترة الممتدة بين 2021 ومنتصف 2023، تم إنفاق 2.419.512.823 أوقية جديدة دون أي إعلان عن مناقصات أو عقود تفويض تسيير المشاريع، في خرق واضح للمادة 2 من القانون رقم 044-2010 المنظم للطلبيات العمومية:
-سنة 2021: 768 مليون أوقية جديدة
-سنة 2022: 1.031 مليار أوقية جديدة
-النصف الأول من 2023: 619 مليون أوقية جديدة
وأشارت المحكمة إلى أن هذه الممارسات تحرم مشاريع الكهرباء من الرقابة القانونية، وتفقد الدولة ضمانات الشفافية، وتفتح الباب أمام تسيير اعتباطي وانتقائي للعقود.
3. ضعف الحوكمة وسوء التسيير الداخلي
سجل التدقيق النقاط التالية:
-غياب تخطيط سنوي واضح للمشاريع وفق معايير موضوعية؛
-غياب جرد شامل للبنى والمنشآت الكهربائية؛
-حسابات قيد التسوية لم تُغلق منذ عدة سنوات؛
-ضعف تتبع أرصدة الصناديق، وبعضها يحتوي أرصدة دائنة غير مبررة.
كما بيّنت المحكمة أن مشاريع الكهربة تُنفّذ في الغالب خارج البرمجة متعددة السنوات، استجابةً لطلبات ظرفية أو سياسية، مما يهدد العدالة الجغرافية والعائد الاجتماعي للاستثمارات.