الشفافية الشاملة تكشف شبهات فساد في صفقة مختبر الشرطة الوطنية

ثلاثاء, 21/10/2025 - 13:41

أعلنت منظمة الشفافية الشاملة، في بيان صحفي أصدرته اليوم، عن اكتمال تحقيق ميداني واستقصائي حول شبهات فساد تحيط بصفقة إنشاء مختبر تابع للشرطة الوطنية الموريتانية، مؤكدة توصلها إلى “أدلة ومؤشرات جدية” على وجود مخالفات مالية وإدارية واسعة النطاق في الملف.

تحقيق ميداني شمل موريتانيا وتركيا

وأوضحت المنظمة أنها فتحت التحقيق بعد ما نشرته وكالة الأخبار المستقلة بشأن الملف، وقام رئيسها بزيارة رسمية إلى تركيا للقاء الأطراف المعنية وجمع الوثائق والمستندات.

وقالت المنظمة إن البيانات التي حصلت عليها “تم تحليلها والتأكد من سلامة مصادرها ومطابقة تواريخها ومعطياتها”، مضيفة أن نتائج التحقق كشفت عن شبكة من الوسطاء والمتعاقدين يُعتقد أنها لعبت دورًا محوريًا في تمرير الصفقة وتبييض العمولات.

أطراف متعددة وتضارب في الأدوار

وبحسب التقرير، تتعلق الصفقة بإنشاء مختبر للشرطة الوطنية، حيث كانت الشرطة الموريتانية هي الجهة المتعاقدة، فيما تولت شركة Genomed البريطانية تنفيذ المشروع عبر فرع متعاقد من الباطن هو شركة Omega التركية.

وأكد مدير الأخيرة، سليمان كوجيت، الذي تعاون مع المنظمة، أنه لم يتسلّم 30٪ من مستحقاته، مشيرًا إلى أنه استُخدم في “تبييض رشاوى” من قبل مدير Genomed، المدعو حسين أوغلو.

كما حدّد التقرير مجموعة من الوسطاء، بينهم الصحفي أحمد الشيخ، والدبلوماسي السابق السني عبدات، وعبد الحميد ديا الذي تولى الترجمة والتواصل، إضافة إلى الوزير السابق سيدي ولد الديدي، الذي وصف نفسه بأنه “ممثل مدير الأمن العام” الجنرال مسقارو ولد أغويري، واعتبره التقرير “المتلقي الرئيسي للأموال”.

آلية مالية معقدة لتبييض الأموال

ويعرض التقرير بالتفصيل مسار الأموال، موضحًا أن العمولات دُفعت عبر سلسلة تحويلات بنكية معقدة هدفت إلى التمويه، تمثلت في:

• تحويل الأموال من شركة Genomed (بريطانيا) إلى حساب Omega (تركيا).

• سحبها نقدًا وتسليمها إلى صرافة غزلان في تركيا.

• تحويلها لاحقًا إلى دبي عبر مكتب صرافة يملكه شخص يدعى عبدالله.

• ثم تسليمها في نواكشوط إلى الوزير السابق سيدي ولد الديدي، دون توقيع أي إيصالات استلام، بناءً على تأكيد هاتفي من الوسيط عبد الحميد ديا.

وأكد التقرير أن هذه العملية استُخدمت لتغطية “نسبة عمولات” تجاوزت 25% من إجمالي الصفقة، وأنها تمت تحت غطاء فواتير صورية لتجنّب الملاحظة المالية، خصوصًا مع ارتباط الشركة بعقود في بريطانيا.

وثائق … ومسارات تحويل

قدّم سليمان كوجيت للمنظمة كشوفات بنكية وإيصالات صرافة توثّق حركة الأموال بين الأطراف، وتشير إلى حصول كلٍّ من أحمد الشيخ والسني عبدات على 164 ألف يورو، فيما حصل سيدي ولد الديدي على ما يقارب 1.5 مليون يورو ونصف مليون دولار أمريكي.

وتؤكد المنظمة أن هذه الوثائق تشكل “العمود الفقري للأدلة الأولية”، إذ تُظهر تطابقًا تامًا بين المبالغ المسحوبة والمبالغ المودعة في الصرافة في الأيام نفسها.

ردود أولية من إدارة الأمن

وبحسب المنظمة، فقد سلّم رئيسها نسخة من الوثائق إلى نائب المدير العام للأمن الوطني خلال لقاء رسمي، حيث أقرّ المسؤول الأمني بالاطلاع على التحويلات الخاصة بالوسيطين أحمد الشيخ والسني سيد أحمد خيار، موضحًا أنهما قدّما عقدًا يبرّر المبالغ المحوّلة، لكنه أضاف أن التحويلات عبر الصرافة “أمر جديد سيُؤخذ بعين الاعتبار”.

غير أن المنظمة أوضحت أنه بعد مرور سبعة أشهر من تسليم الوثائق، لم يُتخذ أي إجراء رسمي بشأن القضية.

مطالب بإحالة الملف إلى القضاء وهيئات مكافحة الفساد

واختتمت منظمة الشفافية الشاملة بيانها بالتأكيد على أن المعلومات التي جمعتها “تُثبت وجود ممارسات فساد مالي وإداري في صفقة مختبر الشرطة الوطنية”، معلنة أنها ستحيل الملف كاملًا إلى هيئات مكافحة الفساد الجديدة فور تشكيلها، كما ستقوم بإرساله إلى منظمات أوروبية مختصة نظرًا لكون الشركة البريطانية (Genomed) خاضعة للقانون الأوروبي.