*لغز الرئيس المُحَيِّر* !؟* / سيدي علي بلعمش

خميس, 30/10/2025 - 23:11

يقول لي كوان يَوْ ، مؤسس سينغافورا و وزيرها الأول : "محاربة الرشوة مثل تنظيف السُلَّم ، يجب أن تبدأ دائما من أعلى إلى أسفل" ..

ربما لهذا ، أصبح عباقرة المجال في بلدنا يُصرون على البناء العمودي لتزويد مكاتبهم بمصاعد كهربائية !!

و تقول الكاتبة السورية جهينة شبوع : "كانت الحقيقة أكبر من أن تقال و أصبحتْ أكبر من أن أتحملها وحدي" 

الفساد أبشع و أخطر و أكثر فضائح ، من أن لا يراه الجميع و يحسه الجميع و يخشاه الجميع ، بعد ما أصبحنا نصحو كل يوم على فضيحة !!

و أي نظام لا يفرض الشفافية و العدالة و العقوبة و المكافأة ، هو  نظام يصنع مناخ الفساد و يعمل على استحكامه ..

طبيعة الفساد و سطوة أصحابه و بشاعة آثاره ، تفضح كل دعاية تحاول إخفاءه أو تبريره ..

أتمنى أن يفهم الرئيس غزواني أن الزمن تغير و العقليات تغيرت و  الظروف تغيرت و أساليب الدعاية تغيرت و فنيات القيادة تغيرت و وسائل المعارضة تغيرت و طرق الحكامة تغيرت !!

ـ  غياب الشفافية هو أصبح عين الفساد ..
ـ الموالاة لم تعد عربة بلا محرك تسحبها الرئاسة..
ـ المعارضة لم تعد أحزابا يمكن التحكم في قادتها..
ـ أحكام الشارع أصبحت تصدر عن منصات و صفحات مهووسين بالشغب ..
ـ الغوغاء أصبحت حالة ديمقراطية نافذة تربك العالم أجمع ..

*سيدي الرئيس* ،
لا يختلف اثنان اليوم ، على أن البنية التحتية للفساد هي الوحيدة المشيدة بإتقان في هذا البلد ، منذ عقود :
ـ بصفقات تراضيها و انتقائية تفتيشها و نفخ فواتيرها ..
ـ بوهمية مشاريعها و طرقها و جسورها و رجال أعمالها ..
ـ بسطوة فرق تفتيشها و ابتزاز فرق ضرائبها ..
ـ بأسواق إمدادها و بنوكها و شركات تأمينها ..
ـ بمقاوليها و سماسرتها و وسطائها .. 
ـ بصيدلياتها و منشطاتها و مصانع تدوير موادها المغشوشة و منتهية الصلاحية !!

# و كأن ولد عبدالله العزيز ما زال هنا ، يدير دفة الحكم بكل رعونة ، ما زالت فرق إطفاء حرائق الفساد ، هي نفسها من تشعلها في كل مكان !!

آخر ما تبقى اليوم ، لدى الموريتانيين في هذه الحياة ، هو الأمل و الاستقرار :
ـ الأمل ، في أن يتخذ الرئيس غزواني إجراءات حازمة و جادة لمحاربة الفساد ، من أجل إنقاذ البلد و شعبه المنهك ..

ـ و الاستقرار ، بعد ما زرع ولد عبد العزيز فيه من الغام بلا خرائط ، يتم الآن الترتيب لإطلاق سراحه ، لتفجيرها على طريقة حفتر و حميدتي ، لنفس الأسباب و بنفس الأيادي الآثمة ..

فما سر هذا الاهتمام الزائد بمعتوه مثل ولد عبد العزيز !؟

ـ ما معنى كل هذه الضغوط المكثفة لإخراجه من السجن ، من قبل بلدان تبغضه ، ظل طيلة حكمه يبتزها بالعلاقة مع إيران !؟ 

لقد فهمتْ هذه الدول أن عزيز رجل مهام قذرة ، يتاجر في كل شيء بلا محرمات و لا ممنوعات و لا يحمل في صدره من المُثُل الإنسانية ، غير شحنة عالية من الحقد و الانتقام !

# بإطلاق سراح العزيز ، ستدخل موريتانيا دوامة عدم استقرار ، لن تعرف كيف تخرج منها ..

# بظهور تقرير محكمة الحسابات و فتح ملف الإرث الإنساني و رحلات بيرام المكوكية إلى باريس و بروكسيل و الحديث الغريب عن انتخابات رئاسية بعد السنة الأولى فقط و التربص باستقرار البلد عن طريق حوار  يثير أكثر مما يَحل ، يتم بإتقان تفجير الوضع الداخلي ..

# و بإطلاق سراح عزيز بضغوط خارجية تجعله المنتصر ، الرافض لشروط النظام ، المتحدي لإرادته ، سيتم تفجير الوضع الخارجي ، في وقت لا يستطيع النظام أن يدعي فيه أنه بصحة جيدة : 
# القوى الشبابية تعيش حالة تمرد أقرب إلى الموضة ، تستمد نزقها من تجارب خارجية مجنونة..

# القوى التقليدية تُعبِّر بوضوح لم تعد تخفيه ، عن حالة انتقامية من النظام ، تجعلها مستعدة للتحالف مع الشيطان مثل ما تُظهر بعض قبائل الترارزة اليوم ، من دعم غير مشروط لبيرام ..

# القوى الحزبية قتلها عزيز  و أقبرتها المرجعية و الإهمال ؛ 
فعلى ماذا يعتمد الرئيس لاستمرار حكمه و حماية بلده !؟

*سيدي الرئيس* ، 
إذا كان هناك من يقنع فخامتكم بغير هذه الحقائق ، فتأكدوا أنه إما مخادع يُسمعكم ما تحبون أن تسمعوه حفاظا على مصالحه و إما خائن مُنْدَس يَسُوق النظام ، ضمن جيش من الخونة ، إلى نهاية مأساوية ..

لقد أظهرت الأشهر الأخيرة أن ما يحدث في البلد أعمق بكثير مما  يتصوره الجميع : هناك عمل متقن لإظهار عجز النظام ، يُحضِّرُ لمرحلة تُعِدُّ كتيبتَها البرلمانية في الخفاء ..

ـ هناك صراع يخفي أقل بكثير مما يظهر ، لا يمكن أن يخدم النظام في شيء و لا يمكن للانتصارات فيه أن تكون وهمية !!

ـ هناك علاقات خطيرة يديرها بيرام في العلن بأعلى درجات المكر المكتسب و الغباء الوراثي، بررها باستجابته لنداء رئيس الجمهورية بالتعطيل في الداخل (!!!) (مع ولد بايَّ و بيجل و مسعود …)، بالتنسيق مع عزيز و حرسه القديم و "افلام" (بكل أجنحتها) ، قد تُحرِجُ المؤسسة العسكرية و الأمنية إذا تواصلت !!
و ليس من عادة هذه المؤسسات عالية الكبرياء ، أن تمتص الإحراج !!

# هناك ثغرات أمنية و سياسية و اجتماعية يحولها الإهمال يوما بعد يوم ، إلى خطر داهم بسبب الخوف !

*نعم فخامة الرئيس* ، 
ـ نحن نكتب لكم اليوم ، لأننا خائفون ..
ـ نحن نصرخ اليوم ، لأننا خائفون ..
ـ نحن نتخبط في الأخطاء اليوم ، لأننا خائفون ..

*سيدي الرئيس* ، 
حين يكذب النظام على مواطنيه  تنهار كل منظومة الحكامة : 
ـ ألم تكن الشفافية المفقودة حتى في كذبتها ، كذبة !؟ 
ـ ألا تصر العدالة على أرضنا أن تظل أكبر كذبة !؟
ـ ألم تكن المحاسبة الإدارية خدعة في ثوب كذبة !؟
ـ ألم تكن محاربة الفساد خدعة و كذبة !؟

هذه هي أسس قيام الدولة و دعائم تماسكها ، فماذا بقيَّ لنصدقه أو نُكذِّبه !؟

ـ أليست هذه كل طواقم عزيز بلحمها و شحمها و قشورها و فسادها و جشعها و تدني خبراتها !؟

أليست هي من تُصر على التمسك بهذا النهج التبريري الفاضح !؟

و ماذا يمكن أن ننتظر من طواقم عزيز غير تقرير محكمة الحسابات و تسريبات بنت البرناوي على صفحة ولد اكماش !؟

ألم تلاحظوا أن كل من اتَّهموهم في هذا التقرير ، ليس من بينهم مفسد معروف و لا عضو نافذ من لوبيات الفساد .. ليس فيهم أي منهم  !؟

تُرَى ، في ماذا كان يحتاجهم ولد الغزواني و قد أجمعت عليه موريتانيا بمعارضتها و موالاتها و خبرائها الكُثر في الداخل و الخارج !؟

نعم ، نعم ؛
*لقد كان خطؤنا جميعا ، في تجاوز هذا السؤال اللغز !؟*