*زيارة المفاجآت المفاجئة* / سيدي علي بلعمش

اثنين, 10/11/2025 - 22:54

كانت كلمة الرئيس في مهرجان النعمة (الافتتاحي) ، *مفاجأة* حقيقية ، جعلت الكثيرين يتساءلون، بماذا يأتي فخامة الرئيس !!
فعَكْس ما كان ينتظره الجميع  ، جاءت كلمة الرئيس باردة و هادئة ، رغم ما حملت من إنجازات هامة حُظيَّت بها الولاية ، لم نكن حتى نحن المهتمون على علم بأكثر من نصفها ، بسبب ضعف الإعلام الرسمي و القطيعة المتوارثة بينه و بين الجمهور ..

# *المفاجأة* الثانية حدثت في مهرجان نبيكة الأحواش ، في نقلة نوعية باتجاه تصحيح المفاهيم و ترسيخ معنى الدولة ، كما جاء في خطابه حول مفهوم و مسؤولية الموظف و ما يترتب عليها من سلوك ، حذر بقوة بعدم التساهل مع أي منها مستقبلا ، مما جعل الجميع يتساءل هل هذا توجه جديد أم هو كشف لتوجه قديم عجزت الحكومة و الإعلام الرسمي عن إظهاره فقرر الرئيس تولي المهمة بنفسه !؟

حين تصبح الوظيفة هي قبيلتك الوحيدة ،
حين تصبح الوظيفة هي الرابطة بينك و بين المواطن دون أي اعتبار آخر ،
حين تصبح الوظيفة التزاما في سلوكك و ممارساتك ،
حين تصبح الوظيفة أمانة في عنقك ،
حين تصبح الوظيفة محددة لسلوك الموظف لا العكس ، 
حينها فقط يمكن أن نتكلم عن أي معنى للدولة : نعم فخامة الرئيس هذا ما نحتاجه بالضبط في هذا البلد بعد أن أصبح كل موظف فيه أهم من وظيفته ؛ يقول المتكلمون "بقدر ما يكبر الإنسان يصغر الوطن"

لكن علينا هنا أن لا نخلط بين الجغرافيا و المفاهيم التعسفية : لا ينبغي أن يحرمني القانون من حضور نشاط لمدينتي أو قريتي ، لأن غالبية ساكنتها من قبيلتي كما هي حال جميع القرى التي صنعتها فوضوية التقري العشوائي ؛ هذا الخلط هو ما نخاف أن ينقلنا من خطأ إلى عقدة !!

كيف أفرق هنا بين مدينتي و قبيلتي ، إذا كان جل ساكنة الأولى من الأخيرة !؟

 هناك حقائق في هذا البلد لا بد أن يتم التعاطي معها بحذر : ماذا سنقول إذا حضر الشيخ العافية اجتماعا للرفع من مستوى فريق كرة القدم في أمرج !؟
فهل يمكن أن نحرمه من تأييد فريق مدينته بسبب تشكيلة حضور جمهوره !؟

لقد احتلت القبيلة كل الساحات العمومية في واقع البلد ، خلال عقود من التراكمات الخاطئة ..
و هذا ما يجب أن نحطه في الاعتبار حتى لا نقع في لعنة التعميم العمياء !!

# كانت مقدمة كلمة الرئيس عن القبلية و الجهوية و الشرائحية و التراتبية و عوالقها (…) ، *مفاجأة* من العيار الثقيل ، في رسالة واضحة إلى الجميع بأن الكأس قد فاضت بما لم يعد يُتَحَمَّل و أصبحت مواجهتها تفرض عدم التسامح مع أي تجاوزات من هذا النوع ..

# *المفاجأة* الأهم ، التي لم يفهمها الكثيرون ، كانت في حديث الرئيس عن منهجه في التعاطي مع الشأن العام ، لتأكيد جدية ما اتخذ من قرارات في هذه الزيارة التي من الواضح أنه أراد (لأمر في نفس يعقوب) ، أن تكون بالغة الاستثنائية !!

و يبدو الآن واضحا مما نفهمه مما لم يقُله الرئيس و لم يُخفِه ، أنه قرر أن يصلح ما أفسده التسامح بما يحتاج من غلظة ..

و مهما تأخر هذا القرار حسب البعض ، و مهما اختلفنا مع هذا النهج ، لا بد أن نتذكر هنا قوله تعالى عُلوًّا كبيرا ، مخاطبا رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام : 
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (صدق الله العظيم)

نعم فخامة الرئيس ، هذا ما نحتاجه اليوم بالضبط ، 
و من يتوكل على الله فهو حسبه .

نعم ، نعم ، ما زلنا في انتظار المزيد من المفاجآت ، لكن كل إصلاح يحتاج إلى نَفَسٍ أعمق وصبر أصعب في ترتيب الأولويات و التدرج الممنهج ، فلا تقتلوا هذا التحول الهام بشحنه بما لا يتحمل : يجب إعطاء الوقت بعض الوقت