تحاول السلطات الموريتانية منذ أيام تمرير بعض التعديلات الدستورية التي يمثل بعضها عبثا غير مبرر برموز الوطن (العلم والنشيد)، كما يخلق بعضها ضبابية مجهولة العواقب على واقع البلد ومستقبله السياسي، .
بسبب الأجواء غير التوافقية التي أعلنت فيها هذه التعديلات الدستورية، التي تتضمن أيضا إلغاء مكاسب دستورية ديمقراطية مهمة أبرزها إلغاء مجلس الشيوخ، والتمديد غير المبرر للمجلس الدستوري، والحصانة الغير مألوفة لرئيس الجمهورية بعد مغادرته مهامه.
غير أن الانتكاسة الأبرز للديمقراطية وعملية التناوب على السلطة الجوهر الأساسي للديمقراطية تمثلت في إعلان رئيس الجمهورية الصريح عن عزمه مساندة "شخص" في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما يعني ضمنيا في بلد كموريتانيا تتماهى مؤسسات الدولة في شخص الحاكم، وتنعدم فيه معارضة فعالة ومنسجمة التحكم في نتائج الانتخابات القادمة، وعدم استقلاليتها، وربما أيضا عدم استقلالية الرئيس الذي سينبثق عنها.
ويعني هذا الوضع أن بلادنا مقبلة على تراجع كبير في الديمقراطية في الوقت الذي يحصل تقدم كبير فيها في البلدان المجاورة (السينغال، مالي، غامبيا)، كما يعني أنها مقبلة على فترة غموض سياسي لا يعرف مداها ولا النتائج التي ستترتب عنها، ولن تساعد بالتأكيد على ابتعاد العسكر عن الواجهة السياسية وترك السياسية وتسيير الدولة للمدنيين، الأمر الضروري لأي ديمقراطية ناجحة ولأي عملية تنموية مستديمة في البلد.
وإزاء هذا الواقع المؤسف، والوضعية المزرية للطيف السياسي والمدني العاجز بطرفيه المعارض والموالي عن كبح المطامح المتزايدة لبعض أجهزة السلطة للتحكم في مصير البلد خلال الدورة الانتخابية المقبلة وربما لعقود أيضا على حساب الإرادة الحرة للشعب الموريتاني بينما تتلهى الموالاة والمعارضة بصراعات داخلية عميقة تعيق دورها في حماية الديمقراطية وتنميتها.
وبناء على ذلك ندعو إلى:
- هبة وطنية فاعلة من الشيوخ والنواب والأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني والإعلام والشخصيات المستقلة للحيلولة دون أي تعديلات دستورية لا تأتي في أجواء سياسية توافقية، وعدم العبث بالعلم والنشيد أو طرحهما للتغيير في هذا الجو المفعم بالانقسام والاستقطاب السياسي الحاد.
- فرض تنظيم حوار سياسي شامل يفضي الى انتخابات سياسية نزيهة وحرة بعيدة عن تأثيرات السلطة والعسكر تنبثق عنها سلطات بلدية وبرلمانية ورئاسية مدنية منتخبة بصورة شفافة، وتنظمها وتشرف عليها هيئة محايدة توافقية، ولا يدعم النظام المنتهية ولايته فيها أي طرف بأي شكل من الأشكال.
- فرض العودة للدولة المدنية الكاملة من خلال ابتعاد العسكر عن الممارسة السياسية او التنفيذية وعودته إلى مهمته الأصلية، ويقتضي ذلك اقتراح عدم ترشح أي عسكري سابق مهما كان موقعه خلال المأموريتين الانتخابيتين القادمتين (اي خلال عشر سنوات) حتى تترسخ الديمقراطية والتناوب المدني السلمي على السلطة، وكذلك تخلي العسكر عن الوظائف الإدارية التي تشغل أصلا في الدول الديمقراطية المدنية من قبل المدنيين.
المرصد الوطني لحماية الديمقراطية
انواكشوط بتاريخ:08/03/2017