تناقش المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا, مع الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم الثلاثاء, موضوع نزوح متطرفين من معقل تنظيم داعش في الموصل العراقية إلى منطقة الساحل الأفريقي. وبات هذا الموضوع يشكِّل مصدر قلق كبير لقادة الدول الأفريقية بما فيها موريتانيا والجزائر , التي يشهد شريطها الحدودي التهابا بسبب توتر الأوضاع الأمنية في ليبيا، وعدد من دول الجوار كمالي والنيجر التي تنتشر فوق أراضيها جماعة «بوكو حرام» وبوركينافسو .
وكشف مفوِّض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي, إسماعيل شرقي, نهاية العام الماضي, عن وجود تهديد قوي لمنطقة الساحل والجزائر تحديدا بعد فرار 2500 مقاتل من تنظيم «داعش وهو يتمركزن حاليا في السودان قادمين من مختلف بؤر التوتر على غرار سورية والعراق واليمن. واعترف المسؤول, بالتعقيدات الأمنية التي تواجهها القارة السمراء. وحذّر في السياق نفسه من التحالف بين التنظيمات الارهابية والعصابات الإجرامية سواء تلك التي تنشط في مجال تهريب المخدرات والسلاح أو تهريب البشر.
وخيم هذا الموضوع على اللقاء الذي جمع رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ماسيل داسوزا بالرئيس الموريتاني, محمد ولد عبد العزيز, السبت الماضي. وقال رئيس لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا, في تصريحات صحافية, إنه استعرض مع الرئيس الموريتاني الأوضاع في منطقة الساحل وسبل حمايتها من احتمال نزوح المتطرفين من مدينة الموصل العراقية عبر سورية وصولا إلى ليبيا. وأوضح ماسيل داسوزا, أن الارهابين يسعون جاهدين الآن للقيام بهذه المهمة واتخاذ من كيدال المالية وجهة لهم»، على حد تعبيره.
وبيَّن أنه تباحث مع الرئيس الموريتاني بخصوص سبل التصدي بشكل سريع وفاعل لهذه المخاطر التي إذا لم يتم التصدي لها فورا يتهدد أمن المنطقة برمتها والجوار الإقليمي على وجه الخصوص «. وتباحث الطرفان سبل التنسيق بين الإيكواس وموريتانيا وقوة الأمم المتحدة في الساحل. وأكد أن موضوع نزوح متطرفين من معقل تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في الموصل العراقية إلى منطقة الساحل الأفريقي سيكون محور نقاش بين الاتحاد الأوروبي و «الإكواس».
وقال من جهته الرئيس الموريتاني, في تصريحات صحافية, إن «الأزمة الليبية أعطت دفعا لحركة الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء». وأكد قدرة دول المنطقة قادرة على تحمل مسؤولياتها لتوفير الأمن في حال ترك القرار لها، في إشارة ضمنية إلى تدخلات دولية تمنع ذلك. وعززت تصريحات الرئيس الموريتاني, دراسة حديثة نشرتها المؤسسة العسكرية الجزائرية, في العدد الأخير من مجلة الجيش الجزائري, أكدت إن سماسرة السلاح لهم دورًا رئيسيًا في التطورات المتطرفة في ليبيا ومنطقة الساحل على حد سواء، كاشفة أنهم استخدموا معبرا جديدا يمتد مباشرة من ليبيا إلى مالي، نحو دول الساحل الصحراوي الأخرى لتنفيذ عملياته، مضيفة أن هؤلاء السماسرة تسببوا في تأزيم الأوضاع الأمنية في عدة دول من بينها ليبيا ومالي.
وسلطت الدراسة الأمنية الضوء على انتشار السلاح في الجنوب الجزائري, من طرف تجار الأسلحة وسماسرته الذين لهم علاقة بالجماعات المتطرفة في دول الساحل كالنيجر ومالي وليبيا، ودور الأجهزة الأمنية في الجزائر ونظيراتها في هذه البلدان في توقيف الشبكات المختصة في هذا النوع من الأنشطة المحرمة قانونا. وخلق سماسرة السلاح معبرا جديدا يمتد مباشرة من ليبيا إلى مالي نحو دول الساحل الصحراوي الأخرى في عمليات تهريبه.
وأشارت الدراسة إلى أن سماسرة السلاح كانوا يستخدمون محورين أساسيين إما في دول غرب أفريقيا عبر غينيا بيساو وليبريا وسيراليون، وإما من الشرق عبر السودان قبل تقسيمه والصومال وإثيوبيا لتنتشر في دول الساحل. وأصبحوا بفعل تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا منذ سنة 2011 يستعملون محورا ثالثا يمتد مباشرة من ليبيا إلى مالي نحو دول الساحل الصحراوي الأخرى؛ لتنتشر بذلك أعداد هائلة من قطع السلاح استغلتها الجماعات الإرهابية في تصعيد الأوضاع الأمنية في المنطقة، قدرتها تقارير صدرت خلال 2014 بأكثر من 30 مليون قطعة سلاح تستحوذ عليها جماعات مسلحة داخل التراب الليبي.
وأكدت المجلة أن الجزائر على دراية كاملة بالتحديات الأمنية الخطيرة على حدودها الجغرافية مع دول الجوار التي كانت مصدرا للإرهاب الإقليمي والجريمة المنظمة بجميع أشكالها، لا سيما مع تأزم الأوضاع الأمنية وعدم الاستقرار في كل من ليبيا ومالي الدولتين اللتين تعتبران جزءا لا يتجزأ من العمق الاستراتيجي للجزائر، التي تسعى لدعم ومرافقة هذه الدول سياسيا وأمنيا وفقا لمبادئها الثابتة.
.وكالات