بعد وفاة المرحوم جدو ولد السالك و من بعده وفاة العقيد أحمد ولد بو سيف (رحمه الله) و المرحوم أبو ولد المعلوم (…) ، كان علينا أن نقبل و نتقبل أن يتولى القدر بانحياز معلن، تصفية كل الرجال الأقوياء المناوئين لتحكم ولد هيدالة و عصابته. و حين أخبروا الأخير في بوجمبورا عن قيام الجيش بانقلاب على نظامه ، اعترف ـ عن غير قصد ـ بأنه لم يترك في الجيش رجلا يستطيع أن يتجرأ على قلب نظامه.
و حين قام المرحوم أحمد سالم ولد سيدي و المرحوم كادير و المرحوم انيانغ (…) بمحاولة انقلاب على نظام عصابة ولد هيدالة ، نسيت الأخيرة أنها وصلت إلى الحكم بنفس الجريمة التي بررت بها قتلهم الذي أصبح الجميع اليوم يدرك بوضوح أنه لم يكن سوى تصفية حسابات مباشرة ، تنم عن صغر و إجرام العصابة التي ارتكبت تلك الجريمة في حق أوفى و أشجع أبناء الوطن البررة..
إن احتقار هذه العصابات المسلحة (و لا أقول العسكرية) لشعبنا لا حدود له..
و بنفس المنطق المبتور و الاحتقار المعلن للشعب و الاستهتار الصارخ بالقانون، تريدنا عصابة ولد عبد العزيز اليوم أن نقبل أن القدر يعيد لعبته القذرة في موريتانيا لتصفية أعداء ولد عبد العزيز !
لقد كنا نفهم جيدا أن حصار هذه العصابة الحقيرة في الداخل و الخارج سيدفعها في النهاية إلى التفكير في كل الطرق القذرة : لم يبق أمام ولد عبد العزيز اليوم سوى تصفية الخصوم و تجاوز القوانين و نسف الحريات العامة و إسكات الصحافة بالقوة و هذا هو ما يعبر عنه بـ”الوصول إلى طريق مسدود”..
لقد علمتنا الحياة أن الموت لا يخضع لأي منطق، لكن وفاة الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال رحمه الله و تجاوز عنه (بعد أيام فقط من رفضه البات لمحاولة تسوية خلافاته مع ولد عبد العزيز ، تحدث الإعلام عن كل تفاصيلها) يلفها الكثير من الغموض و عدم فتح تحقيق فيها و عدم القيام بتشريح جثته ليس عملا بريئا؛ لا يكفي إرسال طائرة لنقله لنفي ورودها، و على من لا يصدق صغر ولد عبد العزيز و قدرته على ارتكاب أي جريمة في حق من يخالفه، أن يتأمل ما يقوم به اليوم في حق السيناتير ولد غده.. و لو كان ولد غده توفي في حادث سيره (لا قدر الله) لأرسل له ولد عبد العزيز طائرة تنقل جثمانه و تباكى عليه و أظهر من الحزن عليه أكثر مما يخفي من بغض: لم تعد مسرحيات ولد عبد العزيز تخفى على أحد في هذا البلد.
لقد أظهرت عصابة ولد عبد العزيز بشرطتها المرتشية و قضاتها الخونة ، مدى استهتارها بالقوانين و احتقارها لهذا الشعب و استعدادها المعلن و قدرتها على تجاوز القانون في حق كل من يخالفها من دون أدنى حد من الخجل..
سنظل نعتبر أن المرحوم الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال مات غدرا .. مات مقتولا .. و أن من استعجلوا دفنه و تجاوزوا حق الشعب الموريتاني في معرفة أسباب وفاة رئيس سابق ، معارض عنيد للنظام، مات فجأة في جوف الصحراء و هو في كامل صحته، هم المتهمون حتى يثبت العكس ، في جريمة قتله .. سنظل نعتبر من يتجاوز القوانين بهذا الشكل الصارخ و الفاضح و المخجل في نائب معارض و تتعاقب رسله على ذوي ضحايا حادث سير مؤسف لا لبس في “طبيعيته” ليقدموا شكوى (لا قيمة قانونية لها) ضده، قادر على ارتكاب كل جريمة في حق من يخالفه.. إن ما يحدث للنائب ولد غده اليوم هو الدليل على إجرام ولد عبد العزيز و عصابته و على سوء نواياهم و على توجههم بعد تسكير كل الأبواب عليهم ، إلى تصفية الحسابات المباشرة . و لن، لن نساهم مرة أخرى في تحميل القدر جرائم العصابات المسلحة..
و على الثور الأسود و الأصفر و الأحمر و كل ثيران المعارضة الأغبياء الذين طووا صفحة اغتيال رفيق و سجن آخر في بيانات خجولة، أن يتذكروا قبل أن يأتي دورهم، يوم قتل الثور الأبيض.