منذ الاعلان عن التعديل الوزاري الجزئي الأخير وإقالة الاداري المدير العام لوكالة الوثائق المؤمنة، والرأي العام الوطني يبحث عن السبب الحقيقي الذي يمكن أن يجعل الرئيس عزيز يقيل في يوم واحد وبطريقة غير ودية، اثنين من أبرز مقربيه وأكثرهم صلة وارتباطا بمشروعه.
بعض المصادر تحدثت عن أن عملية الاقالة تمت من دون إعلام أي من المسؤولين من طرف الرئيس ولا حتى من الوزير الأول، بالاستغناء عن خدماته، وأن مجلس الوزراء تم تأجيله مسبقا لساعة من أجل إجراء التعديل مما يعني بأن الوقت كان متاحا للإعلام بالطريقة المناسبة.
ورجحت تلك المصادر أن يكون سبب إقالة أحد المسؤولين الكبيرين -على الأقل- على علاقة بمعلومات تم الحصول عليها من أحد هواتف السيناتور محمد ولد غدة الذي تمت مصادرته منه منذ الحادث الذي تعرض له مؤخرا قرب مدينة روصو، وأن أوساطا عليا في هرم السلطة تتحدث عن أسماء أخرى قد يتم التخلص منها في أي وقت نتيجة اكتشاف صلات لديها بالسيناتور المعارض.
واعتبر السيناتور في تدوينة له أمس الأول، أنه لاحظ حين كان ما يزال تحت صدمة حادث السير الاليم، أن اهتمام قائد فرقة الدرك كان منصبا "على امر واحد هو أخذ هاتفي الذي استعمله فقط خارج البلاد ومذكرتي الخاصة الموجودان داخل صندوق السيارة واللذان لا علاقة لهما بالحادث لا من قريب او بعيد فضلا عن الهاتف الذي كان معي حين وصلنا لمركز الدرك قلت له ان بتلك الهواتف أمور تخصني وطالبته ان يضع الهواتف والمذكرة في صندوق السيارة التي توجد داخل ثكنته ومفاتيحها معه وان ذالك اسلم لاحترام خصوصيتي ولكنه رفض رفضا باتا و رفضه وخروجه عن القانون وتعديه على خصوصيتي ليس نابعا منه هو طبعا ولكنه امتثال لأوامر ظلت تصله عبر الهاتف ."
وأضاف السيناتور أنه "لحد الآن لا تزال النيابة التابعة لأوامر وزير العدل التابع بدوره للتوجيهات السامية لفخامة رئيس العمل الاسلامي تحتجز هواتفي و على الأرجح في معامل "المستشار" رغم صدور أمر واضح من رئيس المحكمة بروصو منذ الأربعاء الماضي بتسليم سيارتي وهواتفي".
وأصدرت النيابة العامة في وقت سابق بيانا اعتبرت فيه أن السيناتور لم يتعرض لأي إجراء يخالف القانون "ولم يسأ مركزه القانوني مطلقا، وككل موقوف يوضع قيد الحراسة النظرية تسحب منه الأشياء التي يخالف وجودها بحوزته مصلحة البحث الابتدائي ويوقع على ذلك، وتوضع في أحراز لحين ارتفاع موجب سحبها منه، ولم تتعرض أغراضه الشخصية لأي تفتيش، ولم يحرم من زيارة من تحق له زيارته" .
غير أن محامي السيناتور رد حينها على النيابة، مؤكدا بأن موكله "خضع لتفتيش مهين ومخالف للقانون، بدءا بثيابه وحقائبه، وليس انتهاء بصناديق سيارته، ثم تم حجز وثائقه وأوراقه وهواتفه وحتى مذكراته الشخصية دون أن يسمح القانون بذلك".
وأن الدرك انتهك خصوصية وحرمة مراسلات السيناتور "وذلك من خلال تجسس فرقة الدرك على هواتفه، التي صادرتها عند الساعة الواحدة زوالا من يوم الجمعة، وبعد إغلاقها لساعات، عمدت الفرقة إلى فتح الهواتف في اليوم الأول مابين الساعة الخامسة مساء حتى الساعة التاسعة مساء، ثم من الثالثة صباحا حتى الرابعة صباحا، ثم أعيد فتحهم يوم السبت، حيث اطلعوا على كل الرسائل الشخصية في الواتساب، والفيس بوك، والرسائل النصية، والايميل، ومنها ما يتعلق بعمله كعضو في الغرفة البرلمانية العليا، ومنها ما هو شخصي. وحتى حين تم تسليم المحجوزات للنيابة العامة تم فتح الهواتف أيضا ليلة الثلاثاء لمدة ساعة زمانية، والهواتف مازالت بحوزة النيابة العامة حتى الآن، إمعانا في انتهاك خصوصية السيناتور وهتك حرمة مراسلاته المحمية بالمادة 13 من الدستور، والمعاقب على انتهاكها بالمادة 111 من القانون الجنائي، فبأي حق تتجسس النيابة العامة
وأعوانها على مراسلات السيناتور، أوليس التجسس ممنوعا شرعا وقانونا، ومناف للأخلاق والقيم، وما الهدف من هذا التجسس الفاضح إن لم يكن سياسيا محضا لا علاقة له بالمسطرة المنظورة"؟