باريس – “القدس العربي”:
في شقتها الباريسية الفارهة، تستقبل مارلين (48 عامًا) صديقاتها لتحضير طبق “الكسكسي” كل يوم أحد. لم تكن المرأة الفرنسية، تشتهي الطبق إلا لدى مطاعم المغاربة في مونبارناس، أو حين تذهب في عطلات الصيف إلى دول المغرب العربي، برغم تفضيلها الدائم للكسكسي المغربي في طنجة. فهي تقول إنها لم تجد أطيب منه إلا هناك.
لكن منذ أقل من عامين، تعلمت المرأة الفرنسية العزباء جاهدة تحضيره. وعلى دفعات تمكنت من تحضير أنواعه المختلفة، حتى باتت مشهورة بين رفاقها. “أخذت وقتًا لأشهر إلى أن صرت طاهية جيدة له”، تقول لـ “القدس العربي”، موضحة: “كان لدي رغبة في البدء بإعداده، خصوصًا أنه من الأطباق المفضلة لدي. وأكاد كل أسبوع أذهب إلى مطعم مشهور في مونبارناس، لتناوله. لكنه مكلف. تعرف باريس في الأطباق الشرقية غالية لأنها مرغوبة. فكيف الحال بالكسكسي الذي يكاد يضاهي بحضوره أحيانًا التارتار وأطباق اللحوم”.
مارلين التي تعمل معلمة في مدرسة ثانوية في إحدى الضواحي، تعلمت تحضير الطبق لدى سيدة مبروكة، وهي والدة أحد طلابها. بدأت القصة حين دعتها مبروكة إلى غداء سريع، وكان الكسكسي بخضار أحد راكائزها. “لقد شعرت بالفرح كثيرا. لقد ذقت لديها من أطيب الكسكسي في حياتي”، موضحة: “هي أم أحد تلامذتي. دوما ما تدعوني لتناول الطعام. إنهم عائلة بسيطة وكريمة للغاية. وحين أخبرتها عن رغبتي في إعداد الطبق صارت تعلمني. لقد شعرت بالحشرية أكثر حين عرفت أن حماتها التي تعيش عندهم كانت صاحبة مطعم صغير لإعداد الكسكسي في الرباط”.
في البداية باءت كل محاولات مارلين بالفشل، “لقد أحبطت”، تقول مازحة، “لكني أكملت جهودي ونجحت في النهاية. لقد اكتسبت شهرة بين صديقاتي أني ملكة الكسكسي”.
تثني صديقات مارلين على براعتها، وتحولت الهواية إلى شيء من “المهنة”. حيث صارت مارلين تقوم بدعوة أشخاص كل يوم سبت، إلى بيتها وإعداد طاولة مؤلفة من طبق الكسكسي الأساس، مع بعض المقبلات والنبيذ. “لقد وضعت إعلانًا على “بون كوين” ثم على تطبيق “تابل رون” (الطاولة المستديرة)، وصرت أضع صورًا لأطباق الكسكسي، وتمكنت كل يوم سبت من لم شمل 6 إلى 8 أشخاص، ويدفع كل منهم 15 يورو”.
بولا أيضًا سيدة فرنسية، حولت شقتها إلى مطعم صغير غير رسمي للدعوات الشخصية، وتعد فيه طبق الكسكسي. نجحت بولا في تعلم الطبق لدى طاه مغربي في المغرب. ونقلته إلى بيتها. تقول بولا: “إنها تجربة جميلة جدا. الكسكسي طبق مرغوب للغاية. وتجد نساء كثيرات صعوبة في تحضيره. إذ أنه يأخذ وقتًا وجهدا. إضافة إلى أن كثيرات يفكرن أنه صعب”، موضحة: “الكسكسي تحول اليوم إلى حياة ثانية في حياتي. فبعد أن تركت عملي في شركة تجميل. فكرت طويلًا، إلى أن قالت لي صديقة لي، لم لا تعدين الكسكسي أنت رهيبة في إعداده. ومن هنا بدأت”.
تقول صديقة بولا، السيدة جولي، إنها دفعت صديقتها إلى امتهان إعداد الكسكسي لأنها طريقة يمكن أن تكسب منها المال وشيء تحبه فعلا ولا يحتاج إلى تأسيس شركة أو دفع ضرائب إضافية. “على الجميع أن يأتون إليها إنها باهرة”، تقول جولي ضاحكة، وتشير “لا كسكسي أطيب من يد بولا”.