فجر تقرير سرّي جدلاً كبيراً في موريتانيا، بعد أن كشف أن البلاد أصبحت مصدراً لتوزيع الأدوية المغشوشة في المنطقة، واستنكر النشطاء والمدونون الصمت الحكومي إزاء هذه الظاهرة التي باتت تهدّد أرواح الناس وتساهم في انتشار الأمراض لا مداواتها .
وكان التقرير الذي أعدته لجنة مكلفة من وزارة الصحة في موريتانيا، ذكر أن البلاد أصبحت "منصة عائمة لتوزيع الأدوية المغشوشة في المنطقة"، وقدّر كمّية الأدوية المغشوشة أو الفاسدة المخزنة في البلاد بـ 60 إلى 100 ألف طن.
وأوضح التقرير الذي نشرت تفاصيله هذا الأسبوع أن "تهريب الأدوية المغشوشة في موريتانيا بدأ يأخذ منحا خطيرا"، مؤكدا أنه أضحى يمثل "مشكلة شائكة للصحة العامة في البلاد".
تزوير الأدوية جريمة
وذكر التقرير أن "أي دواء مغشوش يمكن أن يؤدي إلى عدم فعالية العلاج، كما قد يؤدي إلى تأثيرات جانبية خطرة، وفي أخطر الحالات إلى وفاة المريض"، واصفا "محاكاة أو تزوير الأدوية بأنها جريمة في كل أوساط الصحة العامة".
وبيّن التقرير نفسه، أنه من أبرز العوامل التي تسّهل عملية تهريب الأدوية المغشوشة في موريتانيا، هي "ضعف إمكانيات الجهات المسؤولة عن محاربة تهريبه، وهشاشة الحدود، وغموض شبكة التوزيع، وغياب الرادع القانوني".
واستنكر الموريتانيون خاصة عبر منصات التواصل الاجتماعي، انتشار الأدوية المغشوشة في موريتانيا وتوزيعها على المواطنين المرضى، فاتهم الكاتب أحمد أبو المعالي "تجار هذه الأدوية بأنهم يتمتعون بالحماية من الجهات الوصية، دون مبالاة بأرواح المرضى".
وكتب قائلا "قاتلون بيننا ينعمون بسيارات وقصور وهم يدركون في قرارة نفوسهم أن تلك الأموال لا تعدو أن تكون جثث الموتى وبكاء المصابين، لو فكروا قليلا لتقيؤوا عظام الضحايا وأشلاءهم، ولكن لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها".
التواطؤ مع التجار
بينما حمّل المدوّن أحمد ماحلو، الدولة مسؤولية ذلك عن طريق التواطؤ مع تجار الأدوية المشبوهة والمزورة، من خلال تعمّد تغييب الرقابة على مسالك التهريب والتوزيع قائلا "بسبب تجارة الأدوية المزورة في موريتانيا، يموت المواطن يوميا، يموت بسبب جشع تاجر بلا ضمير، ودولة بلا رقابة، ومسؤول متواطئ".
في المقابل، استغرب الناشط عبد الرحمن ودادي، عدم قدرة الدولة وضع حد لمهربي أو مروّجي الأدوية المغشوشة في الأسواق وفي الصيدليات أو اكتشاف عمليات التزوير قائلا "في موريتانيا يتم التجسس على الهواتف والإنترنت ولكل مقهى جاسوسه والأسواق تغص بالمخبرين وللدولة مخابر وصيادلة وما عجزوا عنه يمكن فحصه في مخابر بالدول المجاورة بتكلفة تحمّل للمستورد ومع هذا لا يكتشفون الأدوية المزورة!".
واعتبر أن "الدولة هي أوّل العارفين بتزوير الدواء ويتم بالمقابل دفع نسبة من أرباح هذه التجارة لجيوب أركان النظام في مقابل التغاضي".
وتجدر الإشارة إلى أنه، سبق لمعهد البحث المضاد لتزوير الأدوية الفرنسي أن أكد في التقرير الأخير له على، "أن موريتانيا أصبحت مصدرا كبيرا لتوزيع الأدوية المزورة في غرب إفريقيا وأن عشرات الأطنان من هذه الأدوية تصل إلى السوق الموريتانية كل عام ويتم توزيعها داخل البلاد أو في دول غرب إفريقيا بطرق ووسائل مختلفة
العربية نت