يقول الريس الامريكي الاسبق بن يامين فرانكلين
هؤلاء الذين يستبد لون الحرية بالامن لايستحقون ايا منهما
مما لا شك فيه أن الإعلام أصبح اليوم أهم أداة للتحكم والسيطرة لدى البعض، ففيه ترسم الاستراتيجيات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية، وبه يتم تغيير أنظمة وتفكيك دول، وذلك لما له من تأثير وانتشار.
ويطرح التحدي بصورة كبيرة بعد الطفرة النوعية التي شهدها الإعلام، والمتمثلة في ظهور قنوات اتصال جديدة لا تعرف حدودا ولا حواجز، حولت العالم إلى ما يشبه القرية الصغيرة الواحدة ومكنت كل شخص من معرفة ما يجري على بعد آلاف الأميال وهو جالس في غرفته المغلقة أمام شاشة التلفزيون أو جهاز الكمبيوتر.
ما جعل العالم أمام صناعة جديدة، إنها صناعة الإعلام، وبما أن لكل صناعة "سواء أكانت مادية أو فكرية" أسس ومقومات، فإن صناعة الإعلام ترتكز على أسس ثلاث:
• الرسالة الإعلامية والتي قد تكون حدثا أو خبرا أو موضوعا أو فكرة.
• العنصر البشري المتمثل في المرسل والملتقى.
• الوسيلة التقنية التي سيتم من خلالها إيصال الرسالة
وتهدف العملية الإعلامية إلى ترويج السلعة (المادية أو الفكرية) بهدف تحقيق منفعة المنتج وإشباع رغبات المستهلك.
وبقدر ما يكون الإعلام قويا ويمتلك الوسائل التقنية والبشرية المتطورة والقادرة على مجاراة عجلة التطور السريعة، بقدر ما تحققت أهداف الرسالة الإعلامية ويكون الإعلام في النهاية ناجحا ومؤثرا.
لقد أصبح الإعلام عصب التطور في عصرنا الراهن شأنه شأن الزراعة و الصناعة والثروات الباطنية، وأصبح تطور المجتمع وازدهاره يعتمد على الثقافة الإعلامية بالدرجة الأولى، ما جعل منه الأداة الأكثر تأثيرا سواء كان ذلك التأثير إيجابيا أم سلبيا.
ولم تكن بلادنا في منأى عن هذه الطفرة الإعلامية خاصة بعد تحرير الفضاء السمعي البصري، حيث انتشرت وسائل الإعلام الخاصة بشقيها السمعي البصري، زيادة على الإعلام الالكتروني الذي شهد انتشارا واسعا ومفتوحا، يخرج في أحايين كثيرة عن الضوابط المهنية، نتيجة لغياب الاحتراف.
وهذا ما دفع بعض العاملين في الإعلام الالكتروني إلى خرق مواثيق الشرف الصحفي التي تفرض قيودا فردية يمليها الحس المهني الراقي لدى الصحفي، فأصبح الكثيرون يتسابقون لنشر الإثارة بدافع الرغبة في الظهور و"النجاح" ولو كان ذلك على حساب المصداقية ومصلحة الوطن.
فلم يعد هناك أي تحر ولا تدقيق، بل أصبحنا أمام مواقع صفراء تسعى إلى غسل الأخبار وإعادة نشرها بثوب جديد وهو خروج بالمهنة الإعلامية النبيلة عن رسالتها. فكم من مرة تطالعنا بعض هذه المواقع بأخبار عاجلة، جريمة قنل وجريمة اغتصاب وسرقة تحت تهديد السلاح، رغم أن الخبر تم خارج التراب الوطني، بل خارج السياق الزمني.
والخطير في الأمر أن بعض إذاعاتنا المحلية أصبحت تعتمد في مصادرها على المادة الإخبارية لهذه المواقع وتتخذها مرجعا للمعلومات دون عناء للبحث عن الحقيقة، ما انعكس سلبا على حياتنا اليومية بحكم حب الاطلاع لدى الموريتاني وسرعة تلقي الشائعات.
ومن هنا أصبح من اللازم تكوين العاملين في هذا الحقل الإعلامي ووضع ضوابط للساعين للالتحاق به من أجل أن يكون للرسالة الإعلامية معنى، وليكون الإعلام في خدمة المجتمع ويساهم في نشر الأمن بعيدا عن ترديد الشائعات، وما ينتج عنها من آثار سلبية تهدد الأمن والسكينة العامة.
اذ اصبح من الضرورى، إقامة دورات تحسيسية للصحفيين من أجل معرفة ما يقال وما لايقال، ومدى الحاجة للرقابة الذاتية عند الحصول على الخبر وضرورة معرفة أبعاده العامة وتأثيراته السلبية قبل نشره.
وكذالك تشجيع التخصص في الصحافة، وخلق صحفيين متخصصين في الجوانب الأمنية والتعاطي معها، حيث أننا في إطار العولمة والجريمة العابرة للحدود أصبحنا مطالبين بالتسلح بالمعرفة اللازمة من أجل مواجهة جميع التحديات التي تفرض نفسها على عالم اصبح يدار بالاعلام .