أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عن عدد من التغييرات في صفوف قيادات بارزة في الجيش الموريتاني، وذلك أياما قليلة بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة.
التغييرات الجديدة شملت ثلاثة مناصب مهمة في الجيش، في كل من القيادة العامة للأركان، وقيادة الأركان البحرية، بالإضافة إلى المفتشية العامة للقوات المسلحة وقوات الأمن.
وقبل أسبوع من هذه التغييرات، عين الفريق محمد ولد الغزواني وزيرا للدفاع.
وبموجب المرسوم الرئاسي الذي أصدره محمد ولد عبد العزيز، تم تعيين الفريق محمد الشيخ ولد محمد الأمين قائدا للأركان العامة للجيوش، وتعيين اللواء إسلكو ولد الشيخ الولي قائداً للأركان العامة للجيوش المساعد، والعقيد البحري أحمد سعيد بن عوف قائداً لأركان البحرية.
وإلى جانب ذلك عين اللواء حبيب الله النهاه أحمدو، مفتشا عاما للقوات المسلحة وقوات الأمن.
"الجيش والسلطة محط جدل"
علاقة الجيش بالسياسة دائما كانت محط جدل في موريتانيا، خصوصا مع الانقلابات التي عرفتها البلاد منذ للاستقلال.
وقد عاشت موريتانيا، منذ استقلالها عن الاستعمار الفرنسي سنة 1960 سبعة انقلابات عسكرية جرت في ظرف 39 سنة فقط، كان أولها في 1978 وآخرها عام 2008.
وتعاقب على موريتانيا عدد من قادة الجيش، بمن فيهم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، الذي قاد انقلابا عسكريا سنة 2008، قبل أن يترشح للانتخابات الرئاسية ويقدم نفسه كرئيس مدني.
وترشح ولد عبد العزيز للانتخابات الرئاسية سنة 2009، وفاز فيها بـ52.58 في المائة من أصوات الناخبين، قبل أن يجدد ولايته في انتخابات 2014 بعد حصوله على 81.94 في المائة من أصوات الناخبين.
مامادو با: تمهيد للانتخابات
التغييرات الجديدة، تأتي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها ما بين شهري أبريل ومايو 2019، في وقت أكد فيه محمد ولد عبد العزيز عدم نيته الترشح لولاية ثالثة "احتراما للدستور"، الذي ينص على أن تحصر مأمورية الرئيس في ولايتين فقط.
ويعتبر المحلل السياسي الموريتاني، عبد الله مامادو با، أن التغييرات الجديدة تأتي في سياق "التحضير لنهاية المأمورية الحالية للرئيس، والإعداد لانتقال سلسل للسلطة في البلاد".
ويضيف مامادو با، في حديث لـ"أصوات مغاربية"، أنه "يمكن قراءة هذه التغييرات أيضا، كمحاولة لإعادة ترتيب الأوراق داخل المؤسسة العسكرية كممسك أساسي للسلطة".
ويتابع المحلل السياسي الموريتاني "القيادة الفعلية والاستراتيجية بقيت على حالها إذا عرفنها أن ولد عبد العزيز وصل إلى السلطة عبر دبابة، ورفيق دربه محمد ولد الغزواني الذي شغل رئاسة الأركان منذ سنة 2007 عين وزيرا للدفاع الأسبوع الماضي".
ويشدد المتحدث ذاته على أن "الترتيبات العسكرية الأخيرة تهدف إلى ضمان ولاء مؤسسة الجيش".
ويخلص عبد الله مامادو با، إلى أن استراتيجية التغييرات الأخيرة هي "تحضير للانتخابات المزمع تنظيمها العام المقبل".
حدي: تغييرات متوقعة
أما المحلل السياسي الموريتاني، محمد حدي، فيعتقد أن هذه التغييرات في المؤسسة العسكرية "كانت متوقعة" بالنظر إلى أن معظم القادة البارزين في هذه المؤسسة "قد أصبحوا قاب قوسين من التقاعد".
ويوضح حدي، في تصريح لـ"أصوات مغاربية"، بأن "الشيء اللافت هو تعيين ولد الغزواني وزيرا للدفاع، حيث رأى فيه البعض بداية تهيئة الرجل ليكون خليفة للرئيس ولد عبد العزيز، في حين رأى فيه البعض الآخر بداية لإبعاده من الساحة السياسية، لكن هذا الرأي الأخير مستبعد جدا بالنظر إلى مكانة الرجل وقربه من الرئيس وثقة الرئيس فيه".
ويربط المحلل السياسي الموريتاني هذه التغييرات بالانتخابات، ويقول في هذا السياق "هناك علاقة دون شك فالرئيس، وإن كان قد صرح بأنه لا ينوي الترشح لمأمورية ثالثة، إلا أنه لن يترك السلطة بشكل نهائي، وسيسعى إلى دعم مرشح مقرب منه".
ويتابع حدي في هذا السياق "يبدو أن الجنرال ولد الغزواني سيكون المرشح القادم كما أن سيناريو آخر يتم الحديث عنه بقوة وهو تعديل نظام الحكم إلى نظام برلماني تكون فيه لرئيس الوزراء صلاحيات واسعة مقارنة بالرئيس، وبالتالي يتولى ولد عبد العزيز منصب رئيس الوزراء".
وتبعا لذلك، يورد حدي أن "كل ذلك يتطلب أن يكون موقف المؤسسة العسكرية مضمونا، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال تعيين قادة يوثق فيهم على رأس هذه المؤسسة".
المصدر: أصوات مغاربية