فتحت زيارة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز إلى جمهورية أذربيجان صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين حيث التقى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز خلال هذه الزيارة نظيره السيد إلهام عالييف رئيس جمهورية أذربيجان ، وتوجت الزيارة بتوقيع عدة اتفاقيات في مجالات الزراعة والبيطرة والسياحة والطاقة، والثقافة من بين مجالات أخرى.
وقد أكد الرئيسان عزمهما وإصرارهما على ترقية وتنمية العلاقات بين البلدين ليس في مجال التنمية الاقتصادية فحسب وإنما على مستوى تنسيق المواقف عبر المؤسسات الدولية خدمة لمصلحة الشعبين .وشدّد الرئيس الموريتاني على أهمية هذه الزيارة، مذكرا بتطابق وجهات النظر بين موريتانيا واذربيجان وتعدد القواسم المشتركة بينهما مما يساهم في تحقيق الأهداف المنشودة.
وزار رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ميناء سانغاشال، وهو أكبر حقل لاستغلال وتخزين ونقل البترول والغاز في أذربيجان.واختتم رئيس الجمهورية بعد ذلك زيارته التي دامت يومين بزيارة المواقع التاريخية الهامة بالعاصمة الأذربيجانية باكو.
وقد أعجب رئيس الجمهورية بعبقرية الشعب الأذربيجاني وثراء تاريخه كما يعكسه قصر شرفان شاه الذى تم تشييده في القرن الخامس عشر والذي صنفته منظمة اليونسكو في عام 2000 ضمن التراث العالمي.وتحيط بهذا القصر، عدة مساجد وقلاع وقصور عدلية.وقدم القائمون على هذه المنشآت شروحا لرئيس الجمهورية تضمنت استعراضا لبعض الأحداث التي احتضنها هذا الموقع التاريخي الهام.
علاقات واعدة...
تعود العلاقات الدبلوماسية بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية وجمهورية أذربيجان إلى تاريخ 29 أكتوبر 1994
وفي إطار تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين، قدم سفير جمهورية أذربيجان اوقتاي قربانوف في موريتانيا بمقره بالرباط أوراق اعتماده إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
ونقل السفير أوقتاي قربانوف أثناء مراسيم الاعتماد، تحيات الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى الرئيس الموريتاني. وأشار قربانوف إلى أن زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز إلى أذربيجان عام 2010م دشنت مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية معبرا عن فخره واعتزازه بتعيينه سفيرا لدى موريتانيا، وشدد قربانوف على عزمه يذل جهود مضاعفة من أجل توسيع وتطوير العلاقات بين البلدين خلال فترة عمله الدبلوماسي.
ورأى السفير قربانوف أنه من الواضح وجود إمكانيات واسعة لتطوير العلاقات الثنائية، معربا عن أمله في أن تتعزز الجهود المشتركة لتعميق العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها من المجالات ، مؤكدا أن التعاون سيؤدى إلى تقارب بين شعبي موريتانيا وأذربيجان،مشيرا إلى ضرورة القيام بخطوات ثنائية لتكريس هذا التعاون على مستوى عال.
وطلب الرئيس الموريتاني بدوره من السفير أوقتاي قربانوف نقل تحياته إلى الشعب الأذربيجاني والرئيس إلهام علييف مشيرا إلى وجود إمكانات واسعة لتطور شامل للعلاقات بين البلدين الصديقين. وأكد الرئيس الموريتاني على ضرورة تكريس جميع الإمكانات لخدمة مصالح الشعبين والبلدين.وتمنى الرئيس محمد ولد عبد العزيز النجاح والتوفيق للسفير اوقتاي قربانوف في مهمته الدبلوماسية.
حق تاريخي..
وتدعم موريتانيا بقوة حق أذربيجان في السيادة الوطنية على أراضيها وحوزتها الترابية المعترف بها دوليا.
تجدر الإشارة إلى أن أرمينيا لا تزال تسيطر بصفة غير مشروعة على 20 في المائة من أراضي أذربيجان من ضمنها إقليم قراباغ الجبلي الأذربيجاني والمحافظات السبع المجاورة له، ومن المعروف بديهيا أن أراضي إقليم قراباغ الجبلي تشكل جزءا لا يتجزأ من الأراضي التاريخية لأذربيجان منذ القدم وكما نصت عليذالك القرارات الدولية ذات الصلة.
وفي إطار قرارات منظمة التعاون الإسلامي المتعلقة بإدانة العدوان العسكري الأرمني ضد أذربيجان، وتدمير التراث الديني الثقافي على أراضي أذربيجان المحتلة، طالبت المنظمة بإنهاء الاحتلال فورا وبعودة اللاجئين والمشردين داخليا إلى أراضيهم الأصلية.
وقد أسفر الاحتلال الأرمني عن تشريد ونزوح أكثر من مليون شخص من أبناء أذربيجان، علاوة على تعرض المناطق المحتلة للتطهير العرقي بالكامل والنهب والسلب والاغتصاب المادي والمعنوي حيث عمدت أرمينيا إلى تدمير وطمس جميع الآثار الثقافية بشكل كامل، بما في ذلك المساجد والآثار التاريخية الإسلامية.
ولا زالت أرمينيا تتجاهل قرارات مجلس الأمن لعام 1993 والقرارات رقم 822 و853 و874 و884 التي تطالب بشكل واضح بالانسحاب الكامل وغير المشروط لقوات الاحتلال الأرميني من جميع الأراضي الأذربيجانية المحتلة. هذا فضلا عن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والجمعية العامة الإتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوربي ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها من المنظمات الدولية التي أقرت كلها بعدم شرعية الاحتلال وطالبت أرمينيا بالانسحاب الفوري و اللامشروط
وبالتالي فإن أذربيجان لن تقبل الاحتلال الأرميني ولا سبيل لحل النزاع القائم إلا في حدود أذربيجان المعترف بها دوليا ووحدة أراضيها وسيادتها الكاملة عليها.
ومنذ استقلال أذربيجان في 18 أكتوبر عام 1991 وهي تتبع نهجا سياسيا واقتصاديا ناجحا وضع بنيانه الزعيم الوطني المؤسس حيدر علييف ويواصل هذا المسار الاستراتيجي بكل اقتدار فخامة الرئيس إلهام علييف، وبفضل هذا النهج استطاعت أذربيجان الحفاظ على استقلالها السياسي والاقتصادي.
وقد وضع حيدر علييف استراتيجية وطنية في مجال الطاقة، تهدف إلى أن يكون لأذربيجان دور هام ومحوري في سوق الطاقة الدولية؛ ولذلك شرعت أذربيجان في سبتمبر 1994، في توقيع " عقد القرن " مع شركات النفط متعددة الجنسية والذي يهدف إلي تطوير حقول النفط البحرية في القطاع الأذربيجاني من بحر قزوين.
لقد استطاعت أذربيجان تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال التنمية الاقتصادية، وعززت الاعتماد على النفس، وفي عام 2018، صنف اقتصاد أذربيجان كاقتصاد مستقل قائم على الاكتفاء الذاتي، وهو عامل يقوي استقلال السياسات الأذربيجانية.
وقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي في القطاع غير النفطي بأكثر من 9 في المائة، واستثمرت 10 مليارات دولار في اقتصاد البلد. حسب اخر تقارير البنك الدولي، تحتل أذربيجان المركز الـ25 على نطاق العالم. وهذا يؤشر إلى أن الإصلاحات التي جرى تنفيذها ومستوى الشفافية والنزاهة في التسيير والإصلاحات الاقتصادية الجادة قد بدأت كلها تثمر نتائج إيجابية.
البعد الحضاري الإسلامي
تعد أذربيجان جزءاً لا يتجزأ من العالم الإسلامي وقد نالت الاعتراف والقبول في العالم الإسلامي كبلد يلتزم بالقيم الإسلامية. لقد كانت أذربيجان على مدى العصور الممتدة تعد مركزا من مراكز الحضارة الإسلامية، ووطدت العلاقات المثمرة المتبادلة مع العالم الإسلامي، وفي عام 2009، تم إعلان باكو عاصمة للثقافة الإسلامية وتلتها مدينة عريقة أخرى هي نخجوان حيث اختيرت لتكون عاصمة للثقافة الإسلامية في عام 2018.وفي عام التضامن الإسلامي 2017 الذي أعلنه الرئيس إلهام علييف، استضافت أذربيجان النسخة الرابعة من ألعاب التضامن الإسلامي.
وعلى مر العصور، ظلت أذربيجان مكانا تنصهر فيه الديانات والثقافات والحضارات المختلفة وما انفكت تلعب دورا فعالا في حماية قيم التعددية الثقافية والتسامح والقيم الدينية وحلقة وصل تقوي وتعزز الحوار بين الديانات والثقافات، وتسهم - بدور ملحوظ - في تطوير تلك القيم.
تطور متسارع...
وتشهد أذربيجان تطورا ناجحا وسريعا في جميع المجالات. وقد أثبتت أذربيجان نفسَها بكونها دولة قوية على النطاق الدولي. ويتعزز دور أذربيجان في قضايا التضامن الإسلامي يوما بعد يوم. ويمكن القول بالتأكيد أن أذربيجان قد تمكنت من تعزيز دورها القوي في العالم الإسلامي بشكل لافت.
وبفضل التقدم الاقتصادي والتطور الذي شمل مختلف مناحي الحياة، تحقق ارتفاع كبير في مستوى رفاهية الشعب الأذربيجاني، وشهدت العاصمة نهضة شاملة جعلتها تجسد مزيجا بين العراقة والحداثة. واليوم تشهد أذربيجان تغيرا جذريا نحو النمو الاقتصادي، معتمدة في ذلك على تنويع قطاعات الإنتاج والتوجه نحو القطاعات غير النفطية، وهكذا أصبحت أذربيجان من أكثر البلدان جاذبية للاستثمارات الخارجية استنادا إلى الوضع الاقتصادي والسياسي المستقر والواعد، ويتم تنفيذ مشاريع كبرى في مجالات الطاقة والنقل، وهي مشاريع ذات أهمية عالمية، مثل مشروعات TAP وTANAP وطريق الحرير العظيم وممر الشمال-الجنوب، وكلها مشاريع تعزز قوة واستقرار أذربيجان سياسيا واقتصاديا وتحقق رفاهية أكبر للشعب الأذربيجاني ، وفي هذه الأجواء الإيجابية يتجدد الأمل أن يشهد الصراع الأرمني الأذربيجاني حول إقليم قاراباغ الجبلي حلا عادلا في المستقبل المنظور.
أبو بكر أفلواط