قال الكاتب ديفيد إغناطيوس في مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست” وكتبه من العاصمة العمانية، مسقط “هذا هو الأمر المحير لسيطرة إيران يوم السبت على ناقلة نفط على مسافة 240 ميلا من هنا. ولم يصدر من الإمارات العربية المتحدة الذي كان القارب يمر من مياهها البحرية سوى الصمت. وكذا من الولايات المتحدة التي تقوم بتنظيم قوة متعددة الجنسيات لحماية الملاحة في الخليج الفارسي”. ويعلق الكاتب “لو كانت هذه لعبة ملاكمة لقلت إن أمريكا تحاول ترك إيران توجه لكمة لنفسها. ولم ترد الولايات المتحدة على حوادث عدة تعرضت لها ناقلات النفط خلال الشهرين الماضيين قرب مضيق هرمز، ولا على إسقاط إيران طائرة مسيرة للتجسس ولا على استفزازات أخرى، حيث سمح الجيش الأمريكي لإيران توجيه الضربات في وقت تفرغ فيه للتحضير من أجل الضربة القاضية لم أضطر لعمل هذا”. ونقل الكاتب عن قائد القيادة المركزية الأمريكية فرانك ماكينزي قوله “هذه مشكلة دولية وليس مشكلة الولايات المتحدة”.
وقال في مقابلة أجراها الكاتب معه يوم الثلاثاء إن الدول التي تعتمد على نفط الخليج عليها توفير حماية مرافقة لناقلات النفط فيما ستقوم أمريكا بتوفير الإستطلاع والوسائل الأخرى التي تعزز ما أسماه “الوعي بالمجال البحري”. وقال الكاتب إن تعليقات الجنرال ماكينزي جاءت بعد اختفاء ناقلة رياح في الجزيرة المحمية قشم، وتعزز الموقف الأمريكي القاضي بتجنب مواجهة مع إيران قدر الإمكان.
المدخل الأمريكي في التعامل مع الأزمة هو التحلي بالصبر وعدم الرد على الإستفزازات وانتظار ما سيفعله الإيرانيون.
وتقوم الولايات المتحدة بتقوية ترسانتها في الخليج ولكنها لم تستخدمها بعد. وقال إن “قدرتنا على جلب القوات للميدان هي من أجل ردع” الإيرانيين للقيام بأعمال واسعة. و “نحن في مرحلة يحاولون فيها إعادة حساباتهم وفهم نوايانا والتزاماتنا”. ويبدو أن المدخل الأمريكي في التعامل مع الأزمة هو التحلي بالصبر وعدم الرد على الإستفزازات وانتظار ما سيفعله الإيرانيون. ويرى الكاتب أن هذا هو الملمح الرئيسي في استراتيجية المواجهة الأمريكية مع إيران رغم أنه لا يناقش كثيرا. ويعتقد القادة الأمريكيون أن الوقت يلعب في صالحهم. فإيران تزداد ضعفا بمرور كل شهر بسبب العقوبات الإقتصادية. وتحاول إيران الخروج من هذا المأزق بدون أن يكون لديها قنوات الإتصال الدبلوماسية مع أمريكا، ولهذا تقوم بإرسال رسائل قوة محدودة ولكن قادتها يعرفون أن عليهم الحذر. ويبدو الحذر واضحا في دول الخليج العربية مثل الإمارات والتي كانت تدفع ترامب باتجاه المواجهة مع إيران.
يعرف قادة الإمارات أن أي تحالف تقوده أمريكا سينتصر حتما لكن ناطحات السحاب اللامعة في دبي وأبو ظبي ستكون الهدف الأول.
ويعرف قادة الإمارات أن أي تحالف تقوده أمريكا سينتصر حتما لكن ناطحات السحاب اللامعة التي تزحم أرض الأحلام للقرن الحادي والعشرين في دبي وأبو ظبي ستكون الهدف الأول، وربما تحولت جواهر الخليج هذه إلى شظايا زجاجية. ومن هنا فالرد المتردد على حيازة الناقلة يحمل الكثير من الدلائل، فالإمارات تريد تخفيض التوتر وعملية سياسية مع إيران. كما أن انسحابها من اليمن هو إشارة ثانية، فهذه الحرب المدمرة لم تحقق مكاسب استراتيجية ضد الحوثيين بل خلقت كارثة إنسانية. ويعتبر الإنسحاب الإماراتي هو انتصار للحس الجيد ولكنه انتصار للحوثيين وإيران. ويقترح تصدعا في التحالف السعودي-الإمارتي. وأصبح مهندس الحملة العسكرية في اليمن، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحيدا في هذا المستنقع.
ويرى الكاتب أن أمريكا وهي تقوم بمعيرة حركاتها في المواجهة مع إيران إلا أنها ستكون عرضة للخطر من العراق الذي قد يتعرض فيه أكثر من 5.000 جندي أمريكي لخطر الميليشيات الشيعية هناك. ووعدت الحكومة العراقية بضبط هذه الميليشيات إلا أنها ستجد صعوبة في الحفاظ على وعدها إن تطور النزاع لمواجهة شاملة. ويقول إن التحدي الأول للولايات المتحدة هو الحفاظ على حرية الملاحة في الخليج ولهذا السبب بدأ ماكينزي جولة تستمر عشرة أيام مع فريق من الصحافيين وجعل من عمان المحطة الأولى خاصة أن فيها مركز أمن الملاحة البحرية هو مساو لمركز الملاحة الجوية ويراقب حركة الملاحة في مضيق هرمز. وفي خطة أمريكا الكبرى فقد تلعب عمان دورا مهما في تحالف متعدد الجنسيات لحماية الملاحة من الجماعات المرتبطة بإيران. ومهمة أمريكا العمل مع حلفاء مثلها لتخفيف التوتر. ويقول إن إيران بحثت بقوة عن المواجهة مع أمريكا ولكن الرد جاء لا.