عمان- “القدس العربي”:
ليست صدفة بالتأكيد لكن الرابط غامض. في الوقت الذي ينشغل فيه الجميع بأزمة حراك نقابة المعلمين في الأردن، تبرز إلى الواجهة وبقوة “رسالة ملكية” جديدة تعيد للصدارة موجة “زيارات الملك المتخفي”.
الملك عبدالله الثاني قبل ثلاثة أيام وبعد آخر نشاط عام له قرر تنفيذ “زيارة سرية” جديدة.
تخفى الملك بلباس مواطن عادي وبدون حرس أو مرافقين قرر الاشتباك مع “يوم دوام” في دائرة مختصة بتوثيق العقارات والأراضي وتتبع إدارة شمال العاصمة عمان.
تلك طبعا واحدة من أهم وأخطر دوائر العمل البيروقراطي الأردني واختيارها بالتأكيد ليس صدفة. والسبب أنها الدائرة التي يعتبر النشاط فيها مؤشراً هو الأقوى على حركة ملكيات أثرياء العاصمة وضيوفها ومترفيها.
وهي فوق ذلك الدائرة التي تشهد بالعادة أكبر توثيق عقاري للاستثمارات، إضافة إلى أنها تدر دخلا كبيرا على الخزينة في بند تسجيل الأراضي وضرائبها.
ظهر الملك متخفيا بين الناس وسألهم وتحدث معهم ومع الموظفين وراقب المشهد.
لا وجود من أي نوع للحكومة في المشهد، حتى رئيس الدائرة نفسها صرح علنا بأنه لم يعلم بالزيارة ولم تصله “التغذية الراجعة” بعد.
تلك الإدارة تتبع بيروقراطيا وزارة المالية ورئيس الوزراء. وأغلب التقدير أن الملك اختارها لتنفيذ موجة “الملك المتخفي” بقصد، وبعد وصول ملاحظات “استثمارية” للديوان الملكي، الأمر الذي يفسر لاحقا الزيارة التي قام بها بعد يومين رئيس الديوان الملكي يوسف عيسوي لنفس الدائرة مع ملف بملاحظات ومشاهدات وانطباعات رأس الدولة.
لافت جدا سياسيا هنا أن العيسوي لم يحمل ملاحظات الملك لرئيس الحكومة ولا لوزير المالية ولا لأي من كبار المسؤولين بل للمدراء الصغار بالميدان مباشرة.
تلك أيضا رسالة تفيد بأن مؤسسة القصر تراقب وتتابع التفاصيل. فقبل أسبوعين فقط حضر الملك جانبا من اجتماع مجلس الوزراء، ووجه ملاحظات للوزراء بعنوان “حواجز وعوائق الاستثمار”.
غياب التفاعل مع الحكومة في نتائج زيارة الملك المتخفي ملاحظة سياسية من الصعب عدم رصدها. ومن الصعب أيضا عدم ربطها بالتداعيات الحساسة التي يشهدها الشارع الاردني في مستوى التأزيم الكبير في ملف المعلمين، حيث صعود جماعي على الشجرة بعد حراك نقابة المعلمين شمل الشارع والمعلم ونقابته والحكومة وفي بعض تفاصيل أجهزة الدولة.