كاستقبل ولد الغزواني في الاسبوع الماضي مكتب "تمثيل" نقابة الصحافة (بعد هذا الصمت المريب)..
و في بيان أصدرته بعد هذا اللقاء، أعلنت نقابة فرسان الرأي "استعدادها التام للتعاطي مع التوجه الجديد للسلطات العليا في البلد". من يسمع هذا الكلام يعتقد أن فرسان النقابة كانوا على غير "الاستعداد التام" للتعاطي مع التوجه القديم للسلطات العليا.؟
و أضافت النقابة في بيانها : ""سنواصل العمل الجاد الذي بدأناه وسنعززه في ظل هذه الإرادة السياسية الجديدة الجادة من أجل تطوير الحقل الصحفي". حين تقول نقابة الصحفيين " في ظل هذه الإرادة السياسية الجديدة الجادة"، ألا يخجلها حين نعود إلى كل بيانتها و اجتماعاتها و تصريحاتها في عشرية النهب و الاستباحة، ان لا نجد فيها أي إشارة من نقابة الصحافة إلى فسادها أو إرادتها السياسية "غير الجادة"؟
كيف تنسى نقابة الصحافة نفسها .. كيف تستثني نفسها، حين تردد أننا شعب بلا ذاكرة، كأنها تقدم للعالم اكتشاف النار الذي غير تاريخ البشرية؟
و في بيانها المخجل، ثمنت "نقابة الصحفيين" التي يوكل إليها تدجين الإعلام "تجاوب الرئيس مع مطالبها" التي خلت من أي مطلب استقلالية أو حرية رأي أو حماية للصحفيين: كانت كلها مطالب منفعية سخيفة في شكل شروط طاعة لا غبار عليها:
ـ مراجعة نظام الأجور
ـ زيادة سقف صندوق الدعم العمومي للصحافة
ـ منح قطع أرضية للصحفيين الميدانين و العاملين في المؤسسات الإعلامية (لا أعرف ماذا يقصدون هنا بعبارة "صحفيين ميدانيين" لكنه من الواضح أنها تستهدف حرمان آخرين، مثل تصفيات الشفهي في جرائم المسابقات الوطنية التي (نذكر فقط) بأنها لم تسقط ولد امصبوع حين رد على اللجنة بأن أهمية البنوك في المجال الاقتصادي هي إيداع النقود فيها )
و كان من أبرز مطالب الرابطة التي قدمتها لفخامة رئيس الدولة " تأسيس مجلس أعلى للصحافة" . هنا تذكرنا النقابة بما يدور في مغارة علي بابا (UPR) : هل يظل تابعا لعزيز كما يريد جناح بيجل أو يصبح تابعا لغزواني كما يريد جناح ولد الطيب أو ينتظر نهاية صراع الاثنين، ليصبح بلا جناح مثل نقابة الصحافة الباحثة حتى الآن عن فرصة للتموقع بسبب غياب عزيز و صمت غزواني؟
لقد وضعت هذه الأزمة الصامتة المتزلفين في موقف لا يحسدون عليه : إعلان الولاء لعزيز مغامرة مثل سيرة حياته.. انتظار كلام أبو الهول نكتة تندر مصرية . و الصبر ليس من عادة المتزلفين : لا فرق اليوم بين ولد الطيب و زيدان ، لا فرق بين رئيس نقابة الصحافة و بنه ولد الشنوف ، لا فرق بين بيجل و صحافة الرأي "الحر" في قناة الوطنية..
جميل جدا و وارد جدا و مفهوم جدا و متوقع جدا ، أن تطلب نقابة الصحافة من رئيس الجمهورية "تأسيس مجلس أعلى للصحافة"؛ لكن الإشكالية القانونية هنا هي أن نجد شابا صحفيا من دائرة الظل الوافر، يعتبر دعاية الغبن حقدا و حسدا ، لا يرى مانع في الانتساب (خدمة للوطن) إلى المجلس الأعلى للشباب و المجلس الأعلى للصحافة كهيئتين تابعتين لنفس الوصاية تتداخل فيها الاختصاصات و تتشابك الطموحات !؟
كل شيء في بلدنا اليوم شاذ و غريب و غير مسبوق : تطرح الصحافة في العالم شروط استقلاليتها على حكوماتها و تطرح صحافتنا شروط طاعتها ...
ـ تفرض البرلمانات إلزامية تمرير القرارات الحكومية في كل كبيرة و صغيرة ، بموافقتها و يصوت برلماننا المعوق على أن تكون كل أمور اتفاقيات المعادن من اختصاص رئيس الدولة وحده
ـ يطالب القضاة في العالم باستقلالية القضاء و دكتاتورية القانون و يطالب قضاتنا بدكتاتورية الحاكم لان العدل أكبر عدو للرشوة و الانحراف ..
كل فساد في بلدنا تقوده السلطة و تحميه السلطة و توجهه السلطة و تختار السلطة القائمين عليه و تواجه السلطة كل من يقف في وجهه بهراوات ولد النجيب و كلابه المسعورة و تسجيلات العقرب السامة أحميده ولد أباه.
متى تكون موريتانيا دولة..؟ متى تخرج من هذا النفق المظلم المؤدي إلى المجهول ..!؟
أفسد النظام الصحافة، أفسد النقابات العمالية، أفسد المجتمع المدني، أفسد الروابط الطلابية، أفسد التجار، أفسد رجال الأعمال، أفسد الأحزاب، أفسد الشرائح، أفسد الإدارة، أفسد القضاء، أفسد الجيش، أفسد الأمن..
دول العالم تعمل بجهود مضنية و مضاعفة لإصلاح أمورها دون كبير تقدم بسبب ضغط المنافسة و احتكار الجودة و أنظمتنا المريضة تبذل المستحيل لإفساد كل شيء في خططها الخمسية و العشرية بسرعة نمو مذهلة لتموت بلادنا واقفة كالشجرة: نمو الفساد أصبح عبقرية دولتنا الوحيدة .. أصبح ميدان سباق حكوماتنا الأعظم .. اصبح وصمة عارنا الخالدة! ؟
لقد فضح المدونون الموريتانيون الأبطال كل فساد في البلد بمهارات عالية و شجاعة منقطعة النظير و خبرات تفوق خبرات الإدارة و الصحافة و الأحزاب و منظمات المجتمع المدني و لم يطالبوا بدفع رواتب و لا قطع أرضية و لا مجلس أعلى للمدونين برعاية رئيس الجمهورية؛ تلك هي الوطنية التي نحترمها .. تلك هي الوطنية التي نفتخر بها و نجلها .. تلك هي الوطنية التي نراهن عليها و نبارك فيها. أما أنتم يا ذباب الولائم و "إياك أعني..." يا رابطة صحافة التزلف و التخلف و العمالة و الجهالة : فاصمتوا.. اصمتوا يا عار الصحافة و البلد .. اصمتوا يا قاطرة المذلة المنبوذة.. اصمتوا يا طوابير الخجل امام بوابات الانذال..
لا نامت أعين الجبناء.