بمناسبة رفع التجريم عن الشيك بدون رصيد وإلغاء الإكراه البدني في الميدان المدني والتجاري وتخفيفه في الميدان الجزائي يطيب لي أن أهنئ معالي وزير العدل الاستاذ حيموده ولد رمظان ، وحكومة معالي الوزير الاول المهندس اسماعيل ولد بدة ولد الشيخ سيديا وأن أعرج بالمناسبة على الإيضاحات التالية:
١- ان الموريتانيين الذين يسري في ثقافتهم الأصيلة -إن لم أقل في دمائهم -ثلاثي الشعور بالشرف والأخوة والعدالة والذي اتخذوا منه شعار ا وطنيا: شرف-اخاء-عدالة - في تأسيس جمهوريتهم المستقلة -والذي هو عملتهم الذهبية لايمكن الا يستبشروا بهذا القرار ويهنئون عليه الحكومة الجديدة.
وكما يعرف الجميع ان الشيك استخدم في السنوات الاخيرة بصورة تعسفية غير شرعية كأداة غريبة لما يعرف بشيبيكو التي تديرها ذئاب بشرية بحيث استخدم الشيك كأداة للتسليف بدلا من الادوات المعروفة في القانون الكمبيالي الذي تستخدم فيه الكمبيالات بدلا من الشيك الذي هو دائما عند أهل شيبيكو يحمل تاريخا سابقا لأوانه وهو أمر مجرم في القانون مع فوائد تفوق رأس المال وبنية مبيتة لاستخدام القانون على وجه خاطئ والتأثير على العدالة واستخدام قوة الدولة لرمي مواطنين -هم ضحايا مؤامراتهم من الضعفاء ماديا أو عقليا - في السجن.
٢-قراركم السيد الوزير جاء في وقته وان كان صادف وقتا عسيرا نظرا لأنه جاء في ظرف ظهر فيه أن سمة الاقتصاد تمتاز بالديون المفرطة بحيث أن كل واحد منا دائن ومدين للآخرين ويستوي في ذلك الدولة والمؤسسات والأفراد وبمديونية داخلية وخارجية.. وقد سبق ان تعرضت لهذا الموضوع في مقالات سابقة ورسائل صوتية في الواتساب.
ولا شك أن الامم تمر بأوقات يكون فيها التسامح والصبر والحكمة والقيم الاخرى ملجأ لجبر الضرر خاصة بعد التعرض لتدمير الاقتصاد او للتفقير ريثما يراجعون انفسهم ويبنون اقتصادهم ويصححون وضعيتهم.
٣-لا شك ايها السيد الوزير انكم تعلمون قيمة العدالة والاخلاق والقيم لدي، وتذكرون أنني في 1999 حاججت لدى البنك الدولي من اجل مساعدة ودعم العدالة ونجم عن ذلك تمويلات لوزارة العدل كان مكتبي الافريقي العربي للدراسات والمحاسبة هو المكلف بالتأطير فيها من الناحية الفنية ومن ناحية المحاسبة ، وكذلك بعون من البنك الدولي وبالتواصل مع وزارة العدل نظمنا في 2004 الايام الشنقيطية حول العدالة والاخلاق طيلة أسبوع بحضور مائة شخصية منها العلامة المرحوم محمد سالم ولد عدود والعلامة حمدا ولد التاه والعلامة محمد المختار ولد امبالة وأضرابهم من العلماء والقامات ، وقد نددنا فيها لأول مرة بالفساد وبالرشوة ومسلكيات اخرى تتنافى مع قيمنا وديننا.
وقد كانت الفكرة منذ البداية فكرتي والملتقى من تنظيم مكتبي .
وبصفة حصرية وبشهادة الجميع كان الملتقى باهرا والوثائق الدالة على ذلك موجودة لديكم في الارشيف.
ومن هنا الفت انتباهكم الى ان حيثيات هذه الخطوة المتعلقة برفع التجريم عن الشيك والاكراه البدني من حيث التطبيق وجعلها حيز التنفيذ والاصلاحات التي تنجم عنها والتي يجب الاسراع بتنفيذها على الفور حيث أننا قد اعتدنا على الفرقعات الاعلامية والمواعيد العرقوبية ولان ذئاب شيبيكو البشرية الذين ينخلون في النسيج الاجتماعي والاخلاقي والاقتصادي يأتون على الاخضر واليابس بسبب الامتيازات الموفرة لهم من جهة النصوص والمحاكم الى حد الان ولو بغير قصد.
٤- ألفت عنايتكم الى ان لهذه الظاهرة ابعادا كبيرة في الجوانب الاقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية وتعني بدرجة أولى البنك المركزي ووزارة الاقتصاد ووزارة المالية وبالتالي فمن الضروري أخذ التنسيق مع هذه الهيئات بعين الاعتبار وكمساهمة مني سأبعث اليكم بنص رسالة سبق ان أرسلتها في هذا الموضوع لمحافظ البنك المركزي قدمت فيها بعض التأملات قد تكون من البذرات التي تمخض عنها قراركم المذكور
رسالتي الى محافظ البنك المركزي ومساعده
تنبيه على حالة مالية ونقدية
لي الشرف ان ألفت أنظاركم بصفة حصرية وخاصة إلى بعض المسائل المالية والنقدية التي تميز الوضعية الحالية تتطلب استقصاء وتحقيقا وتفكيرا معمقا وإجراءات مستعجلة ، وللمساعدة في بيان الموضوع أحيطكم بصفة وجيزة بالدواعي والروح التي جعلتني أقوم بهذه المبادرة:
- أنا من أطر البنك المركزي الأوائل ، ومن المقتنعين والمخلصين لمشروع العملة الوطنية وقد أوليت اهتماما مهنيا وأكاديميا وعمليا للأمور التي تدخل في نطاق مهام المؤسسة التي تقودونها أنتم اليوم وخاصة المسائل النقدية التي أهتم بها من الناحية العلمية أكثر .
هذه العلاقة التاريخية والروحية تبرر كتابتي إلى مؤسسة البنك المركزي التي هي في الأصل تحظى بسمعة جيدة تجعل من مثل هذه القضية أمرا حساسا ككل المسائل النقدية والمسائل المتعلقة بالسيولة النقدية أوالجفاف النقدي في البلد والاسواق ، الذي يفسر ويبرر عدم طرحي لهذا الموضوع في الصحافة كعادتي في الامور الوطنية حيث ان طرح الأمور النقدية على الساحة قبل السلطات المعنية قد يزيد الحالة غموضا ويجر مشاكل في نشاط النظام المصرفي . لذا فالأمور المحتاجة لحلول عاجلة على مستوى العملة ، تحتاج دائما للسرية والفعالية والمردودية المؤكدة.
ونظرا لان لدي الاتصال المباشر مع العملاء الاقتصاديين ومع السوق والشارع والأسر وواقع سلالهم فلست متأثرا ولا مخدوعا بالإحصائيات المعلنة التي لا تعكس في الحقيقة الواقع .
نظرتي كمراقب من خارج تقدم إضافة ليست محاسبية ولا إحصائية ولا عددية مثل المعطيات التي لديكم والتي هي كمية.
في 2005 اقترحت على السلطات الانتقالية في إصلاح النظام المصرفي الفصل بين القطاع الحقيقي للمؤسسات والقطاع المصرفي وبدون أن يتشاوروا معي بصفتي صاحب الفكرة تم سن قانون لم يستطع تغيير أي شيء لأنه لم يجعل حواجز حقيقية بين القطاعين الحقيقي والمصرفي وإنما بدلا من ذلك وبصفة خادعة تم وضع ستارة تشف من الجانبين بين البنوك والقطاع الخاص . وهذه الإعاقة المزمنة في النظام المصرفي هي التي تشكل المعوق الهيكلي وهي التي جرت كثيرا من المسائل الخاطئة في نظام البنوك وفي نطاق العملة تزيدها الظرفية أو تخفف منها.
فأزمة السيولة الحالية التي أختار تسميتها بأزمة الجفاف النقدي في بلدنا الذي هو بلد زراعي وصحراوي (وهذا الموضوع سنتناوله في كتاب سيصدر عن قريب ) ما كانت لتنشأ لو كانت البنوك تقوم بواجبها وتمول الاقتصاد بدلا من تمويل ذاتها ففي الحقيقة أصبح يشتبه على البنوك (النعت) الذي هو القطاع الخاص مع ( الفعل) الذي هو حرمان الاخرين الذين هم الزبناء الحقيقيون والذين أصبحوا في الواقع وفي نظرهم منافسين
فلو كان القطاع المصرفي يقوم بدوره لم تكن لتظهر سوق متغولة عاطلة وبمستوى فوائد جهنمية تبلغ 365 في المائة سنويا في سوق موازية للتسليف أشد ضررا وإضرارا من السوق السوداء للعملة الصعبة
وتتجه هذه الفوائد التي هي الدرك الجهنمي الأسفل تتجه لتصعد الى 50 في المائة أي ما يعادل 600 في المائة سنويا
في حين أنه في الدول المسيحية تكون نسبة الفائدة مقسمة الى جهنمية وفوق الجهنمية والربوية والسقف الاعلى من كل ذلك يبلغ 19 في المائة!!
إن ندرة العملة والسيولة في أسواق التبادل الحقيقي كالتجارة مع صعوبة الحصول على السلف المصرفي اواستحالته هي الاسباب الحقيقية التي خلقت كازيونات التمويل في بلدنا وإن أزمة السيولة المتزايدة
إن لم تكافح بصورة فعالة فسوف تجر لا محالة الى ما هو أعظم من ذلك ألا وهو أزمة مالية ونظامانية
فاليوم ازمة السيولة واقع والأدهى من ذلك علم الجميع به وغدا لناظره قريب
وليس نقص السيولة بجديد ولكن خصوصية الوضع الراهن أنه الموضوع الوحيد الذي يثار وبألم من المستهلكين والمؤسسات التي هي على حافة الانهيار
وهذا السوق ( شبيكو) منذ اكتشفته وأنا أسميه السوق السوداء والحمراء. والحمراء اشتقاقها من لون الدم لأن هؤلاء يمتصون دماء الآخرين وسوداء لأنها عمل في الخفاء .
وانواكشوط -للأسف- أصبح كازينو للعب بالأموال الحمراء المشبوهة المصدر يعرضها سفهاء مقامرون في سوق يلجأ إليها أصحاب الرهاب النفسي والمرضي ومخالفوا القانون أو المهددون بالإكراه البدني وضعاف العقول.
وأصبحنا فيما هو أشد من الربا بسبب اقراض شيبيكو والذي لا يعدو كونه سلبا لما في أيدي الآخرين بواسطة هذه النسبة الجهنمية من الفائدة التي تهوي بنا بواسطة هذه العمليات
إلى درك يحترق فيه الاقتصاد والدين والأخلاق والعقليات والمؤسسات والنظم والعيش المشترك والسلم المجتمعي والسلام بين طرفي السوق العارض والطالب.
هنالك تخزين النقد وهو يحرم الاقتصاد من التمويل او جزء منه وبلدنا اليوم يعاني ويتألم من اختفاء وهروب وسيلة التبادل المسماة العملة والتي تتحرك في كل موقع وتنقل القيمة من كل مكان وهذا الهروب أو الاختفاء للعملة هو ما أوقف نشاط العملاء الاقتصاديين والدورة الاقتصادية والمستثمرين والمستهلكين ككل .
والذي سيطال شرره حتى أولئك المسؤولين عه وهم البنوك التجارية أساسا والمسؤولون عنه من بعدهم وهم الذين يتبعون معه سياسة النعامة بعدم التصدي له بل انهم يفاقمونه بزيادة الضرائب والأعباء على المواطنين الذين دخلهم متأثر بهذه الوضعية وأعني تحديدا وزارة المالية والضرائب .
هذا الالم الذي يكاد يكون عضويا يضاف إليه خيبة أمل عامة وعدم فهم للندرة الواقعة في السيولة وانكماش الاسواق المتوازي معها
وبوصفي شاهدا وضحية لهذه الحالة الغير مقبولة وقناعة مني بأن جهل الأمور يجر الى التنافر كما في المثل (من جهل شيئا عاداه ) كتبت سلسلة مقالات عددها 12 مقالا لأساعد الجمهور على فهم العملة وكيفية خلقها وموتها ونمونها وأسباب لندرة المتحرك منها .
وفي الحقيقة هذا الموضوع لا يحاط به بهكذا مقالات لكني اتجهت إلى تأليف كتاب واف بالموضوع يكشف الجوانب الحساسة والمستعجلة منه وأنا على استعداد للاستماع إليكم والحديث معكم لتعميق التفكير في الموضوع قبل إصدار الكتاب وقبل إطلاق مبادرة أعتزم إطلاقها حوله.
وتقبلوا فائق الاحترام