مأساة مدينة مستغانم الساحلية وعين تموشنت، عنوان الحدث الأليم، الذي نزل على الحي الشعبي «بايموت» في مستغانم كالصاعقة، تقول يومية «الجمهورية» التي نشرت خبر في حادثة غرق قارب كان يحمل 14 شخصا «مهاجرا» لقوا حتفهم دفعة واحدة، وغالبيتهم من حي واحد (حي بايموت) الذي فقد عائلة بكاملها، هم الوالدان وثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 3 و12 سنة، وكذلك امرأة وابنيها (4 و 5) سنوات، إضافة إلى شابة في مقتبل العمر (19سنة).
أما بقية الشباب الستة فهم من الأحياء المجاورة لحي «بايموت» «حراڤة» بعد أن أحرقت أمانيهم وكل سبل النجاة والحياة الكريمة وفضلوا ركوب «بوطي» الموت، بعدما جمعوا أمواله من تضامن الأقارب والأصدقاء، كون أغلبيتهم من العاطلين ومن لا يمتهنون مهنة مستقرة.
كانت نقطة الانطلاق نحو الهلاك من شاطئ سيدي لعجال في بلدية «عشعاشة» شرق ولاية مستغانم وعند منتصف الليل أبحروا نحو الضفة المقابلة. لكن بعد ساعة ونصف من الإبحار هاجت الأمواج وعلت وأربكت الجميع وبدأ صراخ النساء والأطفال الهستيري على متن القارب، مما جعل أحدهم يتصل بإحدى عائلات الضحايا لطلب النجدة والاتصال بخفر السواحل، بعد حالة هلع لا يمكن تصورها والكل أراد الرجوع إلى بر الأمان، لكن لا أمان في البحر الهائج، فانقلب القارب بكل ركابه.
بعدها خرجت فرقة الحماية المدنية للبحث عن الغرقى وسط ظلام دامس وبحر مضطرب، ورغم الوضع الصعب، نجحوا في انقاذ امرأة (والدة الطفلين الغريقين) ورجل واحد في شاطئ مرسى الشيخ في «عشعاشة» نقلوا على الفور الى المستشفى في حالة فقدان للوعي. كما تم في اليوم الموالي انتشال أربع جثث لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و13 سنة نقلوا إلى مستشفى المنطقة.
سكان حي «بايموت» سيذكرون خلال العقود المقبلة حادثة فقدان حيهم ودفعة واحدة «ثمانية» أشخاص من بينهم عائلة كاملة، عائلة بلقوميدي، التي كانت تتوق لحياة أفضل ولعيش رغيد ومستقبل زاهر. الأوضاع الاجتماعية المزرية دفعت بهؤلاء الشباب لهذه المغامرة المميتة وللعبة الحظ القاتلة، لنهاية أسر في كاملها في عرض البحر بلا رحمة أو شفقة. هكذا نصبت خيمة للعزاء في الحي ولم يظهر أقارب العائلة المتوفاة، فقط الجيران كانوا متأثرين بما حدث طالبين الرحمة للموتى، وداعين الشباب لعدم التهور لأن البحر لا يرحم وأنهم لن يجدوا الجنة في الضفة الأخرى. كما نقلت ذلك قناة «النهار»!
موت بالجملة وألم مفصل بكل حيثيات الوجع والنزيف. الحوادث الأليمة تعود بأشكال وألوان. لا تترك للمرء مسحة للتنفس، التنهدات غلبت المشهد وكآبة الوجوه المعزية لا تحتاج لتفصيل. فالى متى مواسم العزاء هذه؟!
فطيم الشامسي ضحية
منذ أسابيع انبرت سيدات وسادة للرد على من ادّعت أنها ملكة جمال الإمارات، بعد مقطع فيديو نشرته على الإنستغرام تسبب فيه الجزائر وتعاير شعبها.
الفيديو جعل الردود ملتهبة لحجم الإهانة والاستهزاء بالجزائريين واستفزازهم، فحسب المرأة «المجهولة» فاستقلال الجزائر هدية من فرنسا. والبطالة ضاربة أطنابها في بلادنا مما يدفع الجزائريين للهجرة، من أجل بضعة «أوروات» لسد رمقهم. وفي الأخير تطلب من الجزائريين أن يذهبوا لتحرير فلسطين في لهجة منفرة وأفكار غير متناسقة وفي جمل مقيتة شكلا ومضمونا.
فقامت عليها القيامة، ليس فقط من جزائريين، بل من مغاربة ومصريين وسوريين فلسطينيين ومن الجنسين. الكل اتفق على جهل هذه الملكة المزعومة لتاريخ الشعب الجزائري ونضالاته وأنه دفع مليونا ونصف المليون شهيد لاسترجاع استقلاله، وأن البطالة ليست شيئا خاصا بالجزائريين، بل كل العالم يعاني من هذه المشكلة، وأن الجزائر أكبر منها.
جاء أقوى رد من د. مسعودة بوغديري، الفرنسية من أصول جزائرية، سفيرة السلام لدى الأمم المتحدة، التي استفزها كثيرا فيديو ما سمتها زنديقة وعميلة إسرائيل. وأنها لا تصلح لأن تكون ملكة جمال، لأنها منفوخة بالبوتوكس وكل شيء فيها مستعار وثقافتها ثقافة الميك آب.
وتطلب منها أن تنظف وجهها لترى الناس حقيقتها وأن تغسل فمها قبل الكلام على بلد المليون ونصف المليون شهيد.
وترد على ما قالته موضوعا بموضوع: «تتكلمين عن البطالة في بلاد الأبطال في الجزائر. وعدد شهدائنا يا بوتوكس من يوم دخول الاستعمار إلى خروجه أكثر من عدد سكان الإمارات، والبطالة والموت في البحر أهون من بيع الذمة ومن التطبيع مع إسرائيل.
تتكلمين عن استقلال الجزائر، إيش عرفك أنت في استقلال الجزائر ولا في التاريخ، في الجزائر ولا في غيرها. أنت ثقافتك حد الميك آب. فهمت فيلمك تريدين القيام بـ «البوز» على ظهور الجزائر وشعبها، لكنك فتحت النار على نفسك.
ثم دعتها للوضوء قبل أن تتجرأ وتتكلم عن الجزائر. يا وجه بيكاسو الفالصو، لوحة بيكاسو الفالصو! وتصل في الأخير للقول: «أنت لا تمثلين الشعب الإماراتي والنساء الإماراتيات، أنت أصلا مش إماراتية وأخبارك أتتني بأنك لست إماراتية…»!
وإذا علمت السيدة بوغديري ذلك، لماذا كل الشتائم التي لم نشأ إدراجها في المقال، لماذا لم «نريح» بالنا ونهدأ ما دمنا نعرف أن المرأة، التي شتمت الجزائر ليست إماراتية وكفى المؤمنين شر القتال؟!
الغريب أن الجزائر لاقت تضامنا واسعا من خلال الردود على المنتحلة لشخصية ملكة جمال الإمارات، من «اليوتيوبرز» العرب والجزائريين، وكانت الردود قاسية ضد الإمارات.
وفي نهاية المطاف خرجت السيدة فطيم الشامسي وأوضحت أنها ليست صاحبة الفيديو وأن لا شبه بينها وبين من اخترقت حسابها. وليست نفس الشفاه، فهي لم تقم بإجراء عمليات حقن لتضخيم شفاهها ولم تقم بعمليات تجميل في وجهها وأن شعرها أسود دائما. ولا يمكنها أن تشتم الجزائريين بل تحبهم وتغني أغانيهم وكانت تنوي المجيء للجزائر لولا كورونا، وأنها تسامح كل من شتمها. وفي الأخير «طلعت» صاحبة الفيديو جزائرية تعيش في الإمارات! فمن يعتذر لمن؟
علينا توخي الحذر مما ينشر وعدم التسرع في الردود، لا سيما من جهات رسمية، لماذا لإيقاظ كل هذه الفتن، في زمن الفتنة واللا أمن، الذي نعيش فيه، الفتنة أشد من القتل!
موريتانيات ضد الاغتصاب
شهدت موريتانيا هذا الشهر تظاهر عشرات النشطاء للمطالبة بحمايتهن من الاغتصاب، وإيقافه من خلال سن قانون لتجريمه وحماية النساء، وذلك بعد عملية اغتصاب وقتل فتاة هزت البلاد.
ورفع المحتجون لافتات تطالب بوقف الاغتصاب وسن قوانين رادعة لمرتكبيه، خاصة في ظل تسجيل عدة حالات اغتصاب خلال الشهر الجاري في مناطق مختلفة من موريتانيا.
كما تمت المطالبة بتسليط أقسى أنواع العقوبات بحق المغتصبين من أجل ردع آخرين عن ارتكاب مثل هذه الجرائم، تقول «نيوم نيوز».
وتضيف: «كانت جريمة قتل واغتصاب إحدى الفتيات في العاصمة نواكشوط، قد هزت الرأي العام، ودفعت ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق المرأة للتحرك والمطالبة بتفعيل قانون حماية النساء، الذي صادقت عليه الحكومة قبل أشهر.
وينظم المدافعون عن حقوق المرأة في موريتانيا مسيرات ووقفات بشكل مستمر، للمطالبة بسن قوانين رادعة لحماية النساء من العنف والاغتصاب، الذي أخذ في التزايد بشكل ملحوظ مؤخرا، حسب ما أعلنته جمعيات عاملة في مجال تأهيل المتضررات من الاغتصاب.
وكانت محكمة في موريتانيا، جنوب البلاد، قد حكمت، في الشهر الماضي، بالإعدام قصاصا على أحد الأشخاص، بعد اغتصابه إحدى الفتيات ودفنها في مكان مهجور، قبل أن تنبش الحيوانات الضالة جثتها، التي عثرت عليها الشرطة بعد أيام من البحث والتحقيق والقبض على الفاعل».
ظاهرة الاغتصاب، التي استفحلت وتوغلت كوحش لا يرحم بين فئات المجتمع واستهدفت الفئات الهشة من النساء والأطفال، لا تفرق بين الجنسين، بين الصغار والكبار.
يستخدم الجناة فيها الاستدراج والقوة والتعدي والانتهاك، ثم القتل للتغطية على جرائمهم المروعة. قبل أن تستفحل هذه الظواهر وتتمدد وتخطف كل يوم ضحية لا حول لها ولا قوة، بدأت تظهر المطالبات بردع مرتكبي الاغتصاب والقصاص منهم، وبين مطالب بالإعدام، ورفضه طالب بعض الحقوقيين بـ»الخصي الكيميائي» لا سيما بعد حادثة اغتصاب ومقتل الطفل عدنان في مدينة طنجة المغربية الحادثة التي هزت المغرب.
ومع كل ذلك لا يكفي الخروج في مناسبات والتنديد بما يحدث من اغتصابات وإن كان ذلك ضروريا بعد وقوع الفأس في الرأس، لكن لا بد من توعية تبدأ من الأهل مرورا بالمدارس ومختلف وسائل الإعلام من خلال ومضات إشهارية، لعل هذا يخفف من حدة هذه الأورام التي تسري في جسد المجتمع وتخلف خرابا لا يعمر.
مريم بوزيد سبابو كاتبة من الجزائر.
نقلا عن القدس العربي