لا جدال في أن خطوة إحالة رئيس سابق مع شخصيات وازنة من أركان حكمه، من ضمنهم وزيران أولان، تعتبر خطوة رائدة في الاتجاه الصحيح الذي كان، إلى وقت قريب، ضربا من خيال أكثر المعارضين تفاؤلا.
لقد بات من حقنا تخليد عيدنا الوطني الجديد، وتدوين يوم الثلاثاء الثاني من شهر مارس لحظة تاريخية هامة سيكون لها ما بعدها، باعتباره "الثلاثاء الأبيض"، الذي سلكت فيه موريتانيا منعطفا غير مسبوق منذ استقلالها.
فبعد عقد ونيف من اختطاف البلد، وتبديد ثرواته على نحو لم نشهد له مثيلا، عاد المستقبل ليُشرق، وانتفض الأمل ليبتسم، ودبت الحياة في عروق التفاؤل.
لقد تحطمت دعاية المرجفين والمشككين، طوال الأشهر الماضية، على صخرة المضي قدما في حلقات اتهام المفسدين ومحاكمتهم، لتصل اليوم محطة القضاء ليقول كلمته الفصل، انتصارا للوطن وإنصافا للمواطنين.
إن حدث إحالة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وبعض أركان نظامه للنيابة العامة يجب ألا يمر دون أن نستخلص منه دروسا وعبرا ستفيدنا في قابل الأيام.
فبعد اليوم، سيفهم الجميع، موالاة ومعارضة، أن لا حصانة لمن تورط في عمليات فساد بحق الدولة والشعب، مهما علا منصبه وقويت شوكته، ومهما تجبر وتكبر.
وبعد اليوم، سيدرك الكل، موالاة ومعارضة، أن التمترس خلف الولاءات القبلية والجهوية والعرقية، لن يشكل أمانا من الملاحقة في قضايا الفساد.
وبعد اليوم، ستدرك البرلمانات القادمة أن دورها يجب أن تلعبه، وأن رقابتها يلزم أن تُفعِّلها، وأن لها استقلالية لا يمكن التنازل عنها.
وبعد اليوم، سيستشعر المرجفون والمشككون أن دعاياتهم المغرضة لصالح المفسدين باتت بضاعة رخيصة لا أُذْن ستعيرها الاهتمام، ولا عقل سيمنحها التصديق.