دبي – مرفت عبد الحميد
أكد أخصائيون نفسيون اجتماعيون ومستشارون أسريون أن الصيام فرصة للتخلص من المشاعر السلبية والتصالح مع النفس، وأنه يرتقي بالصفاء والطمأنينة في النفوس، مشيرين إلى أن للصيام فوائد عديدة للصحة النفسية للفرد، أهمها إنماء الشخصية وتحمل المسؤولية، فالصيام يدرب الإنسان، وينمي قدرته على التحكم في الذات، وتصبح الغرائز تحت سيطرة الإرادة وقوة الإيمان، فيشعر الصائم بالطمأنينة والراحة النفسية، ويخلص النفس البشرية من الكثير من المشاعر السلبية، مثل الطمع والحرص، والحقد والتكبر والعدائية، والأنانية واللامبالاة بالآخرين والكراهية، والتي تتفاعل باستمرار داخل النفس، وأحياناً يولد هذا التفاعل أمراضاً نفسية متعددة.
انعكاس إيجابي
وفي هذا الإطار، قال الدكتور محمد خير الله الخبير النفسي: في رمضان يتجلى كبح جماح النفس، وتربيتها بترك العادات السيئة، كذلك يحاول كل منا الابتعاد عما يعكر صيامه من محرمات سلوكية مثل السباب والمشاحنات وقول الزور والعمل به، فيحافظ على السلوك الجيد ما ينعكس إيجاباً على المجتمع كله، فقد أثبتت الدراسات انخفاض نسبة الجريمة خلال شهر رمضان، مضيفا: من فوائد الصيام الأخرى أنه يخضع الجسد فيقوي الروح، ويستطيع الإنسان الصائم السيطرة بذلك على دوافع غرائزه السيئة ويرتقي في معارج الصفاء والطمأنينة مستأنساً بالروح النقية.
وقالت الدكتورة إيمان عبد الحكيم زايد: إنه المعروف أن المخ يتغذى على السكر الجلوكوز» والمواد الغذائية التي يتناولها الإنسان يجب أولا أن تتحول إلى سكر جلوكوز كي تحمله الدورة الدموية إلى المخ ومن هنا يتضح السر في هذا الارتباط بين نسبة السكر في الدم وبين الحالة النفسية (الفكرية، العاطفية، السلوكية).
وتابعت: وجدت بعض الدراسات أن انخفاض نسبة الغلوكوز الذي يصل إلى المخ خلال فترات الصيام يرتبط بآليات عصبية لتعويض ذلك النقص؛ فيقوم خلالها الجهاز العصبي بزيادة فاعليته الوظيفية، ما يؤدي إلى تحسين الحالة المزاجية.
مناعة نفسية
من جهته، يقول الدكتور جاسم المرزوقي استشاري العلاج النفسي أن للصيام فوائد روحية وجسدية وأيضاً نفسية تتمثل في المناعة النفسية ضد القلق والخوف والاضطرابات بسبب الجو الإيماني والروحاني المصاحب لشهر رمضان، فالصوم يساعد المسلم على إنماء شخصيته بمحاولته الوصول إلى الصورة المثالية للشخصية الصحيحة نفسياً.
وعن علاقة الصيام بالأمراض النفسية أكد الدكتور المرزوقي أن الصيام يدرب الصائم وينمي قدراته على التحكم في الذات فهو يخضع كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة بقوة الإيمان، كما أن الصوم يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات وميول الشر.
فالصيام يعطي صاحبه صحة نفسية جيدة، والمعروف أن الامتناع عن الطعام في الصيام يؤدي إلى إحداث نقص في السكر بالدم وهذا يسبب نوعاً من الكسل الذي يؤدي إلى الضعف والقابلية للإيمان تجعل الإنسان في حالة من عدم الاختيال بالذات والضعف الدنيوي ومن هنا يأتي الخشوع لله عز وجل، وهكذا نجد أن الصيام هو الذي يعمق الخشوع والإحساس بالسكينة.
تواضع
بدورها، قالت ناعمة الشامسي، مستشارة نفسية وزوجية وأسرية: إن الصيام قد يحدث انخفاضاً في نسبة السكر في الدم، وكذا ضغط الدم، فيشعر الصائم بالكسل وحالة من الضعف العام، ومن ثم يكون الإنسان في حالة من التواضع وعدم الاختيال، ومن هنا يأتي الخشوع، وهو ما يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته.
كما يحس الصائم في بعض الأحيان بالعصبية، فيأمرنا الرسول الكريم بالسيطرة عليها ليكتمل صيامنا، فيتحقق أحد أهداف الصيام وهو التحكم في النفس البشرية وميولها العصبية، وهذا هدف متميز من أهداف الصيام ومعه يحصل الود بين أفراد العائلة.
وأضافت أن هناك خلقاً دينياً يترسخ في شهر الصيام، وهو الشعور بالانتماء، وصلة الرحم، سواء كان ذلك بتناول الوجبات مع الأسرة أو بالتزاور مع الأهل، وتوطيد الأواصر بينهم، أو صلاة الفرائض والتراويح في جماعة، فضلاً عن الإحساس بمشاركة طقوس الشهر مع المجتمع الإسلامي كله، كما تعم مظاهر التراحم بين الناس ما يبعث على الطمأنينة والسلام النفسي، وهذا السلوك في ميدان الصحة النفسية يرتقى بالصائم إلى قمة الشعور بالسعادة والرضا ويبعده عن الخوف والقلق.