نحن الآن ندفع بمرارة فواتير فساد و إجرام ولد عبد العزيز ؛ ندفعها سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا و أمنيا ..
لقد دمر هذا العلج الحاقد ، كل منظومتنا الأخلاقية و احتقر مجتمعنا و نهب خيراتنا و أرخى العنان للجريمة بتوفير كل أسبابها و وسائلها و دوافعها في أجندة شيطانية لا تخفي أهدافها و لا تحيل إلى غير "أنا و من بعدي الطوفان" تماما كما أراد و خطط ولد عبد العزيز بالضبط.
- تعاني بلادنا اليوم من انتشار المخدرات . و منذ 15 عاما و نحن نصرخ بأعلى أصواتنا : هذا المجرم يقود مجتمعنا إلى الهاوية..
- تعاني بلادنا اليوم من انتشار الخمور و الحبوب المهلوسة و التركيبات المحلية الأكثر خطورة على العقل و الصحة و كلها مواد تغص بها الأسواق ، انتشرت في عهد عزيز كما لو كانت إحدى أولويات السوق الأكثر أرباحا و أهمية..
- تعاني بلادنا اليوم من انتشار دور القمار و التشبيك و هي ماركة مسجلة باسم عشرية الشؤم وقف عزيز بكل طيشه ضد تجريمها أو محاربتها حتى أصبح بيت من حوالي كل عشر بيوت في بعض المناطق بالعاصمة، وكرا للقمار أو الدعارة أو عرين منحرفين يعج بروائح البودرة و الأسلحة النارية و الخناجر و السيوف و آلات الطعن و مخزون غنائم أقرب إلى متحف هواتف نقالة لكل الماركات و الأجيال..
- تعاني بلادنا من فساد الإدارة و القضاء و السجون و ما نسميه فسادا، بلا اسم في العالم لأنه يتجاوز حدود الاستيعاب في كل أبعاده ..
هذه الألغام الموقوتة في كل جوانب الحياة هي كل ماتركه عزيز لمن يأتي بعده ، في بلد يمشي على جراحه منذ احتلته عصابة عزيز ، تُثقلُ كاهله المديونية الخارجية و الداخلية و تعجز إدارته عن النهوض بحمولتها البشرية الزائدة من المفسدين و أصحاب الوساطات و النفوذ و الأهل و الأقارب و الأصدقاء..
و لأن الدولة استمرارية ، كان لا بد لهذه الألغام أن تنفجر في زمن من يأتي بعده . و لأن الشعوب تعتبر كل التبريرات تقصيرا و عجزا ، كان لا بد لمن يأتي بعد عصابة العلج، أن يتحمل طوفان الانتقادات و الاتهامات لأن محاولة النظام رد كل شيء إلى سابقه هو الضعف الاستسلامي المرفوض مهما كانت صحته..
و. مهما كان النظام في وضع لا يحسد عليه لأسباب معلومة و مفهومة ، تم التخطيط لها بدقة منذ أكثر من عقد من الزمن على أرضية زلقة في زمن طغيان هوس الميلتيميديا ، يظل من واجبنا أن ننتقد النظام و نتهمه و يظل من واجبه أن يتحمل و يمتصَّ و يتفهم.
ما نحتاجه اليوم هو أن نعي أن إحرام عزيز في حق بلدنا لا يبرر تبريراتنا ؛ يجب على النظام أن يتحمل مسؤولياته و أن يترك للرأي العام مهمة إظهار ما كان هذا المجرم يقود بلادنا إليه..
لم يترك ولد عبد العزيز في هذا البلد غير مكان فارغ أو مكان ملغوم . و على من يريد مواجهة هذه الحقيقة أن يتحلى بالصبر و طول النفس و الصرامة ، لكن عليه أن يؤكد للناس أن الدولة لم تمت (بعد قتلها) و أن الوضع لم و لن يخرج على السيطرة و أن القضية مسألة وقت ..
الكثيرون لم يصدقوا بعد ما كان يخطط له هذا المجرم و أكثر منهم من لا يصدقون استعداد أصحاب حسابات تاريخية (لا تلوح في الأفق) لركوب الموجة بذريعة عجز النظام أو علات مشابهة ، لا بخلو من بعضها أي نظام في العالم. و حين يصبح إثبات عجز النظام غاية محفوفة بالأماني لا وسيلة لتصحيح مسار لا ندرك ما يواجهه من إكراهات و لا نملك ما يملكه من معلومات ، يصبح توقيف ولد عبد العزيز ضرورة وطنية لقطع الطريق أمام كل المشاريع الانتهازية المعروفة كلها بقديمها و جديدها و التي ظهر اليوم جليا أنها تكتم عزاءً أقدم لم تعد صدورها تتحمل إخفاءه..